بعد دعوات التطبيع التي أرسلها الزبيدي..هل يقبل الإنتقالي بسفير يهودي من صعدة؟
يقول أحد القوانين الفيزيائية “لكل فعل رد فعل مساوٍ له في القوة معاكس له في الإتجاه”، لكن القوانين الاجتماعية ومعادلات الإنتماء، رغم صعوبة قياسها، إلا أنها أثبتت بأن لكل فعل رد فعل أكبر وأعظم منه، معاكس له بالتوجه والاتجاه. يؤكد ذلك إعلان ما يُسمّى بالمجلس الإنتقالي الجنوبي، بلسان رئيسه عيدروس الزبيدي، ترحيبه بالتطبيع مع إسرائيل، حيث تداعت كل القبائل والمدن في جنوب اليمن كما يتداعى الجسد الواحد، رافضةً ومستنكرةً هذا الفعل، بإعتباره خيانة وطنية وقومية وإسلامية وحتى إنسانية، بحسب ما جاء في بياناتها التي أعقبت المظاهرات والإحتجاجات، وشعاراتها التي رُفعت في الساحات العامة وعلى وسائل الإعلام ومواقع التواصل. معتبرةً بأن هذا الموقف الذي أعلنه الزبيدي لا يمثل إلا نفسه، والزبيدي ليس سوى مردداً لتغريدات مشائخه في الإمارات.
وبالتزامن مع التنديد الواسع بالتطبيع، طفت على السطح قضية التواجد الأجنبي في جنوب اليمن واحتلاله، حيث ارتفعت أصوات المتظاهرين ضد أي تواجد وتحت أي مسمّى. والتقى المحتجون في الأرياف والمدن عند مبدأ واحد هو مبدأ الرفض لكل القوات المحتلّة، محملين المجلس الإنتقالي المسؤولية التاريخية إزاء غرسه النبتة الإسرائيلية في أرخبيل سقطرى، وتحويله للجنوب إلى ما يشبه حظيرة لشيوخ الإمارات.
ولطالما عملت قوات الإحتلال وخاصة الإماراتية، على التفريق بين محافظات الجنوب ومدنه وقراه، من خلال إحياء الثارات، وإذكاء الخلافات القديمة بشقيها السياسي والاجتماعي، لكن أبناء الجنوب، ومهما تم استمالة البعض منهم، إلا أن جميعهم أو الغالبية العظمى منهم، تلتف حول قضاياها الوطنية، وتلتقي تحت مظلّة المواطنة التي لا تقبل المساومة في السيادة أو الكرامة أو أي مبدأ، متجاوزةً الخلافات الجانبية في سبيل ما تحمله من القيَم.
وقد تجلّى ذلك في موقف زعماء القبائل وأبناء الريف وسكان الحضر، حيث التقت، على سبيل المثال، قبائل بازكام ويافع والعوالق، في رفض ما أعتبرته “السقوط الذي إن دل على شي فأنما يدل على التبعية العمياء لبعض السّاسة لدولة الامارات التى بدأت بأعلان التطبيع مع الكيان الصهيوني”، واتفقت هذه القبائل على أنها “لن تكون مطيّة لكل من يدعي الوصاية على أبناء الجنوب ليبيعهم في مزاد النخاسة والمتاجرة بقضايا الأمة”، وأجمعت على أن “من يبيع نفسه وكرامته للمستعمرين الجدد، ليس بغريباً عليه أن يبيع مقدسات المسلمين وأراضيهم وأرضه وكرامته للعدو الإسرائيلي”، وحذرت في ختام بياناتها بأنه “سيكون لها موقف جاد وحازم تجاه رئيس الإنتقالي وكل القيادات التي ستسير على ذات المنوال”.
ردود الأفعال هذه التي تبنتها القبائل، لا تختلف عن تلك التي صدرت خلال وعقب المظاهرات في الأرياف والمدن في كل المحافظات الجنوبية، حتى المسيرات ووقفات الاحتجاج النسائية كانت حاضرة ومتفقة مع نظيراتها، حيث التفّت جميعها حول مبدأ واحد هو لا للتطبيع. وفضلاً عن إحراق العلم الإماراتي والإسرائيلي في المظاهرات للتعبير عن السخط الشعبي إزاء التطبيع، فقد حذّرت البيانات الصادرة من استمرار التواجد الإسرائيلي في جزيرة سقطرى أو محاولة التستّر عليه.
إذ شدد المحتجون في سيئون، على سبيل المثال، على “وجوب مقاومة الإحتلال، مؤكدين دعمهم التام للحراك الشعبي والقبلي المطالب برحيل المحتل من أرخبيل سقطرى”. في حين شدد المحتجون في يافع على “رحيل الإحتلال الإماراتي”، معبرين عن سخطهم الكبير بـ”إحراق علم الإمارات ودعسه”. أما في أبين، فقد ردد المتظاهرون بمديرية الوضيع شعارات عدّة من ضمنها “جنوبيون ضد التطبيع”، “فلسطين عربية وعاصمتها القدس الشريف”، و”لا للتواجد الإسرائيلي في سقطرى”. وفي كرش بمحافظة لحج، شدد المتظاهرون على “وجوب مقاومة الإحتلال”، مؤكدين “وقوفهم مع أي تحرك نحو تحرير أرخبيل سقطرى”. وما هذه إلا عيّنة بسيطة من احتجاجات ومواقف مماثلة شهدتها جميع مدن الجنوب وأغلب أريافه، وتبنتها معظم قبائله.
وبالاقتراب من المجتمع المدني وسماع رأيه، قال الناشط السياسي، حافظ نديم، إن “موقف الزبيدي إزاء التطبيع، موقف مرفوض من كل أبناء الجنوب، ولا يعبّر عن شعب الجنوب بمافيهم الأغلبية من أنصار الإنتقالي، إنما يعبّر عن الأجندات الخارجية التي يمثلها عيدروس الزبيدي”. وقد أتفق معه في ذلك تمّام باوزير، الذي عبّر عن “رفضه للخطوة التي قام بها عيدروس الزبيدي بالبتطبيع مع الكيان الصهيوني”، معتبراً ذلك “خيانة للأمه العربية وقضية فلسطين الحرّة، وأن القرار الذي قام به يمثل نفسه ولا يمثل أبناء الجنوب”. ومن باب الطرفة علّق عبده محمد عبدالله، في حديثه لـ”حيروت” ساخراً: “اخوتنا في الإنتقالي الراغبين بالانفصال، تخيلو معي لو تروحوا تطبّعوا مع إسرائيل وتفتحو لها سفارة في عدن، وترسل لكم بعدين سفير يهودي شمالي من صعدة”!
نقلاً عن الوطني