كارثية التمييز على أساس القبيلة أو المنطقة.. كيف؟ بقلم| محمد المقالح
بقلم| محمد المقالح
الهاشمية السياسية مثل الجنوبية السياسية والمعنى أن هناك من يعتقد أن له حقوقا خاصة لكونه هاشميا أو لكونه جنوبيا، وليس بكونه مواطنا – لسعيه وكفاته – وهو ما يضرب مفهوم المواطنة والعدالة في مقتل.
ولكن وعلى افتراض أن القبول بهذا النوع من التمييز ممكن، فأن أول من يتضرر وسيتضرر منه هم عموم الهاشميين وهم عموم الجنوبيين؛ كيف؟
لأنك أن خصصت حقوقا لفئات أو لمناطق دون بقية الفئات والمناطق ولو من باب كونهم مهمشين أو مظلومين ويحتاجون الى “كوتة” تميزهم عن غيرهم، فأن من سيأخذ هذه “الحقوق” الممنوحة تمييزا هم القلة الانتهازية من الهاشميين والجنوبيين، أما البقية وهم الغالب الأعم من هؤلاء المواطنين المحترمين، فلن يبقي لهم الانتهازيون سوى الشعور بالعزلة داخل المجتمع بعد أن يضعوهم محلا للابتزاز من قبل كل من يعتقد أو يتوهم أن الاقلية اخذت حق الأغلبية بينما من يعتقدهم أقلية لا يحصلون على حقهم الطبيعي كمواطنين اصلا.
هذا بالضبط ما شعر به المواطن اليمني من المحافظات الجنوبية منذ 94م، فرغم ارتفاع التمثيل الوظيفي في مناصب الدولة العليا منهم محسوبين على المناطق الجنوبية والشرقية إلاّ أن عموم المواطنين في تلك المحافظات لم يشعروا للحظة أنهم مواطنين كاملي المواطنة، وهو سبب غضب كثير منهم من الوحدة ومطالبتهم بفك الارتباط كون الوحدة همشت الغالبية العظمى منهم كما يظنون دون ادراك أن غياب العدالة والمواطنة هي التي همشت الجميع وليس الوحدة!
كما أن هذا بالضبط هو سبب ثورة الشعب العراقي في المناطق الشيعية وسط وجنوب العراق ومطالبتهم بالمواطنة والدولة المدنية. حيث أنه وبعد قرابة العقدين من حكم الاغلبية الشيعية بنظام المحاصصات الطائفية، أي منذ اسقاط حزب البعث والرئيس صدام حسين إلا أن غالبية المواطنين في المناطق الجنوبية والوسطى هي اليوم على يقين أن الاحزاب الشيعية (الطائفية) الحاكمة هي التي تأخذ حقوقهم باسم الاغلبية بينما غالبية الشيعية بلا حقوق وغالبية مناطقهم بلا خدمات وبلا تنمية.
المواطنة أيها اليمنيون والعدالة هما الغائبتان وهما التي يجب أن نناضل من اجلهما وفيهما ينصف جميع المظلومين من كل الفئات والمناطق، وبدون تمييز وبدونهما سنبقى نقتتل دوما على أوهام وأمراض لا يمكن معالجتها بالتمييز بقدر ما يعمق التمييز الجرح ويصب عليه الملح.
أخيراً، لا كل الجنوبيين يؤمنون بالجنوبية السياسية ولا كل الهاشميين يؤمنون بالهاشمية السياسية، وكلمة “سياسية” هي التي تعمدت أن أميز بها المقصودين من هنا وهناك، بعيدا عن لغة التعميم والعنصرية والاجتثاث التي نسمعها اليوم من كل الأطراف للأسف.