في وطني.. الاقتصاديون لا يعرفون معنى اقتصاد الدولة بقلم| حاتـم عثمان الشَّعبي
بقلم| حاتـم عثمان الشَّعبي
عندما ننام ونصحو على خبر مهما كان جميل أو سيء لكننا باليوم التالي بالأمر الطبيعي لن نصحو على نفس الخبر وإذا الصدفة جعلته يتكرر يوم أو يومان ولنفترض ثلاثة أيام متتالية لكن أكثر من ذلك مستحيل ولكننا وبالفعل منذ أكثر من ألف يوم ونحن ننام ونصحو على نفس الخبر وياليته كان خبر جميل بل هو خبر كارثي ولا يعطينا سوى الإحباط ويغلق أمامنا الأفق لأي أمل يحقق لنا عيشة كريمة.
والمصيبة العظمى هي أن الخبر يؤثر على كافة أبناء الوطن فيما عدا من هم بالسلطة ويستلمون رواتبهم بالدولار والعملة الصعبة فهؤلاء لا خوف عليهم ولا يحزنون لأنهم عندما يستيقظون من نومهم لا يفتحون عيونهم إلا بصوت الفنانة فيروز ويتنفسون رائحة الياسمين والإفطار بما لذ وطاب أمامهم جاهز على السفرة وهم لا يعلمون أن إفطارهم ليوم واحد هو بقيمة الوجبات الثلاث لمدة شهر كامل لأسرة مكونة من أربعة أفراد.
وهنا يبقى المواطن دائماً هو الضحية والذي بسبب التدهور الاقتصادي وارتفاع سعر صرف العملات لم يستطع من ذبح الأضحية أو إطعام أسرته لحمة العيد بخلاف مصر الحبيبة والتي تم توزيع لحوم الأضاحي لكل بيت وبالشوارع من قبل المواطنين لتجد بين يديك لا يقل عن ثلاثة إلى خمسة كيلو من اللحم لأن التكاتف الإجتماعي ورحمة الفقير ووجود الإيمان الكامل بقلوبهم فالمقتدرين لم يغلقوا أبوابهم لأنفسهم بل فتحوها لكل جيرانهم وأهلهم ومنهم من إبتعد أكثر ليصل إلى ما تسمى “مناطق العشوائيات” وهي أفضل من حاراتنا التي ظهرت بين “ليلة وضحاها” من خلال البسط على الأراضي والبناء “بمنتصف الليل” دون تخطيط أو موافقات من الجهات الرسمية بالدولة ونسأل المولى عز وجل أن يحفظ مصر وشعبها وقيادتها من كل مكروه ونرفع أكفنا ليل نهار وبكل صلاة وندعو الله تعالى أن يفرجها على وطننا رغم أننا لا نرى من الأفق سوى سواده حيث تجاوز الدولار حاجز الألف الريال رغم مكوثه لفترة بمبلغ ستمائة ريال ولأنه لا يوجد لدينا اقتصاديون يفهمون بالاقتصاد فتسارعت خطوات تراجع العملة المحلية دون أن نرى حلولاً ومعالجات جذرية ورغم طرح العديد من الحلول من قبل أكاديميين وناشطين وباحثين ولم نسمع سوى حل واحد وهو أن “البنك المركزي يتخذ العديد من الإجراءات للحد من تدهور العملة المحلية” ولكن قبل أن يجف حبر هذا الحل من البنك المركزي إلا وأزمات المواطن اليومية تزداد وتتضاعف إبتداء من ركوبة الباص لذهابه لعمله وحتى عودته لمنزله والذي لا يجد ما يأكله ليجدد طاقته ويقوي ذهنه بعد يوم عمل متعب.
وبما أننا لازلنا كشعب نتنفس ونتحرك ونتحدى الصعاب إلا أن هذه الكبرة إلى متى ستستمر فمن يستطيع أن يوفر قوت يومه البسيط رغم تنازله عن العديد من المكملات الغذائية بسبب الارتفاع المخيف للأسعار فغداً لن يستطيع على توفير الأساسيات من المواد الغذائية لإستمرار التدهور بعملتنا والأسعار ترتفع والرواتب تقل قيمتها الفعلية والتي أقرت في ظروف معيشية بذاك الزمن الجميل قبل عشرات السنين.
ونحن هنا لا نطالب برفع الرواتب لأننا وكما تعودنا بأن أي رفع للرواتب سيواجه إرتفاع الأسعار والإيجارات “وكأنك يا بوزيد ما غزيت” لذا فنحن اليوم نطالب بتفعيل دور التعاونيات بأسرع وقت ممكن ويتم صرف المواد الأساسية شهرياً بالبطائق التموينية لكل المواطنين واختيار الأنواع الجيدة منها لتستوردها الدولة مباشرة لعدد عشرة أصناف بحيث تصرف للفرد وليس للأسرة وبحسب البطاقة التموينية حتى نكون منصفين لتكتفي الأسرة بغذائها من هذه المواد الغذائية طوال الشهر.
وكما ذكرنا بمقال سابق والذي كان تحت عنوان “أيها الشعب من معه دولار لن يسأل عنك والذي نشر يوم 17 يونيو 2021” وأكدنا به على ضرورة إعادة النظر باللجنة الإقتصادية وإدارة البنك المركزي بشكل سريع قبل أن نرى سعر صرف الدولار قد وصل الألف وخمسمائة ريال مع منحها كافة الصلاحيات ومنع صرف الرواتب بالعملات الصعبة لجميع العاملين بالدولة سواء داخلها أو خارجها فيما عدا أعضاء السلك الدبلوماسي وكذلك من يعمل بأرض الوطن حتى الذين يعملون بالمنظمات والأمم المتحدة وغيرها فهل هناك قلوب ترحم وعقول ترأف ومشاعر تقدر أم أن من بطنه ممتلئه ليس له هم إلا أن يريح عليها بشرب مساعد الهضم “فروتي”.