مقالات
تصحيح مفاهيم “13”.. “6سبتمبر ” هدنة أسوأ من حرب !! بقلم أزال الجاوي
بقلم / أزال الجاوي
المقابلة التي نشرت بالأمس في صحيفة الشرق الاوسط اللندنية مع السيد جريفيث المبعوث الأممي إلى اليمن حملت الكثير من التفاصيل حول خطة غريفيث للمفاوضات القادمة التي يمكن تلخيصها بكلمتين استخدمها المبعوث الأممي نصاً وحرفياً في قوله ان الهدف الاساسي من “المشاورات” كما سماها هو “وقف الحرب” ومن ثم بناء الثقة وتشكيل حكومة ثم الدخول في “عملية السلام” (ارجو التركيز هنا على “وقف الحرب” ومن ثم “عملية السلام” ) بكلمة أخرى يقول السيد جريفيث أنه يسعى لهدنة فقط في هذه المرحلة وليس عملية سلمية كاملة , قد يقول قائل أنه لاغبار على ذلك وأن أولوية الوضع الانساني تتطلب وقف الحرب ومن ثم يمكن الحديث على رواق وعلى مهل في كيفية التوصل لحلول شاملة ودائمة .
في تاريخ مساعي الأمم المتحدة لوقف الحروب نماذج كثيرة لهدن تحولت إلى حلول دائمة لعل ابرزها الهدن العربية الإسرائيلية في الحروب المختلفة والتي تحولت حدودها إلى حدود دائمة ونتائجها الى واقع دائم وجسدت منطق الواقع على منطق الحق ومنطق استدامة الصراع على منطق حله وكذلك حصل بين الكوريتين في الهدنة التي لم تنهي الحرب منذ 7 عقود ولم تخلق حلول وثبتت استحقاقات لقوى اجنبية على أرض وسماء وبحر الكوريتين حتى اليوم والساعة .
إن إسقاط تلك النماذج على الحالة اليمنية اليوم هو خطر لايمكن تصورعواقبه المدمرة فهو لايعني تقسيم اليمن الفعلي على طريقة النموذج الصومالي المقسم رغم واحدية الدولة المعترف بها ووجود حكومة واحدة رمزية هشة غير قادرة على ممارسة مهامها كما يسعى لذلك السيد جريفيث فحسب بل يثبت الاطماع السعودية الاماراتية في أرضنا وبحرنا وسمانا وخاصة في الجنوب ويعزز تدخلهم في شؤوننا الداخلية إلى ماشاء الله مثل ماهو حاصل في الكوريتين والذي سيصبح تجاوز ذلك الواقع ليس بأيدي الأطراف المحلية مع مرور الوقت .
إن دبلوماسية جريفيث ورحلاته ومشاوراته خلال فترة تعيينه تدل على أن الرجل تباحث مع الجميع حول خطته وانتزع الموافقة عليها في الحد الأدنى في خطوطها العريضة , وهو ما اشار له في مقابلته الصحفية بوضوح ولم يعد أمام الرجل إلا إخراج ذلك لحيز التنفيذ بعد استكمال الاجراءات الشكلية أو الثانوية والتي ستدشن بمشاورات 6 سبتمبر المقبل في جنيف .
إن القبول بهدنة من هذا القبيل على طريقة النماذج المشار إليها أعلاه ليس فقط لن يحقق سلام بل سيزعزع أمن المنطقة أكثر وسيكرس العداء ليس بين اليمنين انفسهم وإنما بين سكان شبه الجزيرة العربية بشكل عام كما انه لن يدوم طويلاً لأن ذلك يعني أن كل الأطراف قررت خداع بعضها لالتقاط الأنفاس ثم العودة للمواجهة بشكل أعنف بمعنى أن تلك الهدنة تعني رسم قواعد اشتباك جديدة تعطي شكلاً انسانياً أكثر للحرب دون وقفها ودون تغيير حدودها ونطاقها ( تثبيت الحرب بعد تحسين شكلها الإنساني ) إلى أن تصبح استحقاقات بعض الأطراف أمراً واقعاً مع مرور الزمن .
إن الهدنة يجب أن يتفق عليها الأطراف عبر المبعوث الاممي أو غيره قبل لقاء المفاوضات كما أن موضوع المفاوضات يجب ان يكون “السلام” الدائم والشامل وليس مفاوضات من أجل “الهدنة” وغير ذلك هو مقامرة القفز إلى الهاوية طبعاً هذا اذا لم تفشل العملية التفاوضية من أساسها في جنيف القادم .
من حساب الأستاذ أزال الجاوي على الفيسبوك , نشرت بتاريخ 12 أغسطس 2018م