الدكتور رياض سالم عواد : إصدار ودراسة حديثة عن العلويين ودورهم الحضاري في بلاد الشام ومصر
صدر حديثاً عن دار صفحات للدراسات والنشر، الجمهورية العربية السورية، دمشق ضمن سلسلة مطبوعاتها للعام (2024( كتاب
(الاشراف العلويون ودورهم الحضاري في بلاد الشام ومصر منذ القرن الرابع حتى العاشر للهجرة .. دراسة في احوالهم الاجتماعية والادارية والاقتصادية والفكرية)، للدكتور رياض سالم عواد/ أستاذ التاريخ الإسلامي المساعد في كلية الآداب/ جامعة كركوك/ العراق، وفيه قال عواد: ان تاريخ الاشراف العلويين حافل بالبصمات الحضارية المشرقة على مرّ العصور الاسلامية لا سيما في بلاد الشام ومصر خلال المدّة من القرن الرابع حتى العاشر للهجرة، على الرغم ممّا عانوه وبقيّة المسلمين من التقلّبات السياسية والاضطرابات الامنية التي عصفت بالدولة العربية الإسلامية خلال الحقبة التاريخية آنفة الذكر، والتي ألقت بظلالها بشكل مباشر على مختلف مجالات الحياة كالاجتماعية، والإدارية، والاقتصادية، والفكرية، ويأتي هنا دور المجتمع الشامي والمصري في مجابهة التحدّيات التي قد تواجه جوانب الحياة التي ذكرناها، بسبب تأثرها بالحالة السياسية التي عاشتها تلك البلاد، والحيلولة دون توقّف عجلة الحياة بمختلف جوانبها، وضمان استمرار دورانها نحو الاتجاه الصحيح، من أجل خدمة الإسلام وأهله بالدرجة الأساس، وكان الأشراف العلويين كجزء من هذا المجتمع لهم الدور البارز والملموس في الإسهام الحضاري لبلاد الشام ومصر إبّان المدّة المقصودة بالدراسة، في دعم الحياة العامة لبلاد الشام ومصر في جانبها الاجتماعي، والإداري، والاقتصادي، والفكري آنذاك، ولاشك ان تناول التاريخ الحضاري للأشراف العلويين من آل بيت الرسول محمد ، يكفي أن يكون سبباً مباشراً لعلو أهميّة هذه الدراسة، ودافعاً عظيماً لتقديم كتابي هذا بين يدي القرّاء بغية لفت أنظارهم على هذه الشريحة الجليلة، وبيان تاريخها المشرق في بلاد الشام ومصر آنذاك .
توزّعت خطة الدراسة ومنهجيتها على ثـلاثة فصول، أما الاول فإنه تضمن ثلاثة مباحث تناول المبحث الأول واقع وإسهامات الاشراف العلويين في الحياة الاجتماعية لبلاد الشام ومصر، إذ تمّ عرض توزيعهم الجغرافي لهذه البلاد، والتطرّق إلى تاريخ بعض هجراتهم إليها، ورحلاتهم بين مدنها، وبيان أهم أسباب توجّههم إلى المدن الشامية والمصرية، ثمّ بيّنا في المطلب الثاني من المبحث الأول المكانة الاجتماعية للأشراف العلويين لدى السلطة السياسية المتمثلة بالفاطميين والأيوبيين، والمماليك، إلى جانب بيان مكانتهم الاجتماعية عند أعيان البلاد محور البحث، أمّا المطلب الثالث فإنه تطرّق إلى طوائف وفئات وطبقات الأشراف العلويين كجزء من المجتمع الإسلامي الشامي والمصري آنذاك.
وناقش المبحث الثاني في مطالبه الثلاثة إسهامات الأشراف العلويين في دعم الحياة الإدارية في بلاد الشام ومصر، بعرض دورهم الإيجابي المعهود عليهم في تولّي دفّة إدارة المؤسسات الدينية والمالية والعسكرية في البلاد، بتقلّدهم مختلف المناصب كالقضاء، والحسبة، وافتاء دار العدل، وكتابة ديوان الإنشاء، ووكالة بيت المال، والنظر، إلى جانب تسنمهم وظائف الإدارة العسكرية، أمّا المبحث الثالث فإنه عرض إسهامات الأشراف العلويين في الحياة الاقتصادية لبلاد الشام ومصر، ومساهماتهم الشخصية في الأنفاق على المرافق العامة للدولة سعياً منهم في خدمة قطاعات الزراعة، والتجارة، والتعليم، فضلاً عن بيان أهم الموارد الاقتصادية للأشراف العلويين في بلاد الشام ومصر حينذاك، أمّا المنهجية التي تمّ إتباعها في عرض الشواهد عن اسهاماتهم في الحياة الاجتماعية والادارية والاقتصادية، فإنه تمّ البدء بعرض شواهد إسهاماتهم في مدن بلاد الشام، بذكر أشراف كل مدينة على حدة، مبدوء بأقدمهم وفاةً، ثمّ الانتقال إلى مدينة شامية أخرى، ومن بعد مدن الشام تمّ عرض شواهد إسهاماتهم في مصر ومدنها بحسب الأقدم وفاة.
أمّا الفصل الثاني فهو الآخر انتظم في ثلاثة مباحث، أختــص الأول منــها بعرض دور الاشراف العلويين في بلاد الشام ومصر في دعم وتطوير العلوم الدينية، كعلوم القرآن الكريم، والحديث الشريف، ثمّ نوقش في هذا المبحث مسألة تأثّر الاشراف العلويين بمبدأ التعدّدية العقدية والمذهبية الإسلامية وفق الاسس والقواعد السليمة، والذي نتج عنه تعدّد ميولات واتجاهات الاشراف العلويين نحو الفرق والمذاهب الإسلامية، وتوزّعهم عليها، فظهر على إثره الأشراف العلويين من أهل السنّة الشافعية، والحنفية، والحنبلية، والمالكية، فضلاً عن ظهور الأشراف من أهل الشيعة، وكذلك من أهل التصوّف، وأهل الاعتزال، مع بيان دورهم الإيجابي المعهود عليهم في دعم الحركة الفكرية ضمن هذه الفرق والمذاهب، فضلاً عن عرض دورهم في مجال الوعظ والإرشاد الديني القائم على الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، أمّا المبحث الثاني من الدراسة فإنه تناول إسهامات الأشراف العلويين في دعم العلوم الإنسانية، كعلوم اللغة العربية في مجال النحو والأدب، ودورهم في دعم ازدهار حركة التدوين التاريخي الإسلامي آنذاك، في حين ناقش المبحث الثالث والأخير دور الاشراف العلويين في دعم وتطوير الحياة التعليمية في بلاد الشام ومصر من خلال بناء المؤسسات التعليمية فيها، ودعمها اقتصاديا، وعلمياً، أمّا المنهجية المتّبعة في عرض الشواهد والأدلّة التاريخية عن أدوار الأشراف المقصودة بالفصل، فأنه تم عرضها حسب المدن، انطلاقاً من مدن الشام كبيت المقدس، وحلب، ودمشق، وبعلبك، ثم الانتقال إلى مصر من بعد عرض الشواهد في هذه المدن.
كما توزّع الفصل الثالث على ثلاث مباحث أيضاً تناول الأول منها تاريخ نشأة نقابة الاشراف في مصر وبلاد الشام، وأسباب نشأتها، أمّا المبحث الثاني فإنه تطرّق إلى منصب نقيب الأشراف في البلاد المقصودة بالدراسة، وبيان مكانة متولّيه، ومهامه ووجباته الدينية الاجتماعية، والقضائية، والاقتصادية، في حين سلّط المبحث الثالث الضوء على أهم الاسر الشريفة في بلاد مصر والشام، والتي توارث أشرافها وظيفة نقابة الاشراف إبّان الحقبة منذ القرن الرابع حتى القرن العاشر للهجرة، ثم اختتمت الدراسة بجملة من النتائج المستخلصة منها.