كتب الشاعر الأستاذ/ كريم الحنكي
صَـوتُ أيُّـوبَ زادُ حُبٍّ، وَمَاءُ وَظِلالٌ نَشوَى الْهَوَى وَارتِوَاءُ
مِن ينـابيـعَ عَـــذبةٍ وعُيُــونٍ فـي ديــارٍ شَــرابُـهُـــنَّ الصَّــفاءُ
وانسِكــاباتُ كُلِّ شلالِ وَحـيٍ تستـقـي من أنغـــامِـهِ الأضـواءُ
ونشيـــدٌ صـاغَتْهُ رائِحـةُ الأرضِ؛ ومَـا لحَّنَـــتْهُ.. إلَّا السَّـماءُ
حــالةٌ مِـن ثَــرَىْ وَرُوحِ بِـلادٍ صُـــوِّرَتْ أُمَّـةٌ، بِــهـا، ولِـواءُ
وَهْــوَ أيلـــولُهَا تَجَـــرَّدَ صَـوتاً قَطَّـــرَتْهُ عُصــورُها والغِنـاءُ
فاضَ حتى جَـرَىْ بهِ الصَّخرُ والنَّبتُ، ومُسَّتْ بسـرِّهِ الأحـناءُ
جَمَـعَ الهــــائمينَ مــن كُـلِّ وَجـــهٍ يـمـنِــــيٍّ وَلاؤهُ والـبَــراءُ
وَحَـوَى الْمَوطِـنَ الرَّحيبَ هَـوَىً، فاجتمَعَتْ فيهِ كُلُّها الأشلاءُ.
بُعِثَتْ في لُحُـــونِهِ “بِنتُ كَربٍ” فَهْيَ تِلكَ الوَضَّــاءةُ الحسـناءُ
وَهْيَ ذاتُ العديـدةِ اللــونِ في ما وحَّــدَ الماءُ كُنــهَهُ والقضاءُ
وَهْيَ مكنُــونُ كُلِّ لَحــنٍ تجلَّتْ رُوحُهُ فـيهِ؛ فَهْيَ مِنْهُ الهَــوَاءُ
وَهِيَ الْمُبتَــدَى، وفي المُنتَــهَى الكُلُّ؛ وإنْ تاهَ جُلُّهُ أو أسـاءوا
وَهْيَ مهما هَـوَى بها الدَّهـرُ، تَعــلو؛ ثُـمَّ تُنبِيــهِ أنهـا العـنـقاءُ
قــدرٌ كانَ منـذُ كافٍ ونــونٍ في مـــداها، ألَّا يقـيـــمَ الخُــواءُ
إنْ يَطُلْ، يُحـدِثِ الرَّحيــمُ.. فتَبْرا مُقَــلٌ فِي امْتِــدادِها عمـياءُ
وَتَـــرَىْ مَا طَواهُ بالأمسِ عنها ساتِراها: الأطمــاعُ والسُّفَهاءُ
وَيَـــرَى الْخــاسِرونَ فيها جميعاً زَبــداً ذاهــباً بِهِم، يا جُــفاءُ
فتقَــرُّ القـلــوبُ بَعـدَ جُمُــوحٍ حين تَـدري بما رمــاها البــلاءُ
ثُمَّ تمضي إلى التَّعافي رُوَيدَاً.. مَن يَّرَ الدَّاءَ يَــدنُ مِنهُ الدَّواءُ
ذلكَ الصَّوتُ وَهْوَ يشدو على الحالَينِ فيها، فتُـورقُ الأصداءُ
وعلى رَجـعِهِ تَطِيــــبُ، فتـدنـــو لمـلاقــاةِ بعضِــها، الأنحاءُ
عَـدَنٌ تستقي تَعِــزَّ؛ وتدعو حَضرموتُ الشُّجـــونِ يا صنعاءُ
احسِنِي عِصمَةَ الدِّيــارِ، وإلَّا أســرفَتْ فِي انفِـلاتِها الأهــواءُ
وتنــاءتْ بأهـلِها فــوقَ ما قد.. واستبدَّ السُّــدَى بها، والجَـفاءُ..
لا يُطيقُ النُّهوضَ عُقبَ التَّرَدِّي غيرُ مَن صَحَّ عزمُهُ والعَناءُ
واليمانــونَ لا يصِحُّونَ إلا بِيَدَي وَحـــدِهِم، فيســري الشِّـفاءُ.
صَوتُ أَيُّـــوبَ لم يكن غيرَ شعبٍ أبدَعتْهُ اللحـونُ، والانتـماءُ
وَشَّــحَ الدَّهـــرَ بالحُمَيـنِيِّ صَرحَاً مَرَّدَتْــهُ الفَـــرائـدُ العَصماءُ
فاصدحي بالغناءِ يا أرضَ مَن لَّم يَحظَ فيها بِالبَعضِ مما يشاءُ
واســتردِّي السَّـمَاعَ من كُلِّ صَمتٍ تَرَّهَـتْــهُ العقــائدُ العجـفاءُ
دَنــدنَ العُمــرُ مُتْهِــمَاً، ثُــمَّ غَـنَّــى مُنجِـــداً تستـحِــثُّهُ العلياءُ:
(انثري الشُّهبَ حولَنا يا سماءُ واسكبي الضَّوءَ والنَّدى يا ذُكاءُ
للبــلادِ البـقا.. وللثَّـورةِ المجــدُ.. وللشـعـبِ واللِــــواءِ الولاءُ).
صنعاء؛ أيلول/ سبتمبر، 2024.