السفير الفلسطينيّ في سورية الدكتور سمير الرفاعي لـ موقع حرمون: وحدتنا هي الشرط الأهم لتحقيق أي انتصار وقضيتنا لم تعد الرقم 1 عربياً
يجب أن يعلو العلم الفلسطيني على كل علم فصائليّ
حوار وتنسيق مي أحمد شهابي
السفير الفلسطيني في سورية الأخ الدكتور سمير الرفاعي شخصية وطنية، لا بل يمكن القول: إنه قامة وطنية أمضى جل حياته مناضلاً في صفوف الثورة الفلسطينية. وتميّز بشخصية هادئة، في غاية التواضع، والوقوف إلى جانب أبناء شعبنا الفلسطيني والسوري في أعقد الظروف. ولا سيما جهوده المميزة في دعم أسر الشهداء والعمل على تسهيل حياة فلسطينيي سورية، رغماً عن ضعف الإمكانات والظروف الصعبة، وحاز على احترام ممثلي كل القوى الفلسطينية. والأهم قربه وتواصله مع مختلف القطاعات الشعبية الفلسطينية. كما حاز ويحوز على احترام الجميع، مثلما تراه حاضراً في كل المناسبات والأحداث الفلسطينية باعتباره ابناً من أبناء اللاجئين الفلسطينيين، من هنا حاز على كل هذا الاحترام والموقع الوطني.
سعادة السفير، تواجه قضيتنا الفلسطينيّة مخاطر غير مسبوقة من تعاظم الاستيطان والعمل لتهويد القدس والسيطرة على الأماكن المقدّسة سواء عبر التقسيم الزماني أو المكاني واستباحة الأقصى إضافة لعمليات اغتيال ودهم في مختلف المدن والبلدات الخ.. من سياسات الاحتلال وفي مقدّمها قضيّة الأسرى.
*فما هو تقييمكم للمرحلة الراهنة في ظل الحكومة الحالية؟..
– طبعاً المرحلة الراهنة في ظل أية حكومة إسرائيلية حالية أو من سبقها أو من سيأتي بعدها، وهي حكومة استيطان وحكومة احتلال، حكومة ليس في أجندتها أية عملية سلام، لا مع الفلسطينيين ولا مع العرب إطلاقاً، هي حكومات احتلال، حكومات عنصرية، حكومات مستوطنين. نتنياهو كان ضد حكومة مستوطنين، لكن حكومة بينت غالت وبالغت وتواقحت بموضوع الاستيطان والهجمة الاستيطانيّة إن كان على القدس أو على الأراضي الفلسطينية المختلفة داخل الضفة الغربية. هذه حقيقة كل حكومات كيان العدو.
نحن كفلسطينيين يجب ألا نراهن عليها إطلاقاً إطلاقاً ومن المعيب ومن العبث أن نراهن على حكومة احتلال خاصة كحكومة بينت السابقة التي كما ذكرت بلغت ممارساتها وتجاوزت كل حدود الوقاحة (وباعتبار أن المحتل وقح دائماً) ضد شعبنا بالإجراءات التي تتخذها بمصادرة أموال شعبنا، بمصادرة الأراضي وبعمليات اقتحام الأقصى هذا الأمر الواقع الذي تريد حكومة الاحتلال فرضه على المسجد الأقصى بالتقسيم الزماني والمكاني. فكانت الاقتحامات كل فترة وفترة لكن الآن الاقتحامات يوميّة. فمن أسبوع أو أكثر شهدنا مسيرة الأعلام التي كانت تحدّياً لكل القيم والمشاعر الإنسانية والدينية (مسيرة الأعلام في باب العمود) لفتت وشدت كل وسائل الإعلام، إلا أن الصلوات أقيمت داخل المسجد الأقصى. وهذه سابقة خطيرة. وعلى ما يبدو نحن مقبلون على تقسيم زمانيّ ومكانيّ كالحرم الإبراهيمي في الخليل.
*وفي سؤالنا عن المناورات الصهيونية في الشمال من الأراضي الفلسطينية المحتلة، قال:
– بتقديري ليس غريباً ذلك، أن تجري المناورات من أية بقعة في الأرض الفلسطينية المحتلة، إن كان في الشمال أو الجنوب هذه المناورات هي استعراض للقوة لا يغير من واقع الحال شيئاً، وهناك تصريحات متبادلة بهذا الشأن بين لجنة الاحتلال وبعض القوى حولها.
*بالرغم من تعاظم المخاطر التي تواجه شعبنا وقضيته الوطنية يستمرّ الانقسام والتشرذم الفلسطيني وكل طرف يلقي بالمسؤولية على الآخر، هل هناك أية بوادر لنزع فتيل الانقسام على الساحة الفلسطينيّة؟
– موضوع الانقسام في الحقيقة جرح نازف في الجسد الفلسطينيّ، فالخلافات داخل الساحة الفلسطينيّة خلافات مشروعة، دائماً تعوّدنا في كل حركات التحرر أن يكون هناك قوى وأحزاب وبرامج مختلفة. ولا بدّ من وجود برنامج بالحدّ الأدنى تلتقي عليه كل القوى.
إلا أنه في الساحة الفلسطينية الآن (حقيقة) أصبح هناك انقسام جغرافي بسبب الاحتلال. هناك الضفة الغربية وقطاع غزة ومناطق الـ 48. طبعاً هذا واقع فرضه الاحتلال إلا أن الانقسام السياسي هو الانقسام الأخطر.
ونحن كفلسطينيين هناك تدخلات دولية كثيرة بالشأن الفلسطيني، لكن بتقديري نحن أصحاب القرار الأول في أن نذهب بالانقسام إلى غير رجعة. وهذا يحتاج إلى حوارات واعية جدّية بين كل الفلسطينيين (الضفة وغزة والخارج) يجب أن تكون هناك حوارات من أجل طي هذه الصفحة.
فمع الانقسام لا يمكن أن نذهب لأي انتصار ولو جزئيّ على مستوى القضية الفلسطينية إذا أردنا أن نواجه الاحتلال بالتأكيد علينا أن نكون موحّدين. فالاحتلال والعالم يحترم أكثر توجهات الشعب الفلسطيني إلا أننا نعرف ويقال للقيادة الموجودة في غزة أنتم لا تمثلون الشعب الفلسطيني وأيضاً من يريد التقليل من القضية الفلسطينية الموجودة في الضفة الغربية أنتم لا تمثلون الشعب الفلسطيني.
وأؤكد هنا أن مدخلنا لأي انتصار وإذا أردنا أن نقاوم فمقاومتنا ونحن موحدون تقوينا. وإذا أردنا أن نسلك أي طريق كشعب فلسطيني بتقديري الوحدة الوطنية هي العنوان..
وهذا الجرح النازف يجب أن يندمل ولكن يجب أن يندمل عبر حوارات وطنية بمسؤولية عالية. ويجب أن تكون الوحدة الوطنية هي العنوان والشعار بجانب علم فلسطين الذي يجب أن يعلو ويضلل الجميع ليوحد كل الجهود وننسى قليلاً العلم الفصائلي.
* سعادة السفير: برأيكم لِمَ لمْ تنفذ حتى الآن قرارات المجلس المركزي وبشكل خاص منها وقف التنسيق الأمني مع الكيان الصهيوني؟
– أخذت قرارات المجلس المركزي طبعاً بالإجماع الفلسطيني عام 2018 وبالتأكيد عليها من المجلس المركزي أو المجلس الوطني. وأيضاً منذ فترة قريبة تم التأكيد بالاتفاق على وضع آليات (وهنا لا يكفي أن يؤخذ قرار)، بل يجب وضع آليات لتنفيذ هذه القرارات لأن هذه القرارات مفصلية وهامة جداً. الآن هناك ـ القيادة الفلسطينية ـ بصدد تنفيذ هذه القرارات. ولكن الحقيقة إنني أعلم حجم الضغوط الهائلة على القيادة الفلسطينية من أجل تأجيل تنفيذ هذه القرارات، ضغوط عربية وضغوطات أميركية، ضغوط دولية. هذا يدل على أننا في مرحلة مخاض حقيقية.
شعبنا لم يعد يحتمل سلوك الاحتلال. رغم أن هناك مواجهات مستمرة، وتصدياً مستمراً لكل المخططات الاحتلالية. فشعبنا يواجه منذ عام 1917 هذا المشروع، لكن هناك اتفاقيات وقعت فترة من الفترات بتقديري آن الأوان لهذه الاتفاقيات أن تلغى وأن تنفذ قرارات المجلس المركزي. فحجم الضغوط هائلة علينا وحجم ضغط الشارع الفلسطيني هائل علينا.
ونتمنى في الفترة المقبلة أن نذهب بالاتجاه الصحيح للتصدي لهذا الاحتلال بكل أشكاله. وليكن عنوان هذه المرحلة (المقاومة والتصدي).
* كيف تقيّمون المواقف العربية حيال ممارسات العدو الصهيوني عامة، وفي القدس خاصة في ظل التهافت لبعض الدول للتطبيع مع الكيان الصهيوني؟
– على ما يبدو هذا الربيع العربيّ الذي تحدّثوا عنه والذي أصاب بعض الدول العربية، جعل من قضية فلسطين قضية ليست رقم /1/ على جدول الأعمال.
يعني هناك من ينادي بالقطرية أولاً، أي (تونس أولاً، وليبيا أولاً، مصر أولاً، لبنان أولاً)، مما ساهم بغياب القضية الفلسطينية وأصبح هناك همّ داخلي عند الدول العربية. قد يكون هذا نتيجة ظروف داخلية، وقد يكون (هذا مرجح) نتيجة تأثير أميركي على المواقف العربية.
فالمواقف العربية أقلّ بكثير من المطلوب (القدس، تهويد القدس، وانتهاك المقدسات الدينية المسيحية والإسلامية فيها) والأرض تصادر، والإعدامات الميدانيّة… هناك صمت عربي مطبق، وهناك بعض التصريحات الخجولة أحياناً بإدانة، باستنكار، ولكن الإدانة والاستنكار لا يكفيان. فقضيتنا تحتاج إلى أكثر من الدعاء وأكثر من الدموع والبعض يمارسها. كما أن التطبيع يشكل طعنة خنجر في ظهر القضية الفلسطينية، وفي ظهر القدس. وهناك مواقف لبعض الدول الخجولة التي تطالب لحل ما يجري في القدس. وتطبيق اتفاقات أبرهام يعني هذه مفارقات غريبة وعجيبة. للأسف الموقف العربي أقل بكثير من المطلوب وشعبنا الفلسطيني يحتاج إلى مواقف أكثر قوة وأكثر شدة.
دائماً كنا نراهن على القمم العربية. فكانت القضية الفلسطينية هي النقطة الأساسية والعنوان لجدول أعمال القمم العربية. فالجزائر أعلنت أنها بالقمة المفترضة في آذار قبل 3 أشهر أن يكون عنوانها (قمة فلسطين)، ولكن على ما يبدو العديد من الدول العربية اعترض على هذا الاسم. يعني الحقيقة قد سمعنا عن عهد الانحطاط وزمن الانحدار في التاريخ العربي، ولكننا لم نكن نعتقد أن يأتي زمن لا تعود فيه القضية الفلسطينية، قضية الأمة العربية.
وعندما بدأت المؤامرة على المنطقة من خلال مؤتمر كامبل بنرمان بلندن ما بين عامي /1905 ـ 1907/ كان الحديث عن المنطقة. وعن كيفية سيطرة أوروبا على العالم، وكانت النتيجة بعد سنتين من الدراسة لخبراء زراعة وجغرافيا واقتصاد وعسكريين ومال، أن تبدأ السيطرة على العالم من خلال السيطرة على منطقة حوض المتوسط، والسيطرة على حوض البحر المتوسط تبدأ بالسيطرة على المنطقة العربية. والسيطرة على المنطقة العربية يتوجّب عليهم زرع جسم يفصل ما بين المشرق العربي والمغرب العربي. فكان مشروع وثيقة وعد بلفور.
فالقضية نحن لا ندافع عن القدس وحدها ولا ندافع عن فلسطين وحدها، نحن ندافع عن الأمة العربية لأن المؤامرة تستهدف الأمة من محيطها إلى خليجها في مواجهة ما يسمى شرق أوسط جديد.
* إذاً هذا ما يُسمّى شرق أوسط جديد؟!
– نحن أمام شرق أوسط جديد. يمهد له بعمليات التطبيع التي حصلت مع بعض الدول العربية بين الاحتلال. وهو ما يناقض قرارات القمم العربية ولا سيما منها /مؤتمر القمة/ الذي انعقد في 2002 في بيروت والذي ربط التطبيع بالانسحاب للكيان الصهيوني، وبعد التوصل لحل عادل للقضية الفلسطينية. هكذا اتفق العرب عام 2002 أن لا يتم أي تطبيع وأصبح قرار القمة الإسلامية بعد فترة /مبادرة السلام العربية/.
للأسف من وضع ومن صاغ مشروع السلام العربي هو أول من داس عليه.
⭕ تتباطأ عودة سكان مخيم اليرموك ورغم مرور وقت طويل فإن عدد العائدين لم يتجاوز بضع مئات، كيف يمكن حل هذه المعضلة وأنتم تعلمون الأوضاع المتفاقمة على الصعيد الاقتصادي للفلسطينيين والسوريين من سكان المخيم؟
أنا بالأمس استمعت للجنة التنمية الخاصة بمخيم اليرموك، أن عدد العائلات الآن التي تسكن بمخيم اليرموك /700/ عائلة. صحيح أن هناك طلبات كثيرة. لكن هذا الرقم يزداد يومياً، ولا تراجع فيه، ولكن حركته لا تزال بطيئة إلى حد ما.
مخيم اليرموك يحتاج إلى خدمات، أبسطها المدارس رغم أننا أقبلنا على العطلة السنوية، ولكن هناك خدمات ضرورية كالماء والكهرباء والمواصلات أيضاً.
يجري الآن الحديث عن تأمين كل هذه الخدمات. وبتقديري بتظافر جهود كل الفلسطينيين والقوى الفلسطينية الموجودة في دمشق، يمكن أن نخطو بخطوات أكثر تسارعاً بموضوع عودة الأهالي لمخيم اليرموك.. إن شاء الله.