تعز: سماسرة للقاحات كورونا.. بيع وشراء على حساب الفئات المستهدفة!
تعز – رانيا عبدالله
رحلة طويلة وشاقة قضاها محمد صالح (30 عامًا) من العاصمة صنعاء للحصول على لقاح كورونا، قاطعًا طريقًا طويلة ووعرة، إذ استغرق وصوله إلى مدينة عدن أكثر من 17 ساعة.
ويقول محمد: “سافرت من محافظة صنعاء إلى مدينة عدن، وعند وصولي لمركز التطعيم تفاجأت بعدم وجود اللقاح، اضطررت للمكوث في أحد الفنادق حتى أبات ليلة، وفي الصباح سافرت إلى مدينة تعز، ونزلت في أحد الفنادق بالمدينة، وفي اليوم التالي اتجهت للمركز لأخذ اللقاح، ولكن بسبب الازدحام والإقبال الشديد، لم أتمكن من أخذ اللقاح إلا بعد 3 أيام من وصولي إلى تعز”.
أكثر من 130 ألف ريال يمني (أي 150 دولارًا) إجمالي ما أنفقه محمد للحصول على اللقاح، كانت عائلته بأمس الحاجة لها، حد قوله، مضيفًا أنه دفع 10 آلاف ريال مقابل الحصول على كرت اللقاح من أحد السماسرة في مركز اللقاح، “وسأضطر للعودة وتحمل مشقة الطريق لأخذ الجرعة الثانية عند توفرها، لأتمكن من السفر إلى السعودية والعودة إلى عملي”، يقول محمد.
واشتد الزحام على مراكز التطعيم في مدينة تعز الواقعة في نطاق حكومة هادي، بعد اشتراط المملكة العربية السعودية على من يدخل أراضيها شهادة تحصين ضد فيروس كورونا مقابل عبورهم.
ويوضح تيسير السامعي، نائب مدير مكتب التثقيف والإعلام الصحي بمكتب الصحة بتعز، أن الذين أخذوا اللقاح وهم خارج نطاق حكومة هادي، جميعهم مغتربون، لأن المملكة العربية السعودية منعت الدخول إلى أراضيها إلا بأخذ اللقاح، مما سبب الإقبال الكبير على اللقاح، وشكل عبئًا كبيرًا جدًا، ويمكن أن نستنفد الكمية الموجودة، وربما الفئات المستهدفة للقاح لن تحصل على اللقاح بسبب الإقبال الشديد من قبل المغتربين، بعد أن حصل استهتار من الكثير وعدم مبالاة لأخذ اللقاح في بداية الأمر.
سماسرة اللقاحات
يضطر بعض اليمنيين الذين يريدون دخول السعودية، إلى دفع مبالغ مالية لسماسرة لكي يحصلوا على اللقاح سريعًا، ومنهم ماجد علي (27 عامًا)، وهو أحد المغتربين، إذ كان من المفترض أن يعود إلى الأراضي السعودية قبل أن ينتهي تاريخ التأشيرة، إلا أن اشتراط المملكة الدخول إلى أراضيها بشهادة التطعيم، جعله يبقى في اليمن بعد أن رفض التطعيم سابقًا، بحسب المشاهد.
يقول ماجد: “استهنت في بداية الأمر بأخذ اللقاح، لكن عندما اشترطت السعودية ذلك تدافعنا أنا وأصدقائي من المغتربين لأخذ اللقاح، وتغرمنا مصاريف كثيرة أغلبها لسماسرة لكي نتخارج ونأخذ اللقاح، حتى نتمكن من العودة إلى أعمالنا، واضطررت لدفع مبلغ 25 ألف ريال يمني لأحد المعاريف، حتى أحصل على اللقاح”.
ويقول الدكتور راجح المليكي، مدير مكتب الصحة بمحافظة تعز، إن منع الحوثيين للقاح سبب كارثة للمواطن ومعاناة شديدة، إذ يقطع المواطنون مسافات طويلة من محافظة مختلفة كعمران وصنعاء والبيضاء، متجهين إلى مأرب سابقًا، ومدينة تعز، للحصول على اللقاح، حتى يتمكنوا من السفر للبحث عن لقمة العيش في المملكة العربية السعودية.
ويضيف المليكي: “حملة اللقاح أُعلنت لاستهداف ثلاث فئات فقط، هم العاملون الصحيون وكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، ولم نكن نتوقع تدفق هذا العدد من المغتربين من أبناء تعز، وأبناء المحافظات المجاورة”.
يؤأكد أن اللقاح والكروت تُعطى مجانًا، ولا إنكار من وجود ابتزاز من قبل المتطفلين على مراكز نقاط اللقاح، وهناك بعض الأشخاص والمجموعات يستغلون معاناة الناس، ويأخذون رسومًا من بعض المواطنين لغرض تقديمهم في الطوابير، منهم بعض من أفراد الجهات الأمنية التي من المفترض أن تقوم بمساعدتنا، وكانوا سببًا في وجود هذا الخلل، وأخذ مبالغ من المواطنين، رغم وجود تعميم واضح بمجانية اللقاح والكروت أيضًا، إلا أن المواطنين يتعاملون مع المستغلين لحاجتهم”.
وقد حصلت اليمن، مطلع أبريل الماضي، على 360 ألف جرعة لقاح، إلى جانب 13.000 صندوق لحفظ اللقاحات و1.300.000 من المحاقن اللازمة للتطعيم بشكل آمن وفعال ضمن آلية كوفاكس التي تشرف عليها الأمم المتحدة لتوفير اللقاحات للدول الفقيرة.