لماذا كل هذا الحب للدكتور العرجلي؟!
حمدي دوبلة*
وصلت بعد نحو ساعتين من إصابة الدكتور/ ناصر بن يحيى العرجلي الى المستشفى حيث أُسعف..كنت برفقة الزميلين ابراهيم الاشموري ورياض الزواحي ، هرعنا للاطمئنان عليه بعد أن نبا إلى سماعنا خبر ما تعرض له وشقيقه ردفان من اطلاق نار، كنا نحسب أننا أول الواصلين، وإذا بنا أمام حشود من الرجال شبابا وشيوخا تُقدّر أعدادهم بالمئات، لا أعرف من كانوا وإلي أي قبائل ينتمون، لكنني قرأت في عيونهم وفي ملامح وجوههم حزنا عميقا لما أصاب الدكتور ولمست في قسماتهم خوفا لايوصف على مصيره المجهول، كان ذلك الحزن ممزوجا بغضب يكاد أن يتفجّر حمما وبراكين، لكن ما لبث أن تحوّل بعد مرور بضع ساعات، إلى ابتسامات زيّنت تلك الوجوه الشاحبة، عندما خرج الطبيب الذي أجرى الجراحة العاجلة يزفّ البشرى بأن حالة الدكتور مستقرّة وقد تجاوز مرحلة الخطر.. لتملأ ابتهالات الشكر لله أرجاء المكان.
-لم أتفاجأ البتّة لما لمسته من مشاعر الحب والوفاء التي تحيط بذلك الانسان الرائع، فقد عرفته منذ عشر سنوات تقريبا عبر اتصال هاتفي ورد إلى صحيفة الثورة، إبّان حادثة اختطاف الزميل الصحفي ابراهيم الأشموري نائب مدير عام الاخبار بالصحيفة وعدد من الاعلاميين من قبل رجال قبائل في مأرب.. لم يكن على معرفة حينها بالزميل الاشموري ولا بأي من الاعلاميين المختطفين، لكنه أبدى تفاعلا وحماسا واستعدادا للقيام بأي شيء لضمان سلامة الصحفيين، في موقف أثلج الصدور، وأنبأ عن رجل ذي شهامة ومرؤة وموقف مشرّف عند الشدة والخطب.. بعد أسابيع من تلك الحادثة كنت ضمن مئات الشخصيات السياسية والاعلامية في حفل اشهار رابطة أبناء عمران برئاسة الدكتور العرجلي وإذا به شاب في العشرينيات من العمر يتوقّد حيوية وحماسا وطموحا وتاثيرا ايجابيا في المجتمع، لما يتمتع به من كاريزما خاصة، وصفات قيادية قلّما توجد في شاب في عمره.
-شهدت الساحة الوطنية منذ لقائي الأول به في العام 2012أحداثا وتحولات كبرى، وكان الدكتور العرجلي يثبت يوما بعد آخر ومرحلة إثر اخرى انه قائد فذّ وفارس مقدام وانسان نبيل يمتلك قلب أسد هصور عند المُلمّات والخطوب واذا ما قُرعت طبول الوغى، لكنه يبقى متمسكا بتلك الأحاسيس المرهفة والمشاعر الرقيقة في تعامله مع البسطاء من الناس، ولاتراه إلّا في مقدمة الصفوف في الحرب والسلم، ليطغى بحضوره القوي وشخصيته القيادية النادرة على كل من حوله، ولو كانوا يفوقونه في المراتب والمناصب.. ولعل تلك الصفة البديهية والفطرية التي وهبها إيّاه الخالق هي ما جعلت السياسيين والمفتونين بسلطتهم وكراسيهم يضيقون به ذرعا ويناصبونه الجفاء والعداء الخفيّ وبحيث لا يتردّد الكثير منهم في وصف شجاعته واقدامه بالتهوّر والحماقة تارة وبالبلطجة والجنون تارة أخرى.
-خلال الفترة القصيرة التي قضاها في منصب وكيل قطاع الطب العلاجي بوزارة الصحةالعامة والسكان تحوّلت الوزارة بكافة قطاعاتها المختلفة إلى خلية نحل مفعمة بالنشاط والحيوية والانجاز، وحقّق رغم كل الصعوبات والتحديات والعراقيل المصطنعة منها والواقعية، نجاحات كبرى لمسها الكادر الطبي والمرضى في كافة المرافق الطبية في عموم الجمهورية، يتحدث عنها الخصوم قبل المُحبّين والأنصار لكن السّر الذي لا يعلمه إلّا المعنيّون في جهات الاختصاص أن الدكتور العرجلي حقّق تلك الانجازات الملموسة دون أن يتم اعتماد فلس واحد من وزارة الماليه لقطاعه تحديدا، لكنه قبل التحدي وباع سيارته وقطعة أرضه ليثبت نجاحا اعجازيا كان محل حسد وحقد الكثير من المتربصين والفاسدين وأعداء النجاح فأنفقوا الأموال الطائلة في حملات التشويه والتشهير بالعرجلي واظهاره في كل وسائل الاعلام الوطنية على مختلف توجهاتها في صورة البلطجي والمتهور لتتم اقالته من منصبه بتهم كيدية وتحريضية لا أساس لها من الصحة.
-ظل الدكتور العرجلي رغم الجفاء والظلم والنكران والتهميش الذي لاحقه طيلة السنوات الماضية وفيّا ومخلصا لقيادته ووطنه كما بقي وفيّا لمبادئه في نصرة المظلوم والدفاع عن اصحاب الحقوق المستلبة ممن لا يملكون نصيرا او سندا، وها هو يدفع الكثير من دمائه وكادت روحه أن تُزهق وهو يدافع ويذود عن حقوق المظلومين.
– يبقى الدكتور ناصر العرجلي مهما نالت من سمعته الأبواق المأجورة، قائدا فذّا وفارسا نبيلا ورجل دولة من الطراز الفريد لكنه وأمثاله من الأكفاء والمخلصين، يظلون للأسف الشديد مهمّشين ومبعدين من المشهد العام في الوقت الذي تحتاج فيه دولتنا الفتية لأمثاله القادرين على تحقيق نهضة تنموية حقيقية وأعتقد وأنا على يقين من ذلك أن قائدا مثل العرجلي ولما يتمتع به من مواصفات قيادية فريدة ونشاط وحماس منقطع النظير، ناهيك عن بسالته وعفويته وتواضعه وبساطته وقربه من الناس كما انه لا يخون ولا يعرف المكر والغدر ولا مؤمرات الدسائس والمكائد إذا ما أوكلت إليه مسئولية أمين العاصمة صنعاء مثلا، فانه سيحدث نقلة هائلة في مستوى المظهر الجمالي للعاصمة وفي مستوى الخدمات وسينتشلها من واقعها الذي لا يسرّ قريب أو عدو في ظرف زمني قصير، لكن ما يؤسف له حقا أن يتم اقصاء وتغييب هذه العقول وهذه الكفاءات الوطنية النادرة، بسبب هواجس ومخاوف لا وجود لها على الواقع.
-نسأل الله عز وجل بأسمائه الحسنى ما علمنا منها وما لم نعلم وباسمه الأعظم الذي إنْ سُئل به أعطى وإنْ دُعي به أجاب أن يمّن بالشفاء العاجل على الدكتور/ ناصر العرجلي وعلى شقيقه ردفان وأن يعيدهما الى اولادهم ومحبيهم في أسرع وقت ممكن وأن تتم معالجة المشكلة التي أوصلت بهما الى المستشفى من جذورها والعمل على عدم تكرارها مستقبلا والله على ما نقول وكيل.
من صفحة الكاتب على الفيس بوك