تفاهمات بين الانتقالي والحوثيين في معركة البيضاء.. هل العودة إلى الحدود الشطرية مطروحة على الطاولة؟
حيروت – صنعاء
استكملت قوات الحوثي، خلال الأيام الماضية، السيطرة على المناطق الممتدّة بين مديريتَي الزاهر الواقعة شرق محافظة البيضاء، ومناطق مديرية يافع الحد الواقعة في نطاق محافظة لحج، من دون أن تنجرّ إلى محاولات السعودية توريطها في الاقتتال مع قوات “المجلس الانتقالي الجنوبي” الموالي للإمارات.
ووفقاً لأكثر من مصدر قبلي، فإن وساطة قبلية قامت بين مشائخ الزاهر الموالين لحكومة الحوثي وقبائل يافع، أفضت إلى إبرام اتفاق جديد يُجنّب مناطق الطرفين القتال.
وأفادت المصادر بأن الاتفاق يُلزم قبائل يافع بمنع أيّ هجمات من أراضيها باتجاه مواقع الحوثيين في الزاهر، مقابل امتناع قوات الحوثي عن التقدّم نحو مناطق يافع وبقائها ضمن حدود الزاهر.
هذه المساعي القبلية، التي جرت بضوء أخضر من جماعة الحوثي ومن “الانتقالي” أيضاً، أزعجت السعودية التي سبق لها أن هدّدت مشائخ قبائل يافع بالاستهداف بالطيران في حال اعتراضهم التعزيزات العسكرية لقوات “العمالقة” السلفية الموالية للرياض. وهي تهديدات أفضت، في غير مرّة، إلى سماح القبائل بمرور تلك التعزيزات من أراضيها. لكن، في المعركة الأخيرة، انقلبت الأمور لغير مصلحة الرياض، خصوصاً بعدما بعثت جماعة الحوثي برسائل تطمين إلى قبائل يافع، داعية إيّاها إلى “طرد العناصر التكفيرية التي لاذت بالفرار إلى مناطقها، حتى لا تتّخذ من يافع منطلقاً لأيّ عمليات عدائية” ضدّ قوات الحوثي، مؤكدة حرصها على تجنيب تلك المناطق الحرب.
من جهته، وجّه “المجلس الانتقالي الجنوبي”، قواته، الأحد الماضي، بالانتشار في مناطق يافع الحدودية مع جبهة الزاهر، مستبقاً بهذا سقوط مناطق الجانب الآخر من الحدود في البيضاء، والتي سقط معظمها خلال الأيام الماضية تحت سيطرة قوّات الحوثي، للمرّة الأولى منذ 2015. كذلك، اتّخذ المجلس إجراءات صارمة ضدّ القادة الأمنيين التابعين له في يافع، والذين شاركوا في معارك البيضاء من دون توجيهات عسكرية، ومن بينهم قائد “الحزام” في يافع، حسين الصلاحي اليافعي، الذي صدر قرار بإقالته، إلى جانب أركان حرب وركن العمليات.
وكان اليافعي اتّهم “الانتقالي” باحتجاز الذخائر ومنع التعزيزات من الدخول إلى يافع ومنها إلى البيضاء، ما أدّى إلى انكسار جبهة الزاهر. ووفقاً لمصادر مقرّبة من المجلس في عدن، فإن أولويته العسكرية اليوم صَدّ هجمات حزب “الإصلاح” في أبين، وإخراجها من شبوة، فيما لا نيّة لديه للتصادم مع قوّات الحوثي، لكونها لا تشكّل أيّ خطر عليه، والصدام معها لن يخدمه بقدر ما سيتيح لـ”الإصلاح” التوغّل بشكل أكبر في المحافظات الجنوبية، وتكريس حضوره في نطاق سيطرة “الانتقالي”.
وعلى رغم محاولة القيادي في حزب “المؤتمر الشعبي العام”، ياسر العواضي، تفجير الأوضاع في نعمان العام الماضي، إلا أن المعركة حُسمت سريعاً لصالح الحوثيين، وبالمثل، ساد الهدوء المناطق الحدودية بين البيضاء وكلّ من لحج والضالع، لكن مديريات مكيراس ولودر والصومعة الواقعة على التماس بين أبين والبيضاء ظلّت من دون ضابط قبلي.
مع ذلك، ظلّت مديرية الصومعة، التي ترتبط بخطوط إمداد مع مديرية لودر التابعة لمحافظة أبين والخاضعة لسيطرة قوات الرئيس عبد ربه منصور هادي، خارج سيطرة الحوثي، إلى أن حاولت السعودية تحريك هذه الجبهة، بالاتّكال على “ألوية العمالقة” السلفية، وعلى رأسها “اللواء الثالث” الذي طرده “الانتقالي” أخيراً من الساحل الغربي لمشاركته في معارك البيضاء من دون العودة إلى المجلس.
وأخيراً نجحت قوات الحوثي في اسقاط رهان السعودية على تخفيف الضغط العسكري عن مأرب، عبر معارك البيضاء. وعلى رغم هذه الانتكاسة، أفادت مصادر محلية في مديرية مكيراس (البيضاء)، الواقعة على التماس مع مديرية لودر (أبين)، بأن توجيهات سعودية صدرت لقوات “لواء الأماجد” وألوية أخرى موالية لهادي في لودر، بالتحشيد والاستعداد لعملية جديدة في مكيراس، في محاولة لتحقيق أيّ اختراق بعد انتكاسة جبهات الزاهر والصومعة والحازمية، والتي تجاوزت نفقاتها المالية الـ8 مليارات ريال يمني، وفق المصادر نفسها.