ارتفاع قياسي لضحايا حوادث السير في حضرموت
محمد سليمان
ليست الحرب وحدها من تحفز الموت على تخطف أرواح اليمنيين طوال سنواتها العجاف، فهي ليست إلا وسيلة جديدة من وسائل نقل الإنسان من ظاهر الأرض إلى باطنها بفعله الممتلئ بالحقد والكراهية والأنانية؛ هو خاطف آخر للأرواح بفعل غير متعمد وغير مقترن بكراهية الإنسان لأخيه الإنسان.
الحوادث المرورية يزداد عدد ضحاياها في اليمن يومًا بعد يوم، لتنافس بذلك ما تحصده الحرب من أرواح اليمنيين. شبكات الطرق المهترئة والمتهالكة الرابطة بين المحافظات والمديريات والأحياء، التي لم يتم ترميمها، وخاصة مع سنوات الحرب، هي إحدى المسببات الرئيسية للحوادث في اليمن بشكل عام، وحضرموت بشكل خاص.
حوادث السير بحضرموت
في محافظة حضرموت جنوب شرقي اليمن، التي تعد المحافظة الأقل تضررًا بفعل الحرب تأخذ حوادث السير النصيب الأكبر من الأرواح في مناطق وادي حضرموت، حيث أفاد مدير إدارة شرطة السير بوادي وصحراء حضرموت العقيد فائز العامري، أن عدد الحوادث المسجلة بمديريات وادي وصحراء حضرموت في العام 2020، بلغت 271 حادثًا، منها 126 حادث صدام، و95 حادث انقلاب مركبة، و50 حادث دهس.
العامري أشار إلى أن إجمالي عدد الوفيات بلغ 70 حالة وفاة؛ 47 من الذكور و23 من الإناث، فيما بلغ عدد الإصابات البليغة نحو 88 إصابة، والخفيفة 43 إصابة.
إحصائيات مرعبة، حد وصف العامري، الذي أوضح أنه من الواجب على أولياء الأمور تنبيه أبنائهم بخطر السرعة على الدراجات النارية، التي تعتبر أكثر وسائل النقل تعرضاً لحوادث الشباب والأطفال فيها بسبب السرعة الجنونية، مؤكدًا أن الإدارة في طور عمل حملات كبيرة وحازمة في هذا العام.
السيارات المستعملة
ازدهار تهريب السيارات التي تعتبر من الخردوات القادمة من خارج اليمن عن طريق البحر في زمن الحرب ليتم إعادة صيانتها بطريقة غير محكمة، وتوزيعها على كافة محافظات الجمهورية لغرض التجارة، وخاصة تلك القادمة من المناطق التي تختلف فيها خطوط السير عن اليمن.
ويعتبرها كثيرون إحدى الأسباب الرئيسية لزيادة حوادث السير، كما يقول المهندس الميكانيكي عادل سالم، الذي أشار إلى أن غالبية السيارات (الأوروبية) المهربة يتم تحويل عجلة قيادتها إلى جهة اليسار لتتوافق مع خطوط السير بالجمهورية اليمنية.
لكن تتم تلك العملية بطريقة غير محكمة، الأمر الذي يؤدي إلى تعطل عجلة القيادة وخاصة في المنعطفات الخطيرة، الذي يكون السبب الرئيسي في كثير من حوادث الانقلابات في الطرق السريعة، حسب ما رأى في كثير من السيارات التي يتم جلبها إلى الورشة هنا بحضرموت، حيث تعتبر حضرموت والمهرة أكبر منافذ التهريب لهذه النوعية من السيارات.
إحصائيات عالمية
وحسب بيانات صادرة عن منظمة الصحة العالمية، يلقى نحو 1.25 مليون شخص سنويًّا حتفهم نتيجة لحوادث المرور، وتكلف الحوادث المرورية في معظم بلدان العالم 3% من الناتج المحلي الإجمالي، وأوضحت المنظمة في تقريرها أن نصف الأشخاص تقريبًا الذين يتوفون على طرق العالم يكونون من “مستخدمي الطرق السريعي التأثر”، أي المشاة وراكبي الدراجات الهوائية والنارية.
تشهد البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل 90% من الوفيات الناجمة عن حوادث المرور في العالم، على الرغم من أنها لا تحظى إلا بنحو 45% من المركبات الموجودة في العالم؛ وتمثّل الإصابات الناجمة عن حوادث المرور السبب الأول لوفاة الأشخاص البالغين من العمر من 15 إلى 29 سنة.
وتتسبب السرعة الزائدة أو غير الملائمة على الطرق، في ثلث الوفيات الناجمة عن حوادث السير بأنحاء العالم، ووفقًا للمنظمة، تزيد احتمالات وقوع الحوادث عندما يكون السائق ذكرًا وشابًّا وتحت تأثير الكحول. وتبقى حوادث الطرق السبب الأول للوفيات بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين الخامسة عشرة والتاسعة والعشرين.
لا بصيص أمل يراه المواطن اليمني على المدى القريب، حيث إن السلطات المعنية لا تضع ضمن أولوياتها ملف أمن وسلامة الطرق، وذلك لوجود ملفات سياسية وعسكرية واقتصادية تعد ذات أولوية ملحة، سواء بالنسبة للحكومة المعترف بها دوليًّا أو حكومة صنعاء التابعة لسلطة أنصار الله (الحوثيين).
خيوط