أبين: القرو الأثري.. بين عبث ممنهج وسكوت الجهات الرسمية!
أبين – ناصر الجريري
يقع هذا الموقع الاثري الى الجهة الغربية من مدينة زنجبار عاصمة محافظة أبين على بعد 2 كيلو متر منها، تحديداً في حي الطميسي أعلى كود الخافسين. وتحده عدة مواقع وأماكن فمن جهة الشمال موقع القريات الأثري، ومن الجنوب الكور ومن جهة الشرق وادي حسان ومن الغرب وادي بناء. ويرتفع عن سطح البحر بحدود 61 متراً.
ويعد من أهم وأكبر المواقع الأثرية بعد موقع (سراة) في مديرية الوضيع من ناحية المساحة، كذلك يعد من أهم المواقع الأثرية كونه غني الملتقطات السطحية والارتباط التاريخي بين القديم والإسلامي حيث سكنت في تلك الحقبتين التاريخيتين حسب الدراسات السابقة حضارات شبيهة حضارة قامت لمنطقة (حريضة) بحضرموت.
وتقدر مساحته بحوالي 2,5 كيلو متر مربع وهو غني كما قلنا بالملتقطات الأثرية الكثيرة والقديمة المصنوعة من الرخام الأبيض و النحاس، وانواع من المقتنيات كرأس الأسد من الرخام الابيض ومباخر عليها بعض النقوش.
ولأهمية هذا الموقع الاثري فقد قامت السلطات المحلية في المحافظة آنذاك بتسوير الموقع مرتين الأولى كانت في العام 1998 م والثانية في نهاية 2008م. إلا أن المواد المكونة لهذا السور والتي كانت من الفرمانات الحديدية التي تصدت بسبب عوامل التعرية وتفككت إضافة إلى أن هناك. بعض الأيادي التي ساعدت في إنهاء هذه المكونات الحامية للسور.
وللأسف الشديد اصبح هذا الموقع الأثري الهام اليوم عرضة للنهب والسلب والتخريب من قبل عصابات الآثار بسبب ذهاب ونهب السور. كما تعرض ايضا الى تخريب اجزاء واسعة منه وذلك من خلال شق طريق اسفلتي من الجانب الغربي للموقع في التسعينات، إضافة الى التوسع العمراني والزراعي والحفر العشوائي من قبل هؤلاء العابثين بل اصبح اليوم مقلبا لكثير من مخلفات البناء وكذلك البناء العشوائي من (بلك) وعشش للمواطنين المقيمين في الحي والقريبين من الموقع أو من الوافدين والنازحين من مناطق الصراع في الشمال وخصوصا من محافظات تعز والحديدة.
ولا نعلم لماذا هذا السكوت والتجاهل من قبل الجهات المعنية في المحافظة إزاء ما يجري من عبث وبناء وتدمير لهذا الموقع الهام ؟ لماذا لا تقوم تلك الجهات بمسؤولياتها تجاه هذا المعلم الحضاري والاثري للمحافظة والحفاظ عليه من هذا العبث الممنهج والتوسع من قبل العابثين والمخربين ومن قبل المستوطنين النازحين.
وعن هذا السكوت والا مبالاة من قبل جهات الضبط والمحاسبة في المحافظة عبر العديد من المواطنين وأهالي الحي والمنطقة عن أسفهم واستنكارهم لما يحدث من تدمير وبناء عشوائي لمعلمهم التاريخي والحضاري، وسكوت الدولة والسلطة المحلية وجهات الضبط على ما يحصل في الموقع الاثري اليوم بل وتجاهلهم لعملية البسط المستمر في الموقع الأثري من بيع وشراء قطع اراضي سكنية في أطراف الموقع وحواليه من قبل أشخاص بحجة ملكيتهم للموقع.
داعيين ومطالبين السلطة المحلية وجهات الاختصاص الى وقف هذا العبث وإزالة كل تلك الاستحداثات والعشوائيات التي امتدت إلى حرم الموقع. أيضا مطالبين الدولة والسلطة من تحديد واستحداث مواقع ايوائية ومخيمات مناسبة لهؤلاء النازحين الذين استحدثوا واستقروا في اطراف الموقع الأثري ، ونقلهم إليها.
بدوره عبر الأخ مدير عام الهيئة العامة للآثار والمتاحف في المحافظة، ربيع عبدالله محمد بقوله: “للأسف الشديد ان ما يحدث ويجري في موقع القرو الأثري يندى له الجبين وتدمع له العين مما يحصل له من دمار وتخريب وبناء عشوائي داخل وحول حرم الموقع الأثري الهام في المحافظة”.
وخصوصا بعد انتهاء السور ونهبه بل حتى نهب غرفة الحراسة الخاصة بالموقع بكل محتوياتها الامر الذي ادى الى الزحف العمراني والبسط على الموقع الأثري.
وأشار في حديثه إلى أنه تمت الكثير من المراسلات من قبل الإدارات السابقة بخصوص هذا الموقع لعدد من المحافظين السابقين بضرورة الحفاظ على الموقع الأثري ولم يتحقق شيء سوى عملية التسوير الاولى بالأسلاك الحديدية للموقع وبناء غرفة للحراسة والتي ما لبثت أن تم نهبها وتدميرها بالكامل مؤخراً.
وفي نهاية حديثه ناشد وطالب الجهات ذات الاختصاص في الحكومة ممثلة بوزارة الثقافة والسياحة والهيئة العامة للآثاروالمتاحف والسلطات التنفيذية في المحافظة، بضرورة وقف وازالة كل الاستحداثات العشوائية القديمة او الحديثة التي امتدت اليوم الى حرم الموقع، كذلك إعادة تسوير الموقع الأثري ووضع حراسات دائمة للموقع من الجهات الامنية لمنع حدوث استحداثات في الموقع أو أي أعمال حفر وتخريب في هذا الموقع الأثري الهام وكذلك للتمكن من عملية التنقيب في المستقبل بكل اريحية وبعيدا عن المشاكل. كما أنه لابد أن تقوم السلطة في المحافظة والحكومة بتوفير أماكن لجوء ومخيمات ايوائية للنازحين خارج اطار الموقع في المدينة وتوفير كافة الامكانات اللازمة لهم بالتنسيق مع المنظمات الدولية المانحة في المحافظة.
اذاً فهل يا ترى ستلقى هذه النداءات والاستغاثات وهذه المطالبات صدى لدى الجهات ذات العلاقة في الحكومة أو الجهات المعنية في السلطة المحلية بالمحافظة والقيام بمسؤوليتها في الحفاظ على ما تبقى من هذا الإرث التاريخي والحضاري العريق المغمور في هذه المحافظة والمدينة الجميلة الغنية بكل ما تحمله الكلمة من معنى؟