انتصار جديد للحوثيين في مأرب.. والسؤال: كيف سينعكس هذا الانتصار الميداني على الواقع السياسي؟
حيروت – خاص
حققت قوات الحوثيين، اختراقاً ميدانياً جديداً صوب معاقل قوات الحكومية في مدينة مأرب، وذلك بعد السيطرة على مناطق حيوية في مديرية صرواح بعد معارك ضارية بين الطرفين. وأقرت مصادر عسكرية في حكومة هادي لـ”حيروت الإخباري” بسقوط مناطق واسعة في من الطلعة الحمراء في مديرية صرواح غربي مأرب، وعدد من مواقع وادي المشجح، في أيدي المقاتلين الحوثيين، وذلك عقب هجوم واسع ومعارك محتدمة منذ مساء السبت وفجر اليوم الاثنين.
وأكدت المصادر لـ”حيروت الإخباري”، إلى أن قوات هادي وقوات الإصلاح، دفعت بتعزيزات واسعة في محاولة لاستعادة المواقع التي تم خسارتها، وسط غطاء جوي مكثف من مقاتلات التحالف السعودي، لكن دون تحقيق أي اختراق في صفوف الحوثيين”.
وفيما لا يُعرف على وجه الدقة حجم الخسائر في صفوف قوات هادي، إلا أن مقتل اللواء الركن عبد الله الحاضري، مدير دائرة القضاء العسكري، في جبهة المشجح، غربي مأرب يشير إلى أن قيادات حكومة هادي بدأت تشعر بخطورة الموقف، وتقدمت إلى الصفوف الأولى في معركة انتحارية بالنسبة لها.
ووفقاً لمصادر عسكرية، فإن سيطرة الحوثيين على الطلعة الحمراء بشكل نهائي، سيجعل موقفهم العسكري متحكم ومسيطر، حيث سيكون بمقدورهم السيطرة النارية على مناطق ومواقع مهمة، بما في ذلك إمدادات قوات هادي القادمة من مأرب، والطريق الرابطة بين مأرب ومحافظتي الجوف وصنعاء.
وسط هذا الانهيار الغير مسبوق للقوات الدفاعية لقوات هادي، طُرح العديد من الأسئلة حول القرار المرتقب لقيادة الحوثيين، وما إذا كانت ستستكمل اندفاعتها باتجاه التحرير الكامل للمدينة من الجهة الغربية، أم أنها ستنتظر بعض الوقت لاستكمال تحرير بقية الجبهات، قبل أن تُطْبِق قوّاتها على مركز المحافظة وتبدأ عملية منسّقة لإستعادته؟ ومهما كانت التكتيكات التي سيتّبعها مقاتلي الحوثي في اندفاعتهم الأخيرة، فإنه يبدو أن قرار السيطرة على المدينة قد اتخذ على المستوى السياسي.
وتسربت معلومات علم بها “حيروت الإخباري”، أن جهوداً إقليمية بُذلت في الأيام الماضية، قدّمت في بموجبها السعودية تنازلات وصلت إلى حدّ موافقتها الكاملة على مبادرة رئيس المجلس السياسي الأعلى التابع للحوثيين، مهدي المشاط، والتي قُدّمت في العام الماضي، في شأن مأرب، لكن السعودية، ومن خلفها الولايات المتحدة وبريطانيا، لم تُقدّم بعد الضمانات اللازمة للسير في مبادرة المشاط أو أيّ مبادرة أخرى، الأمر الذي يثير الشكوك لدى الحوثيين في صدقية نيات التحالف السعودي – الإماراتي، وخصوصاً أن التجارب السابقة أظهرت تملّص الأخير من تعهّداته عندما تتحقّق مآربه، بذريعة الاضطرار إلى الالتزام بالمرجعيات الدولية في شأن اليمن، وقرار مجلس الأمن 2216 الذي يجيز للسعودية وحلفائها استباحة السيادة اليمنية جوّاً وبحراً وبرّاً.
من جهتها، ترى جماعة الحوثي أن تلك القرارات والمرجعيّات هي السبب الرئيس في إغلاق الأفق السياسي وإفشال المسارات التفاوُضية منذ بداية الحرب، فضلاً عن أنها صدرت في ظلّ اختلال الموازين السياسية والعسكرية، وجاءت صياغتها بما يراعي مصالح النظام السعودي كاملة، مع إبقاء اليمن تحت هيمنته ووصايته وبما يتناقض مع السيادة الوطنية. ولهذا ترى جماعة الحوثي أن المرجعيات والقرارات المشار إليها لم تعد صالحة للتأسيس عليها، سواء في مسار جزئي، كما حصل في «اتفاق استوكهولم» في شأن الحديدة وكما هو مطروح حالياً في مأرب، أو في المفاوضات الشاملة.
وتضع الاندفاعة الحوثية الحالية نحو مأرب الجانب السعودي، أمام تحدٍّ صعب، بعدما كان الرهان على فشل الحوثيين في السيطرة على مركز المحافظة، من خلال استنزاف طرفَي المعركة أي حزب الإصلاح والحوثيين، وبالتعويل على افتقار الأخيرة إلى الحاضنة الشعبية هناك. لكن كما في كلّ مرّة، لم تتوافق حسابات المملكة مع ما يجري على الأرض. إذ إن من شأن كسر خطّ الدفاع الأخير لقوات هادي منْع حالة الاستنزاف، ووضْع حدّ لتفوّق سلاح الجوّ السعودي.
وفي السياق ذاته، يضع هجوم قوات الحوثي على مأرب الإدارة الأميركية الجديدة في موقف حرج للغاية، إذ تدرك الأخيرة أن هذه المعركة لن تُحدّد الرابح والخاسر في اليمن فحسب، بل في المنطقة والإقليم برمّته. وكان المبعوث الأميركي إلى اليمن، تيم ليندركينغ، قد حذّر، منتصف الأسبوع الجاري، أمام أعضاء في الكونغرس، من أن الهجوم على مأرب الغنية بالغاز يشكّل «أكبر تهديد لجهود السلام»، معتبراً أنه إذا لم يتوقّف القتال هناك «فسيؤدي إلى موجة أكبر من المعارك والاضطرابات».