ثقافة وفن
اول تقرير سياسي منظوم !!
اعداد المادة / حسن صالح الكاف
التقرير الأول من نوعه في العالم العربي، وهو تقرير سياسي منظوم عن المؤتمر التمهيدي لرؤساء الدول والحكومات غير المنحازة المنعقد بالقاهرة من 5 – 12 يونيو 1961م.
وعن ناظم التقرير السيد عبدالله بن يحيى العلوي يقول الشاعر الكبير أحمد رامي في تقديمه لديوان المجاج (المراسلات): “وشاعرنا هنا السيد عبدالله بن يحيى العلوي، جدير بأن توضح شخصيته لقراء شعره، خاصة من الشباب الذين لم يتح لهم أن يعرفوا عنه حتى اليسير، إما لعزوفه عن الدعاية لنفسه وشعره، و إما لعزوفهم عن المعرفة والاطلاع إلا في حدود الجديد المزعوم، الذي هم ببريقه مخدوعون مسحورون.
ولهؤلاء وأمثالهم نقول:
إن الشاعر عبدالله بن يحيى العلوي، ناظم المجاج وصاحب هذه المراسلات، ليس أديباً شاعراً فحسب، بل هو عالم ديني جليل، وسياسي مخضرم فحل، وزعيم وطني له تاريخه الحافل في التضحية والجهاد في سبيل وطنه وعروبته.
ولعل في مقدمة مميزاته أنه في كثير من المؤتمرات الدولية التي حضرها، كان يكتب أبحاثه وتقاريره بالشعر ولم يسبقه إلى ذلك إلا قلة من الشعراء المصريين منهم المرحوم: الشيخ عبدالله حمزة، وشوقي أمير الشعراء”.
ينتمي السيد عبدالله بن يحيى العلوي لأسرة حضرمية علوية عريقة ولد سنة 1321هـ /1903م بسنغافورا ثم عاد إلى وطنه حضرموت لاستكمال تحصيله العلمي وهناك أصدر مجلة أدبية أطلق عليها اسم (عكاظ) سنة 1346هـ / 1927م ولم يتجاوز الـ25 من العمر، وحين عاد إلى سنغافورة مسقط رأسه انتخبته الجالية العربية رئيساً للرابطة العربية بها غير مرة وشارك في العمل الصحفي بسنغافورا كما ساهم في كتابة عشرات المقالات في صحف القاهرة وبالأخص جريدة البلاغ لصاحبها العلامة المرحوم عبدالله حمزة.
وفي خلال الحرب العالمية الثانية تصدى للدعاية ضد السياسة الاستعمارية مما دعا إلى الحكم عليه بالإعدام من السلطات العسكرية للحلفاء الغربيين، وما كادت تلك الحرب تقترب من نهايتها حتى لجأ إلى اندونيسيا، وظل مختفياً بها حتى سنة 1947م حيث عاد إلى سنغافورة، بعد أن أصدر اللورد منبيتن قائد جيوش الحلفاء في الشرق الأقصى العفو عن السياسيين بعد أن فقد أثناء الحرب مليوني دولار هي كل ما يملك.
وفي سنة 1951م مثل (مالايا) في المؤتمر الإسلامي الذي عقد في تلك السنة في كراتشي عاصمة باكستان، كما أنتخب عضواً في إدارة المجلس التشريعي بسنغافورة ونائباً لرئيس جمعية الشبان المسلمين بها، ولرئيس جمعية الدعوة الإسلامية ولرئيس الرابطة الإسلامية، وللجمعية الباكستانية، وفي السنة نفسها هاجر إلى القاهرة، ومعه أسرته حيث عين مستشارا صحفياً للمفوضية اليمنية بها، ثم مستشاراً وقد تولى القيام بأعمال سفارة اليمن عدة مرات، ومثل حكومة اليمن في نحو أربعين مؤتمراً دولياً وشعبياً إلى جانب تمثيل اليمن في جامعة الدول العربية.
وفي القاهرة انتخب عضواً في هيئة جماعة الكفاح عن الشعوب ممثلاً عن اليمن وحصل على شهادة العالمية من الأزهر في أقل من ثلاثة أشهر.
وفي أواخر العهد الإمامي عين سفيراً لها في اندونيسيا وكان قد أعد الكلمة التي سيتقدم بها إلى الرئيس سوكرنو شعراً، وما كاد يتهيأ للسفر إليها حتى قامت الثورة اليمنية، ثم عين بعد الثورة وقيام العهد الجمهوري بها ممثلاً لها لدى منظمة تضامن الشعوب الآسيوية الافريقية، وحضر بهذه الصفة عديداً من المؤتمرات التي أقامتها المنظمة في آسيا وافريقيا وأمريكا اللاتينية.
من مؤلفاته:
فيهما من كل فاكهة زوجان
ديوان المجاج (المراسلات)
أحبها (ديوان خاص بما قاله في زوجته)
(أنيس منصور آهِ منه وآهِ عليه نعاني حياً وأكلني نياً)
رسالة في علم الفلك على الربع المجيب
توفي سنة 1414هـ / 1993م بسنغافورا.
نعود للتقرير السياسي الأدبي الفريد وهو وصف شعري كاريكاتيري بوفود المؤتمر وشخصياتهم في أجمل إطار وأدق تعبير، وأحد التقارير التي ضمها ديوانه (فيهما من كل فاكهة زوجان) وقد حوى هذا الديوان العديد من التقارير السياسية المسبوكة في قالب منظوم والتي نظمها أثناء توليه مناصب دبلوماسية لدى الدولة المتوكلية اليمنية.
يقول شاعرنا في تقريره عن المؤتمر التمهيدي لدول عدم الانحياز:
وبعد فالعالم في صراع | محتدم الخلاف والنزاع | |
هذا شيوعي يقول مالي | لدولتي وذاك رأسمالي | |
وبان في الوجود جمع ثالث | يدعو إلى الحياد غير عابس | |
وقد دعا إلى اجتماع ناصري | من أجله تيتو وعبدالناصر | |
فلبت الدعوة كل دولة | ترى الحياد مبدأ ونحلة | |
وعقد المؤتمر التمهيدي | لدول الحياد بالتحديد | |
في مصر خير بلد افريقي | وبين شعب في العلا عريق | |
واختلط البيضان والسودان | في قاعة جميلة الأركان | |
وكان يوما قاسي الحرارة | تكاد منه ترى الشرارة | |
وفي الوفود وزراء عشرة | قلوبهم بيضاء عكس البشرة | |
وقد اختاروا لجلسة الرئاسة | محمود فوزي وهو ذو كياسة | |
ورأس كسمه رياض | كأنه الخلجان والحياض | |
طويل بال يحسن الذمام | لكل وفد يطلب الكلام | |
ورحب الوفود بالجزائر | هم وقوف بعد يوم ثائر | |
وصفقوا لوفده طويلا | وحاولوا العناق والتقبيلا | |
كما ارتأوا حق الكبير والصغير | في وحدة الأرض وتقرير المصير | |
وأن تحد الدول القوية | من صنعها القنابل النووية | |
وقرروا تصفية القواعد | بكل ما أوتوا من السواعد | |
وفي الأخير أصدروا بيانا | وقد حوا الكثير مما كانا | |
وقرروا بعد جدال مختصر | في بلغراد أن يكون المؤتمر | |
وفي الوفد شاعر يماني | يستلهم الوحي من المثاني | |
بشعره يسجل الحوادث | ولا يخاف قلم المباحث | |
وبينهم سيدة رشيقة | قد لبست ملابساً أنيقة | |
تعشقت في مهدها المعاليا | بمثلها تعتز اندونيسيا | |
ترأست احدى اللجان مرة | فبرهنت عن فطنة وخبرة | |
وفي الوفود غادة غينية | تخالها من أسرة غنية | |
ترشقها العيون بالتوالي | وبالأخص من سفير مالي | |
خفيفة في الروح كالمصرية | صفراء كالليمونة الطرية | |
وأجمع الوفود كلا قاطبة | أن فلسطين بلاد عاربة | |
وأقسموا لابد من طرد اليهود | ومحقهم محقا كعاد وثمود | |
واختتم المؤتمر التمهيدي | أعماله بالوعد لا الوعيد | |
والشكر للمضيفة العظيمة | لمصر على الضيافة الكريمة |