ألم يحن الوقت لرفض معايير أحسنكم حسبا وأقربكم نسبا وأكثركم مالا وأعظمكم جاها؟ بقلم| إبراهيم الكبسي
بقلم| إبراهيم الكبسي
العالم من حولنا يتقدم في حضارته ويتطور في مناهجه ويصنع المعجزات الإنسانية ويقدم دروسا في قيم النزاهة والعدالة والمساواة والتعايش والتسامح والقبول بالآخر، لأنه عرف الحقيقة التي تقول أن المعيار الحقيقي لاختيار الحكام هو العلم والعمل والخبرة والخدمة المجتمعية، لذلك فهم يختارون أغزرهم علما وأحسنهم عملا وأكثرهم خبرة وأفضلهم رصيدا في خدمة مجتمعه لكي يتقلدوا المناصب الرفيعة لقيادة البلاد والنهوض بالأمة.
نعم العالم من حولنا يحدث أفكاره ويطور نظرياته ويسموا في انسانيته وتعايشه مع الآخر بل وقبوله بالمختلف معه في الدين والعرق والجنس واللون فيما نحن غارقون في مناهج الزيف والكذب والتقليد والعصبية والعرقية والطائفية والمناطقية والسلالية التي لا تزال تتحدث عن أحقية سلالة أو قبيلة أو منطقة أو عرق أو لون أو جنس في الحكم والعلم والثروة.
فلم يكن باني معجزة الصين عربيا ولم يكن صانع أعجوبة اليابان قرشيا ولم يكن رائد الحضارة الألمانية هاشميا، ولم يكن قائد الحضارة الأمريكية علويا، ولم يكن مؤسس الجمهورية الفرنسية حسينيا، الحقيقة تقول أن جميع من بنوا معجزات الحضارة الغربية والشرقية الحديثة كانوا شخصيات من عامة الناس لا حسب لهم ولا نسب ولا جاه ولا ثروة، بل كانوا جهابذة في العلم وعمالقة في العمل وأساتذة فاضلون في الأخلاق الإنسانية ومعلمون رائدون في قيم التسامح والتعايش والعدالة والمساواة بين البشر وخادمون متواضعون ومخلصون لشعوبهم.
ألسنا نحن الأمة التي لم تنتظر دفن نبيها ورسولها المعلم حتى اختلفت وتصارعت على من له الحق في الخلافة و الحكم والملك؟ أليست المناهج المذهبية المختلفة ممتلئة بأباطيل تتحدث عن أحقية العرب وقريش وبني هاشم والعلويون والفاطميون والحسينيون في الحكم، وكل فرقة تتهم الفرقة الأخرى بالضلالة وبأنها سلبت حقها في الحكم والثروة؟ ألسنا تلك الأمة التي حرمت شعوبا كثيرة دخلت الإسلام من حقها في حكم بلادها وادارة مواردها المالية؟ ألم نحرم الهنود والفرس والتركمان والرومان والأقباط والبرابرة والأفارقة والأندلسيون من حقهم في ادارة بلدانهم بداعي أن الحكم لا يكون إلا في أمة العرب؟ أليست مذاهبنا تقول هذا الكلام حتى يومنا هذا؟
إذا لم يقم المسلمون عامة والعرب خاصة بتبرئة دين الله من هذه الأكاذيب التي تمتليء بها كتب مذاهبهم المختلفة ويقومون بتصحيح تراثهم المذهبي الديني وتخليصه من السلالية والعرقية والشعوبية والمناطقية القبيحة فإنهم سيظلون متخلفين عن ركب الحضارة الإنسانية ومختلفين فيما بينهم على قضايا باطلة ما أنزل الله بها من سلطان.
ألا تكفي ١٤ قرن مضت علينا ونحن في خلافات ونزاعات وصراعات وحروب بسبب مناهج باطلة تتنازع أحقية الملك على أساس سلالي وقبلي وعرقي؟ ألا يكفينا هذا التقليد الأعمى والإتباع الضال لمناهج مزيفة لدين الله القويم الذي جعل الحكم لمن هو أحسن عملا وجعل أكرم الخلق عند الله أتقاهم؟ ألم يحن الوقت لرفض معايير أحسنكم حسبا وأقربكم نسبا وأكثركم مالا وأعظمكم جاها وتثبيث معيار أيكم أحسن علما وعملا كمعيار أساسي واستحقاقي لتولي الحكم وتقلد المناصب؟