التقرير الأميركي، والعرش السعودي. أي خطر؟ بقلم/ سامي كليب
بقلم/ سامي كليب
لن يكون سهلاً على ولي العهد ووزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان قراءة العنوان الكبير في الاعلام العالمي الليلة والقائل إن : الولايات المتحدة تكشف “إن بن سلمان وافق على قتل جمال خاشقجي” ( هكذا مثلا عنونت بي بي سي). لكنه حتما ليس متفاجئا بما قيل. فالاتهام مُنتظر منذ فترة، وكان محور إتصال رسمي قبل 24 ساعة بين الرئيس الأميركي جو بايدن والملك السعودي، ومحور اتصالات كثيرة جرت قبله.
لكن من المهم التوقف عند بعض الملاحظات والأسئلة المنطقية:
الملاحظة الأولى : هل أن تقرير صادر عن مدير وكالة الاستخبارات المركزية يؤكد نهائية الوقائع، أم أنه بداية لمسار طويل، وانه ما زال يحتاج لاجراءات قانونية قد تطول لسنوات، وبالتالي فان باب الحلول ما زال مفتوحا؟ صحيح أن الإدارات الأميركية بدأت اجراءات عقابية ضد مجموعة من السعوديين، لكن لم تحصل محاكمات بعد لتثبت قانونيا ما حصل حتى مع وجود تسجيلات صوتية وبصرية واعترافات .
· الملاحظة الثانية: ان تسليط الضوء على الأمير محمد، يطرح السؤال الجوهري التالي : هل تريد واشنطن إعاقة وصول الأمير الى العرش؟ هذا يفتح الأوضاع على مخاطر داخلية في السعودية لجهة احتمال ان تكون الاستخبارات الأميركية مثلا على تنسيق مع مراكز قوى سعودية أخرى للاطاحة بالأمير.
· الملاحظة الثالثة: ان حجم التبادل الأميركي السعودي يبلغ مئات مليارات الدولارات، وإن جزءا كبيرا من هذا التبادل يتعلق باستيراد السعودية للأسلحة، والأمير محمد هو وزير الدفاع، الأمر سيكون حتما بالغ الصعوبة، ليس على مستوى السلاح فحسب وانما أيضا بالنسبة للتنسيق الأمني والمناورات والتحالفات وغيرها.
· الملاحظة الخامسة : لم تكتف واشنطن بتسليط الضوء على ولي العهد ومعاونيه، وانما طالت اتهاماتها كل السعودية كدولة. فوزير الخارجية الاميركي أنتوني بلينكين الذي أعلن ان بلاده فرضت قيودا على 76 شخصية سعودية، قال بوضوح : أن أميركا لن تتسامح مع تهديدات السعودية للنشطاء والمعارضين والصحفيين واعتداءاتها عليهم. وأن الرئيس بايدن قال بشكل واضح إن علاقتنا مع السعودية يجب أن تعكس قيمنا “
هذه اللهجة الأميركية تتبنى حرفيا ما كان يقوله الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما في غير مناسبة عن الخليج،وهو ما يؤكد أن إدارة بايدن تدور في المناخ عينه، وان العلاقة مع الرياض ستكون مشوبة بالكثير من الضباب والصعوبة والضغوط حتى ولو ان الخط العام يبقى في اطار التحالف الاستراتيجي الضروري للبلدين.
السؤال الآن، ماذا ستفعل السعودية؟
من الصعب التفكير بأنها ستُصعّد، فهي موجودة حاليا في مدار من الأزمات المُقلقة، ذلك أن ادارة بايدن تريدها ان تنهي حرب اليمن، وإيران قد تجلس على طاولة التفاوض مع أميركا، وشؤون العرش السعودية تحتاج في هذه المرحلة الانتقالية الى استقرار في علاقات السعودية مع الدول الحليفة، وثمة ضبابية كبيرة تخيّم على مسالة الانفتاح على اسرائيل بعد رحيل ادارة ترامب. ولا شك أن اسرائيل ستحاول اللعب على وتر هذا التناقض لتشجيع الرياض على فتح علاقات علنية معها كمخرج لأزماتها.
لا شك أن بايدن ربح رأيا عاما أميركا وعالميا، بقضية الراحل جمال خاشقجي وأرسل إشارات واضحة على سعيه لأن تكون حقوق الانسان في صلب سياسته الخارجية على عكس ما كانت عليه سياسة دونالد ترامب، لكن ماذا لو اصطدمت هذه الحقوق بمصالح أميركا لاحقا أو بمصالح اسرائيل العليا…. هل يُكمل أم يتوقف؟ للنتظر ونر.