الزبيدي في عدن.. عودة الأبن الضال
حيروت- خاص
بعد أن تراجع المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا عن إقامة فعالية جماهيرية في عدن لمنحه تفويض جديد كممثل “حصري” للقضية الجنوبية وإحياء ذكرى تأسيسه وإعلان عدن “الا تاريخي”، أطل رئيس المجلس عيدروس الزبيدي في حفل صغير، بحجم المجلس، ومغلق بعيدا عن العامة.
الزُبيدي كرر في كلمته ما قاله تقريبا في خطابات سابقة عديدة، استجداء التحالف “باستمرار دعم المجلس”، والتوسل للشرعية “بالحفاظ على حكومة الشراكة بينهما”.
الضخ الإعلامي لنشطاء في حزب الإصلاح العدو اللدود للإنتقالي، الذي توقع ساخرا من أنصار المجلس “إعلان عيدروس استقلال الجنوب”، شكل ضغطا هائلاً على فحوى خطاب الأخير، الذي حاول التمهيد لصدماته بالحديث عن “انتصار قواته في معارك عبثية، والمضي قدما لاستعادة دولتنا الجنوبية الفيدرالية المستقلة”، وكذا تجديد “إحادية” المجلس “كحامل للقضية الجنوبية”.
زعم الزبيدي في كلمته أن “المجلس بذل كل الجهود الهادفة لوضع قضية شعبنا الجنوبي في مسارها السياسي الصحيح، وهندسة العمل السياسي والدبلوماسي، حتى أصبح رقما من الصعب تجاوزه أو أو القفز عليها”.
الأدهى أنه تحدث عن “فلتات” في الصعيد التنظيمي في عمل المجلس في المحافظات، وهو الذي بات محشورا في عدن وجزء من أبين ولحج، وخارجها وجوده كعدمه.
وتمادى حين حاول إدعاء بأن للمجلس “حضور فاعل” في الدول المؤثرة في صناعة القرار الإقليمي والدولي، وهي نفس الدول التي تجدد دائما موقفها الداعم لوحدة اليمن والحفاظ على أراضيه من التقسيم.
أما عن النجاحات الأمنية التي سوقها عيدروس، فيكفي فقط التدقيق في إحصائيات عمليات الاغتيالات والتصفيات الدموية والاختطافات والبسط والنهب لعقارات الدولة في مدينة عدن، المسيطر عليها، والمستحوذ على قدراتها.
“غزل” الزبيدي في السعودية جاء من محاولة إيهام العالم بأنه المدافع عن “المشـروع العربي وتصدي القوات الجنوبية للمليشيات الحوثية الموالية لإيران”، الحوثيين الذين وصفهم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بأن في دمائهم نخوة عربية أصيلة، وأن إيران دولة جارة لابد من الوصول إلى تفاهمات معها تضمن مصالح الجميع، يحاول المجلس ثنيها عن أي تقارب مع صنعاء أو طهران لاستمرار حرب أنهكت الرياض وأصبحت أقرب إلى إعلان الاستسلام والهزيمة.
رهان خطاب الزبيدي كان وما زال على “إشراك” المجلس ككيان مستقل في أي حوار أو مفاوضات لإنهاء الحرب، التي يسعى من خلال مغامراته في الضالع الشمالية إلى إذكاء نارها، وتقديم خدمة مجانية للسعودية والإمارات بدماء جنوبية خالصة كما جرى مسبقا في الحديدة.
اعترف الزبيدي بعجزه عن مواجهة حرب الخدمات في المحافظات الجنوبية، رغم أنه شريك حاليا في الحكومة، وقال بإن “الدولة العميقة دأبت على العبث والفساد وتكريس سياسات العقاب الجماعي بحق شعبنا”، داعيا بانكسار، “حكومة المناصفة للعودة إلى العاصمة عدن والإيفاء بوعودها وأداء مهامها في تحسين الخدمات وصرف المرتبات ومعالجة الاختلالات ومكافحة الفساد، وتخفيف وطأة الانهيار الاقتصادي والمعيشـي على شعبنا في الجنوب”.
لم ينسى الزبيدي أن يستدرك للضحك على عقول أنصاره بأن “للصبر حدود أمام سياسات التنكيل والعقاب الجماعي التي تستهدف شعبنا، وأن خيارات المجلس مفتوحة لمعالجة قضايا شعبنا بما يلبي تطلعاتهم”، يتباهى الزبيدي بعنتريات فارغة، ويحقن جمهوره بشحنات معنوية مفاعليها تنتهي بقراءة خطابه.
وكان لاتفاق الرياض نصيب من كلمة الزبيدي، الذي عده بمثابة “الإقرار الإقليمي والدولي بالمجلس الانتقالي وقضية شعب الجنوب ومكانته السياسية”، لكنه تحدث عن “قوى الفساد والإرهاب التي لا زالت تعمل على تعطيله وتحاول إفراغه من محتواه”، وهي ذاتها الشرعية التي يشاركها الحكومة ويتقاسم معها عذابات الشعب الجنوبي.
من دون أي مقابل أو ثمن عرض الزبيدي للمرة المليون خدماته على السعودية في قتال الحوثيين ومكافحة التطرف والإرهاب، وحماية المصالح الإقليمية والدولية في البحر العربي وخليج عدن وباب المندب.
كرر الزبيدي، مدحه السعودية التي تقطع الرواتب عن قواته، بدأ أكثر إصرارا بشكل جلي لإبلاغ الملك محمد سلمان، بأن قوات المجلس ذراعه التي تنتظر تعليماته لتضرب بها في الشرق أو الغرب أو البحر، أي إنها بمثابة “بندقية صيد” من عدة طلقات، بعد إفراغها تلقى كخردة، ورصاصها “فيشنج”.