النسور الستّة.. ملوك الصَّبر بقلم| عباس زكي
بقلم| عباس زكي
بعد عشرات السنين من انتظار طال بتحقيق الأمل بإنقاذ أسرى الحرية أو التخفيف من معاناتهم، باعتبارهم، وفق اتفاقيات جنيف، أسرى حرب، ولهم معاملة خاصة، صنع هؤلاء الأسرى الأمل بإبداعاتهم الخلاقة وإرادتهم الثورية وتصميمهم على نيل الحرية، مهما كان حجم الخطر.
العمليّة البطوليّة انتصرت فيها إرادة أسرى الحريّة عبر تحطيم نظرية الأمن الاستراتيجية لمعسكرات الاعتقال الإسرائيلية، وخصوصاً معتقل جلبوع “جلبون” الأكثر تحصيناً من حيث الموقع والبناء والتكنولوجيا واليقظة الدائمة للسجانين. ورغم كل ذلك، وفي توقيت لافت، بالتزامن مع عيد رأس السنة العبرية، شقَّ أبطال الحرية طريقهم تحت الأرض، لينطلقوا في فضاء الحرية، في ظل ذهول العدو وارتباكه بهذا الحدث الأخطر الذي وصفه أحد كبار المسؤولين الأمنيين الإسرائيلية بأنه فشل أمني كبير، مثل الفشل الأمني في حرب أكتوبر 73.
سيكون العنوان الأبرز في اختراق العقل الصهيوني أنَّ الشعب الفلسطيني لن يستسلم ولن يركع إلا لله وحده، وعلى كل من يتجاهل عدالة القضية الفلسطينية ومكانتها الروحية كمسرى سيدنا محمد وقيام السيد المسيح أن يقف ويفكّر، ويؤمن بأنَّ الشّعب الفلسطينيّ شعب حرّ يرفض العبودية – وهو شعب مستقلّ الإرادة يرفض التبعية – شعب أكبر من قيادته، باعتباره شعب الجبارين، وإذا ما فقد الأمل صنع المعجزة.
ألا يستوجب العمل البطوليّ للنّسور الستّة وضع الحركة الأسيرة على قمة جدول أعمال القيادة والشعب الفلسطيني والمنظمات الدولية، وخصوصاً حقوق الإنسان، للعمل على إنقاذ الفلسطينيين، ووقف مطاردتهم ومحاربتهم في لقمة عيشهم وأسرهم، من خلال الضغط على السلطة الوطنية الفلسطينية لوقف مخصصاتهم؟
هؤلاء هم ملوك الأسر وملوك الصبر، فالسيد المسيح الفلسطيني طورِدَ لأيام بقصد قتله، إلا أنه ارتقى إلى السماوات العلى، ليكون إلى جانب الرحمن. إنهم فرسان الصبر الَّذين جسّدوا الوحدة الوطنية الحقيقية في أرض الميدان، ما يستوجب وحدة كل الفصائل والقوى لمواجهة التحديات القادمة التي لن تتم إلا بعد ترتيب البيت الفلسطيني… وحيث إن الإنسان هو أهم ما نملك، فكيف عندما يكون على شاكلة هؤلاء الأبطال؟
نحن لا نستطيع نقل الأرض، ولكن باستطاعتنا أن نزرع الإنسان في هذه الأرض، وهو أداة تحريرها. ووفقاً لمحمود درويش: “على هذه الأرض ما يستحقّ الحياة”.