تصحيح مفاهيم “29” بذور الإخفاق في الاتفاق.. أين تكمن؟! بقلم| أزال الجاوي
بقلم/ أزال الجاوي
أولاً، وبعيداً عن تفاصيل متن الاتفاق، يجب أن نقول إن الاتفاق متوازن لا منتصر فيه ولا مهزوم، وأن كلا الفريقين بذل قصارى جهده وأفضل ما عنده، وإن كان وفد صنعاء أفضل في الأداء، إلا أن ما تم التوصل إليه لا يعتمد على أداء أي فريق منهما بقدر ما هو المتاح وما الذي يريد أن يصل له العالم والمجتمع الدولي وما هو السقف الموضوع لهذا الحوار بحسب لعبة الأمم والمصالح وما إلى ذلك من توازنات وحسابات دولية وإقليمية. ولعل ما هو مطلوب في هذه المرحلة ليس الوصول لوقف الحرب أو حتى تهدئتها أو أنسنتها على الأرض فعلياً وإنما المطلوب عملية تفاوضية لمجرد التفاوض الصوري المرحلي حتى يتم تصفية بعض الحسابات في بعض الملفات الساخنة عالمياً وإعطاء صورة لشعوب العالم أن الدول الكبرى تسعى لسلام إلا ان الطريق معقد وشائك بفعل تصلب الفرقاء المحليين الذين إن اتفقوا يفشلون في التنفيذ.
ودون أن نخوض في كلمات الاتفاق ومعانيها وتفسيراتها وتأويلاتها، هناك أمور في جوهر المفاوضات وليس في الاتفاق جعلت فرص الإخفاق أكبر، وهي:
1- الإخفاق وعدم التوصل لاتفاق في الملفات ذات الطابع الإنساني التي تخص عموم الشعب، من الملف المالي والاقتصادي وما يترتب عليه في موضوع الرواتب واستقرار العملة وما إلى ذلك من أمور تخص معيشتهم اليومية إضافة إلى موضوع فتح المطارات وعلى رأسها مطار صنعاء وتخفيف الحصار على الناس والبضائع… إلخ.
2- عدم التوصل إلى اتفاق فيما يخص المبادئ العامة للحل أو أي شيء في المجال السياسي أو خطوات وقف الحرب ولو بالأحرف الأولى أو حتى بوضع التصورات المقبولة لدى الأطراف.
إن المواضيع أعلاه لو تم التوصل لاتفاق في أيٍّ منها، كان سيشكل دافعاً معنوياً للشعب وسيعطي مصداقية تجعل الناس يتجاوزون التدقيق في تفاصيل ملف الحديدة والأسرى وسيعفي كل الأطراف من البحث في تفاصيل الأحرف والكلمات، بحثاً عن المنتصر والمهزوم أو الثغرات التي ستسمح بإسقاط الاتفاق أو التنصل والتهرب منه باعتبار أن ذلك الاتفاق هو جزء من عملية سيلمس نتائجها إلى جانب الفرقاء قطاع واسع من الشعب في لقمة عيشهم أو في قدرتهم على الحركة والسفر أو الأمل في إنهاء الحرب والوصول للسلام بدلاً من أن يبحثوا عمّن المنتصر وفي أي فقرة انتصر هذا الطرف أو ذاك.
هذا بالطبع إن سلمنا جدلاً بحسن نوايا الأطراف التي رعت المفاوضات وافترضنا أنهم فعلاً يبحثون عن التوفيق بين الفرقاء وصولاً لسلام شامل وحقيقي؛ فإن الخلل يكون هنا على الطاقم الاستشاري للمبعوث الأممي وللدول الراعية الذي لم يشر لهم بطبيعة الإنسان اليمني وكيف تدار السياسة والاتفاقات في اليمن، طبعاً إن فرضنا حسن النوايا كما قلنا، رغم أن بعض الوقائع تقول إن المجتمع الدولي لم يكن يبحث عن سلام. ولعل أفضل شاهد على ذلك إبعاد القضية الجنوبية وممثليها عن تلك المفاوضات وعدم إصدار قرار أممي يمنع التدخل الأجنبي أو يفرض عقوبات على من يتدخل أو على الأطراف إن لم تلتزم بوقف الحرب على سبيل المثال.
خلاصة القول:
لو أن ذلك الاتفاق أضيف له اتفاق فتح المطار أو حل موضوع الراتب كان سيعطي حافزاً وعاملاً مساعداً للمصداقية وتجاوز التفاصيل وصولاً للنجاح. أما وقد استبعدت الملفات الإنسانية التي تعود بمردود ملموس لحياة عموم الشعب ضمن نطاق سيطرة الطرفين، فإن ما تم الاتفاق عليه يحمل بذور الفشل داخله، وغير مبشر بخير ويثير الاستفهامات وسيخلق إشكاليات عند كل طرف على حدة وعندهم جميعاً عند تطبيقه ميدانياً. وسيكون للعسكر على الأرض الرأي الفصل وليس لستوكهولم, وهنا تكمن العقدة سواء كانت عفوية أو مرتبة ومحبوكة. ومع ذلك نحث الأطراف على العمل به دون النظر بعين (من زاد على الثاني)؛ فربما هناك من يزيد أو يضحك علينا جميعاً.
*من حساب أ. أزال الجاوي، على “فيسبوك” 14ديسمبر2018