التجويع بين الإقرار والتجريم!!
بقلم المستشار / أكرم يحيى
إشكالية المناورة بشأن توصيف القانون الدولي الإنساني حول حظر تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب القتال في النزاعات الدولية وغير الدولية، وتجريم ربط النزاع بانعدام الأمن الغذائي،
وتكمن أوجه المناورة في تخصيص جانب المساعدات كجزء هام في انقاذ المدنيين من الجوع وأن اي شيء يمس وصول المنظمات الاغاثية لمناطق النزاع هو الذي يتم تجريمه، بينما الاسباب الأساسية من حصار اقتصادي وتجويع ممنهج فليس هو مايصفه القانون الدولي الإنساني.
وهنا هو مكمن الخلل المقصود، فبينما يُفهم بأن التجويع هو العمل على إخضاع الناس للمجاعة، وبينما تقر وتعترف المنظمات الإنسانية أن الحرب على اليمن سبب بأكبر كارثة إنسانية إلا أن الحل في نظرها هو تقزيم المفهوم هذا وقصره على حرمان وصول المساعدات الاغاثية من كراتين النظافة وحقائب الإنقاذ ومحددات وموانع الولادة والسلل الغذائية، وحرف المقصود السامي من قضية التجويع الممنهج الذي يوازي خطور الحرب العسكرية عن الواجهة لاصدار قرارت دولية تشجب بمنع تحرك المنظمات الانسانية التي توصل الغذاء وحقائب النظافة.
فكلما اشارت مواثيق الأمم المتحدة لتعريف الحصار والعدوان، كلما جاءت القرارات لتقزيم تلك المواثيق في سبيل خرقها قانونا وافراغها من جوهرها لتسييسها لصالح الداعم الأقوى لعمل لجان ومنظمات حكومية منبثقة عن الأمم المتحدة.
فإذا احتج احد على اغاثة انسانية فهو في خانة التأكيد بالأشتباه لكونه ممن ينتهكون القانون الدولي ، لكن الحصار العسكري الذي ساعد على الخصار الاقتصادي بحرا وجوا وبرا فهو محط دراسة ونقاش قد لا يسفر عن استصدار قرار يدينه لأن مالكي صنع واتخاذ القرار حوله هم انفسهم من يصنعون القرارات الدولية ويتحركون في دهاليز الأمم المتحدة بكل ثقلهم لصياغة مايريدون او اسقاط مايريدون او تعديل قرار وضعه وتبناه غيرهم.
فمهما كانت زلات اللسان الدولي:
– (كثفت المملكة العربية السعودية الغارات الحوية في جمبع أنخاء الينن، واعتبارا من ٦ نوفمبر أعلنت حصارا كاملا ً لجميع الحدود اليمنبة الحوية والبحرية والبرية. ومنعت جميع المساعدات الانسانية من الدخول وتم ايقاف الرحلات الحوية الانسانية، فعلث العاملون في المجال الإنساني داخل اليمن) “ص٣٥؛ A/HRC/42/CRP.1”
– (كما ادى الحصار الجوي إلى زيادة تقييد استيراد البضائع إلى البلاد وفرض قيودا صارمة على قدرة المدنيين على الدخول إلى شمال اليمن ومغادرتها) “ص٣٤-٣٥؛ A/HRC/42/CRP.1”
إلاّ أنها لا تصح أن تنطبق عليها مواد تجريم التجويع بالحصار!!
هناك تحرج واضح من بعض المحايدين الدوليين حيث جعلوا الكارثة الانسانية في اليمن خطأ الجميع من قام بالحصار عسكريا واقتصاديا وخلق الأزمة ومن ثم من قام بعرقلة الاغاثات الانسانية، لكن مع فارق أن المعرقل هو يرتكب جريمة حرب وان الحصار العسكري والاقتصادي الذي تسببه به قرار مجلس الأمن ٢٢١٦ هو قرار يجب الالتزام به.
لذا فإن ما سيرفع عن اليمنيين هذه الكارثة هو إلغاء هذا القرار او استبداله بقرار لايعطي الفرصة لزيادة سوء الكارثة من تجويع ممنهج.