في منزل أبسط مواطن.. ألف قطعة أثرية! بقلم| رياض الزواحي (1 – 2)
بقلم| رياض الزواحي
الآثار تجارة رائجة دعمها القانون في اليمن وروج لها الإعلام الرسمي أيضا، فكثير من المواطنين اليمنيين وحتى سماسرة تجارة الآثار في بعض المناطق الأثرية و غيرها كانوا يقتنون الآثار بدون تحفظ أو خوف، لأن التشريع القانوني في عهد صالح سمح للمواطنين، وطبعا قادة الالوية مواطنين وكبار المشائخ وحتى اللصوص مواطنين باقتناء الآثار بحجة الحفاظ عليها وما زاد الطين بلة كما يقولون أن الإعلام الرسمى تم توجيه ليساند ويشجع ويتغنى باقتناء المواطنين لمئات القطع الأثرية في منازلهم و يحاول تسويقه بشكل متكرر، وهذه من ضمن أسباب رئيسية ساهمت في ازدهار تجارة تهريب الآثار بشكل كبير وحتى بعد إصدار قانون يمنع اقتناء الآثار من قبل المواطنين استمرت تجارة الآثار في كل محافظات اليمن الواحد حتى عام 2015 م باستثناء ما يسموها مناطق محررة وهي مازالت تحت الإحتلال للأسف، واللافت أن تهريب الآثار وعمليات التنقيب العشوائي للآثار مع الاحتفاظ بها من قبل سماسرة المسؤولين الكبار تركزت في عدة محافظات يمنية أثرية مشهورة مأرب والجوف وشبوة القديمة وحضرموت وتعز وعدن وكذا عدة مناطق سنذكر بعضها على سبيل المثال، ونأتي للبقية في قادم الأيام والبداية في قرية مقولة الاثرية في منطقة سنحان والتي كان ينتمي إليها 80 %من قادة الجيش بمن فيهم القائد الأعلى للقوات المسلحة آنذاك لهذا لم يكن بغريب أن يتغنى الإعلام الرسمي في تلك الفترة بمبادرات المواطنين الشرفاء في الاحتفاض بالآثار والتنقيب العشوائي عن الآثار و يعتبرها مبادرة حسنة وايجابية دون الاكتراث بالألف القط الأثرية التي جمعت بفضل هذه المبادرات الإيجابية ولم تورد قطعة واحدة منها الى أي متحف في اليمن بل ظلت في منازل المواطنين كمسرحية هزلية لتزييف وعي المجتمع وتغطية جرائم تهريب الآثار الى خارج اليمن.
وكمثال على سذاجة وتوجيه الإعلام الرسمي لدعم نهب الآثار وبصورة مشروعة ما ذكرته وكالة سبأ للأنباء الرسمية في أحد تقاريرها في 12 مارس 2009، عن المبادرات الجميلة للحفاظ على الآثار في قرية مقولة بسنحان حيث ذكرت في تقرير صحفي أنه في قرية مقولة بسنحان 15 كيلومتراً جنوب شرق العاصمة صنعاء أن المواطنين و بجهود ذاتية وفردية في الحفاظ على الآثار عبر متحف بداخل منازلهم وان أحد المواطنين عثر على بئر قديم بالقرب من منزله ، ووجدت فيه العديد من الأواني الفخارية والبرونزية وتماثيل أيضا.
كما وجد أعواد خشبية من خشب الصندل، توجد عليها كتابات بخط الزبور، تلفت بعد تعرضها للشمس، وتحكي هذه الأعواد حكايات دول قديمة، ويوضح ذلك جمال و دقّة النحت على هذه الأعواد و ان عدد من أهالي القرية يمتلكون عشرات أضعاف ما يمتلك هذا المواطن في منزله الذي حوله إلى متحف وبداخله حوالي ألف قطعة أثرية موضوعة على مساحة لا تتجاوز الثلاثين مترا مربعا نعم أكثر من ألف قطعة أثرية وهو أقل المواطنين حظا في جمع الآثار والاحتفاظ بها؟ فهل يصدق القارئ في الوطن العربي والعالم وفي المريخ وزحل ماذا يحدث في اليمن وفي قرية واحدة فقط وليست بشهرة المدن الأثرية اليمنية في مأرب وشبوة وحضرموت وتعز وعدن والجوف وإب، وغيرها من المحافظات اليمنية، وهذه ليست حكاية أسطورية نقرأها من كتاب الف ليلة وليلة ولا تراجيديا توفيق الحكيم للأسف واقع مرة تعرضت له معالم حضارات ظهرت في بلاد اليمن قبل أن يكتب التاريخ وقبل سبعة الف عام قبل الميلاد ولكم أن تتخيلوا الوضع في المدن اليمنية القديمة وبالنسبة لي لا أتجرأ أن أتخيل فالصورة أبشع من الخيال في كل الأحوال والواقع أكثر قتامة. ومع وقائع نهب الآثار الموثقة لقرية مقولة الصغيرة والقديمة سنعيش حكايات مؤلمة وغريبة في المقال القادم.