حرب المصالح في مأرب.. رجال الإمارات على الخط
حيروت
مع تزايد حمى الاشتباكات بين قوات الحوثي وقوات هادي؛ تتزايد في المقابل الخلافات في صفوف قوت الشرعية، حيث يتهم التيار المحسوب على أبو ظبي «الإصلاح» بـ»الخيانة»، ويروّج على نطاق واسع عن وجود نيات لدى «الإخوان» لبيع مأرب والدخول في صفقة سرّية مع الحوثيين، تُبقي على بعض مصالحهم في مأرب التي نقلوا إليها معظم استثماراتهم من العاصمة خلال السنوات الماضية. في المقابل، يتّهم ناشطو «الإصلاح»، تيّار الإمارات الذي يقوده بن عزيز، بالوقوف وراء تصفية عدد كبير من القيادات العسكرية العليا التابعة للحزب، ويرون أن خطورة ذلك التيار لا تقل عن خطورة تقدم الحوثيين نحو المدينة.
هذه الأزمة المتصاعدة بلغت ذروتها خلال الأيام الماضية، عقب مقتل عدد كبير من القيادات المقرّبة من الجنرال علي محسن الأحمر. فعقب تداول ناشطين نبأ عودة الأحمر إلى مأرب السبت الماضي، أُعلن مقتل عدد من القيادات المقربة منه، وعلى رأسهم اللواء عبد الله الحاضري، في عملية نفذتها قوات الحوثي في محيط مدينة مأرب. ووفقاً لمصادر قبلية مطّلعة، فإن العملية جاءت بناءً على إحداثيات دقيقة حصل عليها الحوثيون من مصادرهم هناك، ليتم استهداف أولئك القيادات أثناء قدومهم إلى الطلعة الحمراء الأحد الماضي بعدما كلّفهم «الجنرال» بزيارة الجبهات ورفع معنويات الجنود. لكن، قبل أن يصلوا، تعرّضوا لصواريخ حرارية أودت بحياة الحاضري وشخصيات عسكرية مهمّة، أبرزهم مدير مكتب الأحمر في مدينة مأرب، العميد عبد الله العرار، فيما أصيب في العملية المفتّش العام لقوات هادي، اللواء عادل القميري، الذي عاد وفارق الحياة بعد يومين.
هذه التطوّرات عزّزت الشكوك داخل الجبهة الموالية لـ»التحالف» بوجود «خيانة» بينية، فيما دفعت قوات «الإصلاح» إلى اعتقال أعداد كبيرة من العمال والبسطاء بتهمة رصد تحركات القيادات الموالية للحزب، علماً بأن هؤلاء اسُتبدلت بهم قيادات محسوبة على الإمارات.
في هذا الوقت، تصاعدت الدعوات إلى إزاحة «الإصلاح» من المشهد العسكري في مأرب، وتسليم تيّار أبو ظبي دفّة المعركة. واللافت أن سياسيين وعسكريين طالبوا بتمكين قوات طارق صالح، تحديداً، زمام القيادة. وهو ما رفضه «الإصلاح» بطريقة غير مباشرة، ودفع الجنرال على محسن الأحمر للعودة من الرياض إلى مأرب، لقطع الطريق أمام تلك المطالبات.
وكان اللواء بن عزيز، الذي تربطه علاقات وطيدة بـ«المجلس الانتقالي الجنوبي» وطارق صالح، قد أكد لقيادة «التحالف» أن مأرب آيلة إلى السقوط، مُقدّماً قوات طارق صالح كبديل، تساندها ألوية «العمالقة الجنوبية» الموالية للإمارات، لقيادة معركة «الدفاع» عن المدينة قبل سقوطها تحت سيطرة الحوثيين.
وحظيت هذه التحرّكات بمساندة من السفير البريطاني لدى اليمن، مايكن آرون، وهو ما أثار امتعاض «الإصلاح». كما أن المبعوث الأممي، مارتن غريفيث، أعطى إشارات إلى توجُّه مماثل بلقائه في القاهرة عدداً من مشائخ مأرب الموالين للإمارات والمناهضين لـ»الإصلاح» كـ: محمد صالح طريق، علي عبد ربه العواضي، ناجي الزايدي، حسين العواضي وناصر شريف، إلى جانب مندوب لـ«قوات حرّاس الجمهورية» التي يقودها صالح، هو الشيخ ناصر باجيل. ووصف مراقبون تلك اللقاءات بأنها محاولة انقلاب على محافظ مأرب التابع لـ»الإصلاح»، سلطان العرادة، معتبرين أن الهدف منها كسر احتكار الحزب للسلطة المحلية، وتهيئة أوساط القبائل لتقبُّل دخول قوات بديلة لـ«الإصلاح» في مأرب ووادي عبيدة الذي لا يزال خارج سيطرة الحوثيين.
مع ذلك، لا يزال «الإصلاح» يرفض مشاركة قوات طارق صالح في المعركة، خشية مخاطرها على نفوذه في محافظة شبوة التي ينفرد بالسيطرة عليها، وأعدّها طوال أكثر من عام لتكون معقلاً بديلاً له في حال سقوط مدينة مأرب. وردّاً على مساعي التيارات الموالية للإمارات للانقضاض على قيادة المعركة، قال العرادة إن «الإصلاح» سيواصل «معركة الدفاع عن مأرب»، داعياً إلى «التعبئة العامة ورفد الجبهات بالمقاتلين». وأضاف، تعليقاً على لقاءات القاهرة، إن «مأرب قادرة على الدفاع عن نفسها ولن تسقط»، متحدّثاً عن «سلسلة لقاءات مع وزارة الدفاع والجهات المعنيّة ومختلف الفئات لتنسيق الجهود».
ويواجه التحالف السعودي الإماراتي مأزقاً كبيراً في مأرب، نتيجة الفشل في محاولات وقف تقدُّم قوات الحوثيين، أو التأثير عليهم عن طريق ممارسة الضغوط السياسية.