تصحيح مفاهيم “31” لا تكن صلباً فتكسر.. ولا ليناً فتعصر بقلم| أ. أزال الجاوي
بقلم| أ. أزال الجاوي
كنا قد حذرنا منذ بداية الحراك من السقوف العالية والتصلب وعدم التعامل بحنكة مع القضية الجنوبية على قاعدة “من يريده كله يعدمه كله”، وأبى الكثيرين إلا المزايدة فأصبح معيار الوطنية من هو أكثر خيالية ومزايدة، فاتجهت الانظار إلى السماء دون تحسس الأرض التي نقف عليها، أو بتعبير أدق دون تحسس الأرض ومن عليها، فأصيب كثيرين بنرجسية غطاءها الشعب معنا، واذا الشعب يوماً أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر، وكأن ذلك مسلمة ربانية وليست بيت شعر اثبت التاريخ والواقع عكسه تماماً، فهناك شعوب انقرضت من وجه البسيطة وهناك شعوب مازالت مقهورة رغم تعدد ثوراتها، بل إن غالبية شعوب العالم في الماضي والحاضر تندرج تحت فئة الشعوب المقهورة والمغلوبة على أمرها.
ومن رحم ذلك التصلب ولد الانكسار الفظيع والدوران حول الذات 180 درجة، ليتحول إلى ليونة رخوة يمكن عصرها وتشكيلها كآلهة من تمر التهامها أفضل من التبرك بها، وهكذا تكون نهاية من تصلب فانكسر فلان فنعصر ولا عزاء.
كانت الصدمات المتوالية للناس من أولئك المنعصرين المنكسرين، وبعد رفع سقف المزايدات والآمال مخيبة إلى درجة أنه بدأ النقاش حول استمرار الحراك، من عدمه وهو نقاش يفترض ألّا يخطر على بال ما لم يكن سقف المزايد مرفوعاً، فالأصل أن الحراك يجب أن يستمر ويتصاعد حتى تحقيق الأهداف المعقولة، وهي تلك الأهداف التي انطلق الحراك على أساسها وليس تلك التي بناها من رمال المزايدين، أي أن استمرار الحراك مرتبط باستعادة الحقوق الخاص والعامة كاملة وليس بالمشاريع السياسية (فك ارتباط – فدرالية – فدراليات متعددة) التي لا يمكن أن تقف على أرضية صلبة ما لم ترتكز على تلك الحقوق، بالإضافة إلى وجود الشريك المناسب في الضفة الأخرى، والذي لا يمكن أن يكون نفسه من تسبب في تلك الأزمات ومن ارتكب الجرائم في الماضي، أي أن استعادة الحقوق لا تفاوض عليها وهي موضوع الحراك، أما المشاريع السياسية فهي التي يمكن التفاوض عليها ليس مع من ارتكب الجرائم وأوجد ذلك الواقع، كما أنه لا يمكن تصور حوار جدي ما لم تستعاد الحقوق كاملة. ومن هنا جاء رفض حوار الموفمبيك وبالضرورة وتبعاً لذلك، سيتم رفض نتائجه وهذا لا يعني بأي شكل من الاشكال أن ذلك يعني الوقوف في مواجهة مع المجتمع الدولي، ولا يعني أيضاً عدم الوقوف مع الرئيس هادي في مواجهة القوى المتنفذة التقليدية في الشمال، أي أنه يجب بناء موقف يتعامل مع الواقع دون التنازل عن الحقوق وتطلعات الشعب ويرتكز على الاتي:
• استمرار الحراك والتصعيد فيه حتى استعادة كافة الحقوق عامة وخاصة بعيداً عن المشاريع والشعارات السياسية الغير منتجة الآن.
• مساندة المجتمع الدولي وقراراته، وكذا قوى التغيير الحقيقية في الشمال في الأمور المشتركة كإطار عام (الاستقرار – مكافحة الارهاب – التخلص من القوى المتنفذة التقليدية – اقتسام السلطة بين الشمال والجنوب).
• مساندة الرئيس هادي والوقوف إلى جانبه في مواجهة القوى المتنفذة التقليدية، مالم يعني السماح لها بالعودة للواجهة والاستفراد بالرئيس ومن ثم الاستفراد بالحراك وبقية قوى التغيير الحقيقية في الشمال.
• رفض الحوار ومخرجاته باعتباره حواراً بين متنفذين تسببوا في المشكلة ولن يكونوا جزء من الحل، وهذا ما أثبته الواقع العملي بعد الحوار، حيث احتكموا للبنادق وليس للمخرجات، مع قبول الاطر العامة والمبادئ الاساسية التي عبرت عنها القرارات الدولي ابتداء من القرار 924 وصولاً إلى القرار 2140.
• عدم الانجرار خلف القيادات التقليدية ومكوناتها الهشة التي سيطرت على الساحة الحراكية خلال السبع السنوات الماضية، وإيجاد مؤسسات جماهيرية نقابية مهنية والانخراط معها في حراك جماهيري يستند على مؤسسات مدنية تتعامل مع الحاضر والمستقبل ولا تستجر الماضي.
• ما لم نتعامل بوسطية ومرونة مع الواقع بتلك الأسس والمرتكزات، فإننا سنسبح بعيداً عن الواقع بين ضفتي التصلب والليونة وبين الكسر والعصر.
والسلام ختام..
*من حساب أ. أزال الجاوي، على “فيسبوك” 23 يونيو 2014