الطلاب أسرى لرداءة الإنترنت.. والسلطات تبرر: “نحمي المواطنين من الانجرار نحو المواقع الإباحية”!
حيروت – صنعاء
تعد الدراسة عن بعد إحدى الأنظمة الحديثة في العالم التي توفر للطلاب إمكانية الحصول على المعلومات من مكانه، سواء عبر جهاز الكمبيوتر أو التلفون بتطبيقات إلكترونية على الرغم من بعد المسافة.
أزمة الفيروس المستجد كورونا، جعلت الحاجة للدراسة عن بعد في جميع أرجاء العالم ضرورة لإكمال كورسات التعليم، إلا أن اليمنيين ممن خاضوا التجربة، أسوة بالعالم، وجدوا أنفسهم بين تحديات وصعوبات كبرى، كان أبرزها رداءة الإنترنت وانقطاعه المستمر.
تصف الدكتورة سامية الأغبري، رئيسة قسم الصحافة بجامعة صنعاء تجربة التعليم الإلكتروني والدراسة في اليمن، خصوصًا التي استجدت بسبب تفشي فيروس كورونا مؤخرًا، بالصعبة للغاية، إذ إن المشكلة تكمن في رداءة النت، إضافة لعدم وصول خدمة النت إلى مناطق كثيرة في اليمن، بالذات المناطق النائية، فهناك مناطق لا يصل لها النت بتاتًا.
إلى جانب ذلك تشير الدكتورة الأغبري، إلى أن الاشتراك بخدمات الإنترنت المحمول في اليمن الذي تقدّمه شركات الاتصالات مكلفة جدًّا، إذ يصل فارق السعر بينها وبين الإنترنت المقدم من مزود الخدمة “يمن نت” إلى حوالي 400%، بالإضافة إلى كونها شبكة لا تقل سوءًا عن شبكة “يمن نت” من حيث جودة الاتصال.
خدمات رديئة
تعد خدمة الإنترنت في اليمن الأدنى مرتبة من حيث نسبة الاشتراك بخدمة النطاق العريض (8%) بين بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومن الأغلى عالميًّا، بحسب تقرير صادر عن البنك الدولي في يناير/ كانون الثاني 2020، في ظل تفاوت سرعة الإنترنت بمعدل 4 ميغابايت/ ثانية، وإضافة لحصولها على المرتبة 173 من بين 177 بلدًا في العالم. بحسب خيوط.
من جانبه يؤكد، الصحفي والمدرب في المجال الإعلامي بسام غبر، أن التدريب عن بعد “أونلاين” في اليمن شكل تحديًّا كبيرًا، سواءً للمدرب أو المتدرب، واصفًا تجربة تدريبه خلال جائحة كورونا المستجد “أونلاين” بالناجحة، مع وجود عوائق وتحديات، أبرزها -حد قوله- القصور المعرفي والمهاري لدى المتدربين في استخدام التكنولوجيا، خلافًا عن أن عملية التدريب عن بُعد في أساسها ليست كما هي على أرض الواقع، التي تكون أكثر فعالية واستيعابًا وتجاوبًا، حد تعبيره.
ونوه غبر إلى أن هناك إيجابيات في التوجه للتدريب عن بعد أثناء جائحة كوفيد-19، كإتاحة بعض المنصات الرقمية برامج تدريبية وتأهيلية، تمكن الشخص من اكتسابه مهارات وقدرات وهو في مكان إقامته.
عوائق الاتصالات اليمنية
سرعة الإنترنت التي قللت من قبل وزارة الاتصالات اليمنية، كانت عائقًا آخر لوصول الطلاب للحصول على المعلومات المتاحة عبر النت، مع تقديم منصات كبرى فرصًا تدريبية مجانية عبر الاتصال الإلكتروني.
إذ قامت وزارة الاتصالات التابعة لحكومة صنعاء بتقليل سرعة الإنترنت، معللة ذلك بحماية المواطنين من الانجرار نحو “المواقع الإباحية” والاستخدام الجائر والعبثي للخدمة من قبل المواطنين، بحسب حديث لوزيرها السابق مسفر النمير.
أروى قاسم، طالبة هندسة في جامعة صنعاء، تشكو من ضياع العديد من الفرص عليها بسبب ذلك، وعدم قدرتها على استكمال برنامج مجاني تابع لإحدى المنصات الدولية؛ بسبب جودة الإنترنت الضئيلة في اليمن وتكلفته المرتفعة.
تقول أروى: “كنت سعيدة جدًّا حال معرفتي بهذه الدورة التي تقدم بالمجان عبر تطبيق “الزووم” لطلاب الهندسة، وقدمت فيها لكي أستفيد، ولكني لم أستطع المواصلة”، وأرجعت ذلك إلى ما واجهته من خدمة ضعيفة في الإنترنت وانقطاعاته المستمرة. إضافة إلى الخسائر المادية التي تكبدتها حسب حديثها، في سداد تكاليف “باقات الإنترنت”، الأمر الذي اضطرها للتوقف وعدم استكمال هذه الدورة والحصول على شهادة مهمة بالنسبة لمجال تخصصها.
بدوره، أصيل سارية صحفي استقصائي، يؤكد، أن التدريب والتعليم الالكتروني “عن بعد” هو مجازفة لمجاراة العالم في الالتحاق بمسار التطور الرقمي التي فرضتها أزمة كورونا عبر تطبيقات عديدة، كان أبرزها تطبيق “الزووم”. لكن في اليمن تواجه هذه العملية التطويرية في الجانب التعليمي تحديات وصعوبات كبرى، أبرزها انقطاع النت وضعف ورداءة جودته إضافة لتكلفته المرتفعة والباهظة في الفترة الأخيرة.
التعميم الأخير للمجلس الأعلى للشؤون الإنسانية التابع لسلطة أنصار الله (الحوثيين) بعدم إقامة أي دورات أو اجتماعات عبر تطبيقات النت دون أخذ ترخيص أو موافقة، كانت صعوبة أخرى فرضت على المدربين والمتدربين، وحرمانهم من الحصول على المعلومات وتلقيها، وفق سارية.
فهل يجد اليمنيون طرقًا بديلة لمواكبة التطور العالمي في الحصول على المعلومات والتعلم، متجاوزين كل الصعوبات والعوائق أم أنهم سيظلون أسرى الإنترنت البطيء للأبد؟