هؤلاء الدكاترة.. والهوس بالألقاب! بقلم| حسين الوادعي
بقلم| حسين الوادعي
اينشتاين حاصل على الدكتوراه في الفيزياء لكن لا أحد يناديه “دكتور اينشتاين”، هو أينشتاين فقط… ينطبق هذا على كل عمالقة العلم والفلسفة والاجتماع.
يوفال هراري أشهر كاتب ومؤرخ اليوم يناديه الجميع “يوفال” فقط حتى في الاجتماعات الرسمية.
دكتور وبروفيسور هي درجات علمية وليست مكانة اجتماعية أو لقب تكريم وتشريف.
لكن “البروفات” العرب يتعاملون مع لقب “دكتور” كاستمرار أو تطوير للقب باشا وبيك وشيخ..!
يختلف مقدار الهوس بالألقاب في المجتمع العربي بين المهن المختلفة.
يبقى الهوس بالألقاب عند الأطباء وعند الأكاديميين هو الأعلى.
لاحظت أن خريجي كلية الطب حتى ولو كانوا من حملة البكالوريوس يصرون على مناداتهم بلقب “دكتور”.
ويصل الهوس أعلى مستواه عندما ينادون بعضهم البعض مع إضافة لقب دكتور قبل الاسم ليس في أماكن العمل فقط وإنما في اللقاءات غير الرسمية أيضا.
وعندما كنت اناقش البعض واقول لهم انتم حملة بكالوريوس فقط ولستم “دكاترة”، واستخدام لقب دكتور تزوير علمي ومهني لأنكم أطباء فقط، وفرق بين الدكتور كدرجة علمية والطبيب كمهنة.
في السنوات الأخيرة صار الطالب يحصل على لقب دكتور ما أن ينتهي من إجراءات التسجيل في الترم الأول!
دخل خريجو الهندسة سوق المنافسة بالإصرار على إضافة لقب مهندس أو.Eng قبل أسمائهم!
تتوسع إشكالية لقب الدكتور أكثر عندما نتحدث عن الأكاديميين الجامعيين من حملة الدكتوراه الذين يصرون على وضع حرف الدال أمام اسمائهم حتى ولو كان في دعوة زفاف أو صفحة فيسبوك!
ومن المضحك على الاقل بالنسبة لي أن يصبح لقب الدكتور فرضا عائليا أيضا حتى على الزوجة والأبناء الذين لا ينادون الأب حتى في البيت الا بلقب دكتور!
هذه الظاهرة غير موجودة في بلدان العالم الأخرى شرقا وغربا. فأشهر المؤلفين والفلاسفة الغربيين يحملون شهادة الدكتورة ولكنهم لا يضعون “الدال” أبدا على كتبهم أو محاضراتهم أو بطاقاتهم التعريفية.
الدكتوراه درجة علمية قيمتها محصورة داخل قاعة الدرس ومعناها الوحيد ان حاملها قادر على البحث والتدريس. وهذا يعني أن الحصول على الدكتوراه هو بداية الطريق وليس نهايته، وانك يجب ان تبدع في البحث والتدريس لتظل مستحقا للدرجة. لكنها في ثقافتنا العربية المتخلفة تحولت من درجة علمية إلى مقام أو منصب اجتماعي. والإصرار عليه قد يدل على فقدان الثقة بالنفس مثلما قد يدل على التعالي أو الغرور أحيانا.
في اليمن كانت ظاهرة الألقاب تتعقد اكثر لتصل إلى مرحلة اللقب المركب ” استاذ-دكتور” ، “عقيد-دكتور” وحتى “الشيخ-الدكتور”.
أما الاكاديميون العرب الذين انتقلوا للغرب فلم تعد كلمة “دكتور” تعجبهم، وصاروا يفضلون كلمة “بروفيسور”، واختصار الدلع لها على السوشيال ميديا هو “بروف”، ولا مانع من صور للبروف بملابس السباحة أو البروف ببيجامة النوم.
يغضب الأكاديمي الغربي لو ناديته “دكتور” ويطلب منك مناداته باسمه الأول، ويغضب الأكاديمي العربي لو ناديته باسمه الأول ولم تقل له “اقفل سحاب البنطلون يا سيادة الدكتور..”!