صدى معركة مأرب ينعكس على “تويتر” ويصل إلى لبنان… حقوقي لبناني للحريري: “مو منيحة بحقك يا بروف”
بقلم/ عمار الأشول
التراشق بالكلمات لا يختلف عن التراشق بالرصاص، بل إن الكلمة هي مفتاح الطلقة أو بوابة العبور الأولى، إذ أن الحرب تبدأ بكلمة وتنتهي بكلمة وما بينهن تستمر وتستعر بالكلمات. وما يدور في مأرب، اليوم، ليس سوى فصلاً من فصول الحرب التي بدأت بالتعبئة. وكي لا تتوقف الحرب قبل تحقيق أهدافها، يستمر إصدار الكلمات، هذه الكلمات التي هي بمثابة وقود لأي حرب بالنسبة لأمراء الحروب.
كان الشعراء والخطباء والفصحاء عموماً، هم من توكل اليهم مهمة الحرب الكلامية، سواءً تلك التي تسستبق الحرب وتهيئ لها أو التي تتزامن معها أو حتى تلك التي تعقبها، لكننا اليوم، وفي ظل الثورة الإلكترونية، نشهد حضور الحرب الكلامية في مواقع التواصل الإجتماعي، وكأننا نقف أمام مرآة كبيرة تعكس الصراع بالكلمات، وتظهر لنا كيف يتم طرح الآراء والتحليلات سواء المتحيّزة أو تلك المستقلة. وكي نقترب أكثر من هذا الصراع اللفظي حول معركة مأرب، نطل قليلاً على أبرز الآراء والتغريدات في “تويتر”.
لقد سبقت معركة مأرب الدائرة معركة من نوع آخر، تتمظهر تجلّياتها بعيّنة من التغريدات والخطابات، مثل ما علّق به الناطق الرسمي باسم جماعة الحوثيين، محمد عبدالسلام، في بداية فبراير، حول ما تداول حينها عن اختطاف السلطات في مأرب لمجموعة من النساء النازحات وتسليمهن للسعودية، حيث قال في صفحته على “تويتر” إن “اختطاف النساء في مدينة مأرب من قبل مرتزقة العدوان، جريمة تضاف إلى جرائمهم بحق آل سبيع والأشراف وقبائل مأرب، الذين يلاقون الويلات جرّاء ممارسات بالغة السوء، فلا مراعاة لقيم الدين ولا لأعراف القبيلة”.
اتفق معه نائب وزير الخارجية في حكومة صنعاء، حسين العزي، الذي قال حينها، إن “مظالم وجرائم تطال العرض المصون في مأرب، وتستصرخ الغيارى وأباة الضيم هو عيبٌ وعملٌ جبان، وهو لعمري أشد على صدور الكرام من كل جرح وألم ووطأة قدم”، وأضاف “نعم إذا توارت الرجال وتلاشت القيم تغيب غطاريف البيض فلاترى في عيونهن الساجيات سوى الحزن والقهر”، مناشداً “ياشباباً بمأرب، بربكم هل مايزال في الحي رجال”؟
وكما أن حكومة الشرعية وحزب “الإصلاح” في مأرب، كانوا في موقع الدفاع أثناء المعركة الكلامية، فإنهم اليوم في نفس الموقع في المعركة العسكرية. حيث سعوا لدفاع عن أنفسهم ضد ما نسب إليهم من ممثلي جماعة الحوثي. وممّا جاء في تغريداتهم، نفي سفير حكومة الشرعية في “اليونسكو” محمد جميح، هذه التهمة، قائلاً: “ألقت أجهزة الأمن في مأرب القبض على خلية نسوية حوثية مزودة بأجهزة تحديد مواقع ولواصق ألغام، فثارت ثائرة الكهنة وذهبوا يفترون أن أمن مأرب سلّم حرائر اليمن للعدوان السعودي”.
أما وزير الإعلام والثقافة والسياحة في حكومة الشرعية، معمر الإرياني، فقد دافع عن موقف حكومته بصورة غير مباشرة، حيث اتهم الحوثيين بإضطهادهم للمرأة في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، مغرّداً: “بدأت مليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران في فصل الطلاب والطالبات في قاعات الجامعات الحكومية الواقعة بالعاصمة المخطوفة صنعاء، وباقي المناطق الخاضعة لسيطرتها بجدران خرسانية، في حادثة غير مسبوقة”.
أحداث وتطورات المعركة العسكرية هي الأخرى، انعكست أيضاً على مواقع التواصل من خلال المعركة الكلامية التي تدور رحاها بين ممثلين أو مؤيدين لأطراف الصراع. مثل ما جاء في تغريدة رئيس قناة “الهويّة” الموالية لجماعة الحوثيين، محمد علي العماد، حيث قال: “إلى شباب الإصلاح المفسبكين من فنادق الرياض وشقق إسطنبول، سألتكم بالله لا تكذبوا على شباب الإصلاح في مأرب وأنتم أعلم من غيركم بأن الأمر قد حسم، والمفروض بأن تقولوا الحقيقه من أجل حفظ دماء من لم يقتل إلى الآن”، متابعاً: “وأنا محمد العماد، أقول لمن يريد العودة من شباب الإصلاح إلى صنعاء، عليه أن يتحرك، وقيادة صنعاء ترحب بكل يمني”.
من الناحية الأخرى، وعلى سبيل المثال للصراع اللفظي المتزامن مع المعركة العسكرية، قال الناشط السياسي الموالي لحزب “الإصلاح” خالد الآنسي، إن “حرب الإمامة على مأرب لم تتوقف من الستينيات، وما تعرضت له مأرب من حرمان وتشويه على مدى العقود التي مضت إلا جزء من الحرب عليها، ومن إدراك الإمامة لأهمية مأرب في معركة التغيير والدفاع عن الجمهورية”.
أما رئيس تحرير صحيفة عدن الغد، فتحي بن لزرق، فقد ذهب إلى أن هناك اتفاقاً إماراتياً حوثياً من تحت الطاولة لتحييد السعودية وكسر أجنحة حلفائها المحليين، متسائلاً: “استغربت واستغرب الملايين من اليمنيين حالة الحشد الحوثية تجاه مأرب، لكن حينما علمنا وعرفنا أن الحوثيين أبرموا اتفاق تهدئة مع بعض قيادات الساحل الغربي، فهمنا وفهم العالم أجمع، فمتى ستفهم المملكة”، مختتماً تغريدته بالقول: “باتت اللعبة واضحة ولا تحتاج إلى بيان أو تبيان”.
في حين رأى الناشط في المقاومة الجنوبية، عادل الحسني، أن “في معركة مأرب يجتمع الثلاثي المرعب الجوف ومأرب وشبوة مع أبطال الجيش الوطني في الدفاع عن الجمهورية والوحدة، التي يريد القضاء عليها كلاً من جماعة الحوثي والإنتقالي الإماراتي”.
لم يقتصر هذا السجال حول معركة مأرب وشظاياها التي وصلت اليوم إلى مطار أبها، على اليمنيين فحسب، بل برز في خطاب شخصيات من الإقليم والعالم، حيث علّق رئيس الوزراء اللبناني المكلّف، سعد الحرير، في صفحته على “تويتر”، بأن “الأعتداء على مطار أبها في المملكة العربية السعودية من جانب الميليشيات الحوثية جريمة حرب بكل المقاييس، وتطور خطير يستدعي تحركاً دولياً عاجلاً لوضع حد لهذه الجرائم”، مضيفاً “كل التضامن مع المملكة وقيادتها”. ليتفاجأ الحريري بجملةً من التعليقات المعارضة لفكرته، من بينها رد الناشط الحقوقي اللبناني، حسن عنّان، الذي غرّد مستهجناً: “وقصف اليمن يا سعد السعود على مدار خمس سنين وأكتر، شو هوي، جرائم حرب أو كانو عم بيرموا عليهم ورود، والله مو منيحة بحقك يا بروف”.