هل تتحول السعودية من خصم إلى وسيط.. ومن الرابحين والخاسرين من المبادرة السعودية؟ “تحليل”
حيروت – متابعات
أعلنت السعودية على لسان وزير خارجيتها فيصل بن فرحان عن مبادرة لإنهاء الأزمة اليمنية والتوصل لحل سياسي شامل، في مبادرة هي الأحدث لسلسلة مبادرات كانت قد تقدمت بها الرياض وصنعاء.
وتضمنت المبادرة طرحا لوقف إطلاق نار شامل تحت مراقبة الأمم المتحدة، في مقابل قضايا أخرى ظلت ترواح طاولات المشاورات العلنية والسرية طوال ست سنوات.
ورأى خبراء أن السعودية تناور أمام العالم “إنسانيا” وهي قضية مطار صنعاء والذي فشلت المحادثات السابقة لفتحه.
وكانت حكومة الشرعية في وقت سابق قد وافقت على فتح الرحلات الدولية إلى مطار صنعاء بشرط التفتيش في مطار عدن لكن جماعة الحوثي رفضت ذلك، وبقي الملف رهين التقارير الحقوقية للمنظمات المحلية والدولية.
اليوم ترمي السعودية الورقة بكامل تناقضاتها أمام الحوثي، فالملف بدا وكأنه سعوديا بحتا ولم يعد للحكومة والشرعية أي حضور في الطرح السعودي، وقد خاطب وزير الخارجية السعودية الطرفين الحوثي وحكومة الشرعية على حد سواء بمنطق أقرب إلى الوساطة.
في المقابل نجحت جماعة الحوثي في انتزاع تنازل من السعودية باعتبار أن الكرة في ملعبها وهي التي تقرر وقف الحرب، فيما تكتفي حكومة الشرعية بالترحيب بما يأتي من السعودية.
واعتبر الخبراء أن الحوثي ظهر اليوم بمنطق القوي الذي يجيد التفاوض، وبرغم أنه كسب ورقة هامة بفتح مطار صنعاء لكن يبدو أن الأمر جاء مبكرا من جهة ومتأخرا من جهة أخرى، فهو مبكر على الانتهاء من ملف مأرب، ومتأخر حيث كان يفترض قبل تحرك تلك الجبهة أيضا.
في السياق، تتمثل المخاوف لدى حكومة شرعية في أن يتم وقف إطلاق النار بين السعودية والحوثي، وهو الأمر المرتبط بوقف هجمات الحوثيين بالطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية مقابل وقف غارات التحالف السعودي، دون ان يشمل الوقف جبهات القتال، في حين أن التغطية الجوية للتحالف السعودي هي من ساهمت بعرقلة زحف قوات الحوثي في مأرب رغم الطاقات البشرية والتسليحية الهائلة التي كان مقررا لها أن تجتاح المحافظة في وقت قياسي.
في المقابل وجدت الرياض نفسها أمام وضع محرج عسكريا حيث تتجول الطائرات المسيرة فوق منشأتها النفطية ومطاراتها وتفتضح بين الحين والآخر في كشف الأضرار والخسائر.
يؤكد الخبراء أن الحوثي لن يقبل بإيقاف إطلاق النار كليا قبل أن يضمن مأرب، فمنطقة يتمحور حول دولة بدون نفط مأرب لا يمكن لها أن تقام.
وبحسب اجماع العديد من المتابعين، فإن منطق الحوثي يتسم بذكاء تفاوضي، فالحوثي سيضغط بأن يكون التفاوض مع السعودية بالمقايضة، التخلي عن مساندة حكومة الشرعية بالطيران مقابل إيقاف الطيران المسير والصواريخ الباليستية على السعودية.
هذه الفكرة قد تجدي نفعا مع السعودية، فهي الخاسر الأبرز حاليا، سواء المال العسكري، أو الإحراج الدولي لها عسكريا وإنسانيا وسياسيا.
وتبقى حكومة الشرعية هي آخر المستشارين في التفاصيل، لذلك ليس لها من الأمر سوى الترحيب بكل ما يطرح، وآخر أوراقها أن تقبل بالأشياء حتى التي تضرها بغرض “إحراج الحوثي أمام العالم”، وهم الحوثي هو النصر.
السعودية بدورها، طرحت مقايضة لكن ليس لها أي ثقل وهي مقايضة هزيلة، وذلك حين طرحت ملف إيرادات الحديدة، وهو طرح مغر للحوثي.
أحد أهم أجزاء المبادرة يتمثل في ذهابها بعيدا لحل الإشكالية بدون اعتبارات للشراكة بينها وبين حكومة الشرعية وهو أمر بات جليا، حيث ترفض دعم حكومة هادي ودعم البنك المركزي ماليا، وأيضا ترفض المساهمة في معارك تعز، ويقتصر مساهمتها حاليا في مشاركة الطيران في محافظة مأرب.
يشار إلى أن المبادرة “تتضمن إيداع الضرائب والإيرادات الجمركية لسفن والمشتقات النفطية من ميناء الحديدة في الحساب المشترك بالبنك المركزي اليمني وفقاً لاتفاق ستوكهولم بشأن الحديدة وفتح مطار صنعاء الدولي لعدد من الرحلات المباشرة الإقليمية والدولية”.
وجاءت هذه المبادرة قبل أيام من مرور الذكرى السادسة لبدء عملية “عاصفة الحزم” التي بدأها التحالف السعودي في 26 مارس 2015، ضد اليمن، ما يعني صمود صنعاء وفشل الرياض في تحقيق أهدافها.