مسقط تحاور صنعاء… بوادر إنفراجة في الملفّ الإنساني
حيروت – صنعاء
أجرى وفد الديوان السلطاني العُماني الزائر للعاصمة اليمنية، صنعاء، عدداً من اللقاءات مع قيادات في جماعة «أنصار الله»، تركَّزت خصوصاً حول الترتيبات النهائية لفتح مطار صنعاء، ورفع القيود المفروضة من قِبَل التحالف السعودي – الإماراتي على ميناء الحديدة. وعلى رغم أن تلك اللقاءات اتّسمت بالسرية، أكدت مصادر سياسية مطّلعة أن هناك «تفاهمات إيجابية قد تُنهي معاناة الشعب اليمني الناتجة عن الحصار»، لافتة إلى أن الوفد العُماني تفهَّم مطالب الحوثيين الرافضة لأيّ شروط إجرائية خاصّة بفتح مطار صنعاء، وتشديدها على ضرورة اعتماد الجوازات الصادرة عن حكومة العاصمة، ورفضها خضوع الرحلات الإنسانية والتجارية من المطار لأيّ تفتيش من قِبَل «التحالف» أو الموالين له في المحافظات الجنوبية.
وأفادت المصادر بأن ملفّ الأسرى والمعتقلين كان حاضراً في النقاشات، مشيرة إلى أن «الوفد العُماني لمس، خلال لقاءاته بقيادات رفيعة في الجماعة، جدّيةً في التوجّه نحو السلام»، فيما أبدت جماعة الحوثي مرونة إزاء مقترحات حملها الوفد العُماني بخصوص التهدئة والتهيئة لحوار سياسي شامل.
ووفق المصادر، ناقش الوفد إمكان خفض التصعيد الجوّي والبرّي لقوات الحوثي ضدّ الأراضي السعودية، وهو ما ربطته الجماعة بوقف شامل لإطلاق النار ورفع الحصار وسحب القوات الأجنبية كافة من المياه والأراضي اليمنية، علماً بأنه سبق لـ»أنصار الله» أن عرضت على السعوديين، خلال مشاورات مسقط الشهر الماضي، وقف الهجمات الجوية لطائرات «التحالف»، مقابل وقف قواتها التصعيد ضدّ الأراضي السعودية.
وكشف مصدر مطلع، أن «جماعة الحوثي أبدت استعدادها للحوار مع الرياض حول مختلف الملفّات»، لكنها رفضت عرضاً قدّمته الرياض عبر الوفد العمُاني تضمَّن قبولها بفتح مباشر لمطار صنعاء وميناء الحديدة، في مقابل إيقافها العمليات الجوّية والبرّية في مأرب والداخل السعودي. ويشي إعلان الناطق باسم جماعة الحوثي رئيس وفدها المفاوض محمد عبد السلام، الذي عاد مع الوفد العُماني إلى صنعاء، أن الزيارة تأتي استكمالاً للجهود المبذولة في مسقط، بأنه جرى التوصّل إلى تفاهمات مع وفد الجماعة في السلطنة، وبأن هناك قضايا خلافية لا تزال تحتاج إلى حسم مع قيادات الجماعة.
ووصل الوفد العُماني صنعاء مساء السبت، بعد يوم واحد على اتصال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بنظيره العُماني يوسف البوسعيدي، والذي جدّد فيه الأوّل دعم الجهود الدولية للسلام في اليمن، في ما بدا تبدّلاً في لهجة التهديدات التي أطلقتها «الخارجية» الأميركية، الخميس، واتهمت فيها جماعة الحوثي بالتهرّب من استحقاق السلام وإعاقة المساعي الدولية، ملوّحةً بـ»عزلها» في حال لم توقف تقدُّم قواتها في مأرب.
وفي هذا الإطار، لفتت مصادر سياسية إلى أن هناك تعديلاً في الموقفَين الأميركي والسعودي، وأن البلدين أصبحا يؤيّدان خطة «الحلّ الشامل» الأممية. ويبدو أن هناك إجماعاً على تفويض عُمان القيام بدورها لحلّ الأزمة في اليمن، إذ إن ما يحمله الوفد العُماني إلى صنعاء يتوافق مع مطالبة الأخيرة بضرورة رفع الحصار المفروض على ميناء الحديدة وفتح المطار، كمدخل أساسي لتهيئة الأجواء لاتفاقات أخرى، كوقف إطلاق النار، ورفع الحصار على المطارات والموانئ والمنافذ البرية، وسحب القوات الأجنبية كافة من البلاد، ورفع القيود على التحويلات المالية وصولاً للعودة إلى المفاوضات.
وقال أكثر من مصدر في صنعاء إن الوفد العُماني حمل رسالة إلى الحوثيين مفادها أن السلطنة ستحسم بند الضمانات الدولية بخصوص تنفيذ أيّ اتفاقات تفضي إلى إنهاء الحرب ورفع الحصار وإحلال السلام في اليمن.
وعلى رغم تلك الأجواء الإيجابية، علّق التحالف السعودي – الإماراتي السماح لسفن المشتقّات النفطية المحتجزة في جيبوتي بالدخول إلى ميناء الحديدة، بعد سماحه بدخول سفينتَين من أصل ستّ سفن، الأسبوع الماضي. وفي الاتجاه نفسه، كشف «رئيس اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى» في صنعاء، عبد القادر المرتضى، أمس، عن قيام السعودية بإصدار توجيهات جديدة للموالين لها، بوقف جميع الصفقات المحلية لتبادل الأسرى.
بالتوازي مع ذلك، هاجم عشرات الناشطين الموالين لـ»التحالف» عُمان، وعدّوا زيارة وفد المكتب السلطاني لصنعاء انتهاكاً للسيادة اليمنية، متّهمين السلطنة بالتهيئة لصفقة سلام تُنهي «شرعية» الرئيس المنتهية هادي، وتمنح الحوثيين نصراً دبلوماسياً، على حساب الأطراف الآخرين.