هكذا نشب “كورونا” مخالبه في تعز
حيروت- متابعات
“حفر القبور مستمر منذ أيام، فيما المستشفيات تعج بمصابي فيروس كورونا، والمواطنون لا حول لهم ولا قوة إلا الدعاء بالفرج القريب”.
هكذا وصف المواطن اليمني محمد سيف واقع الصحة في تعز، كبرى المحافظات سكانا، التي تشهد وبقية المحافظات، موجة ثانية من انتشار فيروس كورونا منذ أسابيع.
يشير سيف وهو رجل في العقد الرابع من العمر في تصريحات لـ”لأناضول” أن:” الواقع الصحي في مدينته بات مخيفا، بفعل انتشار وباء كورونا، دون اتخاذ إجراءات احترازية من قبل معظم السكان الذين يعانون الفقر ولا يستطيعون شراء الأدوات الصحية التي قد تقيهم من المرض”.
سيف أضاف أنه “أصيب مؤخرا مع زوجته بأعراض شبيهة لأعراض فيروس كورونا، لكنهما قررا المكوث في المنزل لأيام حتى تم شفاءهما”.
وأوضح أن “الوضع المادي وعدم الثقة بالجانب الصحي أجبرنا على عدم الذهاب إلى المستشفى”.
وتابع: “عانينا كثيرا من هذا الوباء، وكثير من أصدقائنا أيضا أصيبوا بذلك، بعضهم توفوا بعد صراع مع هذه الجائحة”.
ولفت أنه إذا استمر الوضع على هذا الحال، فإن اليمن قد تتحول إلى مقبرة كبيرة نتيجة انهيار القطاع الصحي.
ومنذ أسابيع يواجه اليمن موجة ثانية من فيروس كورونا، ضربت جميع المحافظات الـ22، ما أدى إلى خلق تداعيات إنسانية وصحية كبيرة.
وحتى مساء السبت، ارتفع إجمالي إصابات كورونا في المناطق الخاضعة للحكومة الشرعية إلى 4697 ، بينها 932 وفاة، و 1715 حالة تعافٍ.
ومنذ بداية جائحة كورونا مطلع 2020، لم تعلن جماعة الحوثي “أنصار الله” سوى عن إحصائية واحدة كانت في 18 مايو/أيار الماضي، أعلنت حينها 4 إصابات بينها حالة وفاة، وسط اتهامات شعبية ورسمية للجماعة بإخفاء أعداد المصابين في مناطق سيطرتها.
وأدى فيروس كورونا إلى وفاة 75 طبيبا يمنيا، وفق أحدث بيان صادر عن نقابة الأطباء والصيادلة في البلاد.
كما أدى الوباء إلى وفاة شخصيات كبيرة، بينهم مسؤولون حكوميون وقادة عسكريون وصحفيون.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية باليمن، الجمعة، عبر حسابه على تويتر إن البيانات الرسمية لا تعكس الانتشار الحقيقي لفيروس كورونا في البلاد، داعيا إلى توخي الحذر والالتزام بالممارسات الاحترازية، للحد من انتشار أوسع للجائحة ولتفادي مزيد من التدهور في الوضع.
يقول تيسير السامعي نائب مدير الإعلام في مكتب وزارة الصحة العامة والسكان في تعز، للأناضول “نعاني موجة من فيروس كورونا تضرب المحافظة الأكثر سكانا، ومختلف المحافظات اليمنية”.
وأضاف “الوضع الصحي في اليمن أجمع يعيش أسوأ مراحله، فيما محافظات تعاني انتشارا كبيرا لكورونا دون أي إعلان رسمي عن وقوع إصابات” (في إشارة إلى المناطق الخاضعة لسلطة الحوثيين).
وتابع: “يواجه القطاع الصحي هذه الموجة بإمكانيات محدودة، رغم افتقار الطاقم الطبي لوسائل السلامة والوقاية، ومع ذلك يعملون بكل اجتهاد وتفان في سبيل حماية السكان”.
وأردف: “هناك الكثير من زملائنا في القطاع الطبي أصيبوا بفيروس كورونا، نتيجة افتقارهم لوسائل السلامة”.
ومضى قائلا “في ظل افتقار الواقع الصحي لكثير من الدعم، لا يوجد لدينا سند سوى التعويل على وعي المواطن والتزامه بالإجراءات الاحترازية والوقائية قدر المستطاع، وكما انتهت الموجة الأولى كلنا أمل بانتهاء هذه الموجة”.
يصارع اليمن كورونا، في وقت يصعب على ثلثي السكان الوصول إلى الخدمات الصحية، ونصف المرافق الطبية فقط استمرت بالعمل جراء الحرب، وفق تقارير سابقة لمنظمة الصحة العالمية.
تقول عفاف الأبارة، صحفية وباحثة في الشؤون الإنسانية، إن الوضع الصحي والإنساني في ظل تفشي وباء كورونا باليمن بات أكثر مأساوية من أي وقت مضى.
وأضافت: “موجة ثانية من كورونا انتشرت بشكل أكبر من الموجة الأولى التي بدأت في مثل هذا الشهر من العام الماضي (أبريل/ نيسان)”.
وأفادت بأن: “الكثير من اليمينين أصيبوا بالفيروس، دون أي إحصاء لهم، كونهم لا يذهبون إلى المستشفيات من أجل العلاج، أو نتيجة التقصير من قبل السلطات في رصد الحالات أو فحصها”.
ومضت قائلة “ما يتم الإعلان عليه من قبل السلطات هو شيء يسير مقارنة بالوضع الصحي الكارثي”.
وأشارت أنه “يفترض أن يكون للوكالات الأممية والدولية الإغاثية دور فعال في هذا الوقت الحرج، سيما أن معظم اليمنيين غير قادرين على اتخاذ إجراءات احترازية من الفيروس، بسبب عدم قدرتهم حتى على شراء كمامات وقفازات بشكل مستمر نتيجة الفقر”.
وحول مستقبل هذه الموجة تقول الأبارة “لا أفق واضح حول الأمر، فالوضع الصحي مأساوي جدا، ولا تدخل فعال من قبل السلطات والمانحين لمكافحة الوباء، ما يجعل اليمنيين يصارعون المرض لوحدهم وسلاحهم الوحيد الأمل بالخلاص السريع”.
ء.