ما بين معسكري الانفصال والوحدة.. عدن بعد عامين من سيطرة الانتقالي عليها
عدن – مراد العريفي
مع تبدل وجه مدينة عدن اليمنية، حزم ماجد صالح أمتعته وانطلق باتجاه الشرق، إلى محافظة المهرة، كان يرى حينها أن المدينة التي اتخذتها حكومة هادي عاصمة مؤقتة لم تعد تقبل الجميع منذ أن سيطر المجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات عليها.
وشهد الأسبوع الأخير من شهر أغسطس/آب 2019 معارك عنيفة بين القوات المدعومة إماراتيا والموالية لحكومة هادي، انتهت بهزيمة الأخيرة بعد دخول المقاتلات الحربية الإماراتية على خط المواجهة، وشنها غارات على رتل عسكري حكومي ضخم شرقي عدن، كان في طريقه لحسم السيطرة على المدينة.
ومنذ ذلك الحين، أحكمت قوات المجلس الانتقالي سيطرتها على عدن، وأحالتها إلى مناطق نفوذ للمسلحين حسبما يقول ماجد، مشيرًا إلى أن الخراب طال معظم المدينة.
ويضيف أنه “لا يكاد يمر يوم واحد دون أن نسمع عن حادثة قتل أو اشتباكات مسلحة في المدينة”.
وبالتزامن مع حلول الذكرى الثانية لسيطرة الانتقالي، نفذت قواته حملة مداهمات في حي دار سعد، شمالي المدينة، واعتقلت العشرات ممن يشتبه أنه يؤيد الحكومة، وأحرقت منزل العميد أمجد خالد قائد لواء النقل، حسبما كتب في تدوينة موقع فيسبوك.
معسكر كبير
في المدينة التي عُرفت بالتعايش والتناغم بين سكانها ندر أن يحمل الرجال السلاح، غير أن الأمر اختلف تماما، إذ صارت عدن معسكرا كبيرا، وفق ما يقول الفنان المسرحي عمرو أحمد الذي غادر هو الآخر المدينة.
ويضيف عمرو أن حمل السلاح وانتشار المسلحين بات مظهرا شائعا.
وعلى مداخل المدينة وشوارعها الرئيسية تنتشر العشرات من الأطقم والعربات المسلحة والحواجز الأمنية لقوات الانتقالي، وغالبا ما تمارس حملات تضييق على سكان المدينة المنحدرين من المحافظات الشمالية.
وبات من الصعب الحديث في عدن بما يعارض المجلس الانتقالي في ظل حملات الاختطافات المتكررة للنشطاء والمعارضين. ويقول آخر، إن رسائل التهديد بالقتل تصل إليه بصورة دائمة، حتى أنها كانت تصل من أسفل باب منزله.
ويضيف الناشط الذي فضّل عدم ذكر هويته لدواع أمنية، أنه اضطر لتغيير مكان منزله مرارا. ويقول “نحاول مجبرين أن نتعايش مع مدينة ترفض وجودك”.
وأجبر المجلس الانتقالي حكومة هادي على مغادرة عدن في مناسبتين، كما أعلن الإدارة الذاتية للجنوب قبل أن يتراجع عنها منتصف 2020، إذ وجد نفسه غير قادر على التعامل مع انهيار الوضع الخدمي والإنساني، وسط مطالبات له بتحمل المسؤولية.
وباتت المظاهرات والاحتجاجات المطالبة بتحسين الخدمات حدثا يوميا، فيما سحب المئات من التجار أعمالهم إلى مدن أخرى خشية انفراط الأوضاع مجددا. وواجه الانتقالي مطالب الاحتجاجات، بدعوة الحكومة للعودة إلى عدن وتوفير الخدمات رغم كونه من أجبرها على المغادرة.
وفي حي المنصورة وسط المدينة يقرفص الأهالي تحت ظلال المنازل التي تنقطع عنها الكهرباء لـ8 ساعات متواصلة، ومن ثم تعود للعمل لمدة ساعتين فقط، وهو وضع أصاب سكان المدينة بالتبلد كما يقول الفنان عمرو أحمد.
هدف الانفصال
وقادت السعودية اتفاقا بين حكومة هادي والانتقالي يقضي بعودة الأوضاع إلى ما قبل بدء المعارك، غير أنه لم يُطبق حتى اليوم عدا تشكيل حكومة مناصفة. وبموازاة ذلك يؤكد الانتقالي على أنه سيذهب إلى هدفه المتمثل في انفصال جنوب اليمن عن شماله.
لكن وزير النقل السابق في الحكومة صالح الجبواني، وهو أحد الشخصيات التي قادت المواجهات ضد الانتقالي حينها، قال إن الانفصال مستحيل، فـ99% من الجنوبيين ضد الانفصال، كما أن المجلس الانتقالي يحكم جزءًا بسيطًا من أرض الجنوب.
وقال في وقت سابق للجزيرة نت أنه لولا دعم الإمارات لما سيطر الانتقالي على عدن.
وقال الجبواني إنه في حال توقف الدعم للمجلس الانتقالي فإنه سينتهي، “فهو مجلس مناطقي يمثل منطقتي الضالع ويافع فقط وحتى مواطني هاتين المنطقتين ليس كلهم مع الانتقالي. الانتقالي مثل الحوثي يتغذى على ضعف الشرعية وارتهانها وأطماع التحالف ومؤامراته لتفكيك اليمن”.
حلم الانفصال
ويرى الباحث في مركز أبعاد للدراسات الإستراتيجية، فؤاد مسعد أن الانتقالي الجنوبي يؤكد منذ تأسيسه في مايو/أيار 2017، أن ذلك هدفه الرئيسي، غير أنه كان يعول على اتفاق الرياض لتهدئة التوتر في الجنوب.
ويقول إن الأوضاع في عدن لم تشهد أي تحسن سواء من ناحية الخدمات العامة أو تطبيق اتفاق الرياض، خاصة البنود المتعلقة بالشق الأمني والعسكري.
ويرجع مسعد فشل الاتفاق إلى غياب آلية ضغط لتنفيذه وإجبار الطرفين على تطبيق ما تم توقيعه خلال المدة الزمنية التي وضعها الاتفاق.