مبادرة لتعليم اليمنيين في مصر.. رسوم الإقامة والمدارس الخاصة توسع التسرب
صنعاء – سهاد الخضري
“خذ بيدي من حقي أتعلم” مبادرة يمنية أطلقها عدد من أبناء اليمن المقيمين في العاصمة المصرية القاهرة، تستهدف حصول اليمنيين على حقهم في التعليم، خاصة بعد أن اضطر بعضهم للتوقف عن الدراسة نتيجة للظروف الاقتصادية والمعيشية، وعدم قدرتهم على تحمل تكاليف المدارس الخاصة، فضلًا عن التحاق العديد منهم بالمدارس المصرية الحكومية، والتي تشترط إبراز الإقامة في مخالفة لتعليمات الدولة المصرية التي منحت اليمني إعفاء الإقامة لمن هم دون 18 سنة.
يقول شكري عبدالجليل، منسق المبادرة في مصر إنّها تسعى إلى زيادة الوعي المجتمعي بخطورة ظاهرة تسرب أبنائنا من التعليم، إذ قمنا بزيارة ميدانية وقمنا بمسح واسع، وجدنا خلاله عددًا كبيرًا من الأطفال لم يسجلوا بالمدارس المصرية، نظرًا لاشتراط المدارس تقديم الإقامة عن كل مغترب سواء كان شابًّا أو كهلًا أو طفلًا دون استثناء”، وتابع عبدالجليل: “نظرًا للظروف الاجتماعية والاقتصادية التي تمر بها العديد من الأسر اليمنية، لم تتمكن من تسجيل أطفالها بالمدارس، وهو ما يدق ناقوس الخطر، ويلحق الضرر بمستقبل أجيال قادمة، إذ تبلغ رسوم الإقامة عن الفرد الواحد 1650 جنيهًا مصريًّا”.
مقصد المبادرة
ويردف عبدالجليل: “أطلقت المبادرة مع عدد من أبناء الجالية اليمنية المقيمين بمصر؛ أملًا في إيجاد حلول مناسبة لتسجيل أبنائنا بالمدارس”، وتابع: “أقيم وأسرتي منذ 2018 في مصر، خلال تلك الفترة واجهتنا مشكلة تخص ملف التعليم رغم أن التعليم في مصر ميسر إلى حد كبير من الناحية النظرية مقارنة بدول أخرى”.
يُعامل اليمنيون معاملة المصريين من حيث الحق في التعليم، لكن يبقى اشتراط الإقامة حجر عثرة أمام الأسر اليمنية، ويضيف عبدالجليل: “أنا على سبيل المثال أب لـ5 أطفال، وبالتالي رسوم الإقامة تمثل عبئًا كبيرًا علي، خاصة أنها أعلى من رسوم الإخوة العرب مثل السوريين والسودانيين، على سبيل المثال وليس الحصر؛ إذ يطلب من اليمني مبلغ 1650 جنيهًا مصريًّا، بالرغم أننا قدمنا إلى مصر بعد معاناة الحرب”.
ويؤكد عبدالجليل: “مبادرتنا فردية غير مدعومة من كيانات، تم إطلاقها سنة 2020، وجدنا خلال زيارتنا الميدانية أطفالًا بلغوا سن الـ7 و8 و11 سنة، لم يلتحقوا بعد بالمدرسة، وآخرين انقطعوا عن الدراسة بعد التحاقهم بالمدارس منذ عامين أو ثلاثة؛ بسبب عدم سداد رسوم الإقامة التي تعد الشرط الرئيس لدخول المدارس، ولعل الأمر اللافت أننا وجدنا أسرًا تدرس كل سنة طفل من أطفالها لعدم قدرتها على التجديد لأطفالهم دفعة واحدة، وبالرغم أن بعض المفوضيات تقدم بعض المساعدات إلا أنها غير كافية”.
من جهته، يقول محمد عاطف، رئيس لجنة اتحاد شباب العرب للإبداع والابتكار، والمتحدث الرسمي لمبادرة “خذ بيدي من حقي أتعلم”، في مصر “أصبحت مصر ملجأنا الوحيد، تقبلنا كما نحن، سواء لاجئين، أو دارسين أو مستثمرين، وباستمرار الحرب والوضع الراهن في بلادنا ما يزال الوضع مؤهلًا لمزيد من التأزم ومفاقمة الأوضاع المأساوية، سواء لليمنيين في الداخل أو لنا نحن المقيمين في الخارج”.
ويصل عدد المتسربين من التعليم إلى أكثر من 10000 طالب وطالبة وفقًا لتقديرات المبادرة، وهو ما يحتم تدخل الجهات المعنية بمصر من أجل إلزام المدارس بقرار الرئيس المصري بقبول الطلبة دون اشتراط الإقامة، خاصة أنّ هؤلاء المتسربين مستقبلًا قد يعودون بالسلب على البلدين، المصري واليمني، بحسب حديث عاطف.
نجاح نسبي
قامت المبادرة ببعض الجهود لمساندة المتسربين من التعليم كإعادة تأسيس الأطفال الذين لم يلتحقوا بعد بالمدارس وإلحاقهم بالصفوف الأولى، إذ كان المسح الميداني الذي أعدته المبادرة في 2020، كشف عن تسرب 1200 طالب وطالبة من التعليم بمصر، الغالبية منهم بسبب اشتراط المدارس تقديم إقامة للطلبة، فضلًا عن تسرب البعض لمشاكل اقتصادية أو بسبب رفض أسرهم استكمال تعليم الفتيات من هؤلاء الطلبة.
ساهم ذلك في تقلص عدد المتسربين، وفقًا لمسح ميداني جديد نفذته المبادرة في 2021/2022، إلى نحو148 طالبًا وطالبة، وذلك بعد أن قامت الحملة بإعادة 400 من أصل 1200 كانوا قد تسربوا من التعليم بما يعادل 33.3%، إلى جانب تحسن أوضاع بعض الأسر، أو عودة البعض الآخر لليمن مجددًا أو هجرته لدولة أخرى.
تجدر الإشارة إلى أنّ تكلفة التقديم في مدارس اليمنيين الخاصة بمصر تتجاوز الـ4000 جنيه خلاف رسوم الزي والكتب، وبالرغم من محاولات المبادرة مساعدة الطلبة الملتحقين في هذه المدارس إلا أننا فوجئنا أن البعض لا يكمل مساره التعليمي نتيجة غلاء مصاريف الكتب والزي وبقية المصاريف”.
يقول عبدالجليل: “تواصلنا مع العديد من الجهات الرسمية كالسفارة اليمنية في مصر ورئيس الجالية اليمنية للمطالبة بإعفاء الطلبة اليمنيين من شرط الإقامة للالتحاق بالمدارس والتخفيف عن كاهل العديد من الأسر المتضررة، خاصة أن الحرب ما تزال دائرة، لكن لا إجابة حتى الآن”.
من جانبه، يقول عبدالرازق الفلاح، باحث دكتوراه يمني، وأب لطفلين يقول إنّ هناك مشكلة تواجه الأسر في ارتفاع تكاليف التعليم في المدارس اليمنية الخاصة بمصر، لذا قام بإلحاق أطفاله بالمدارس الحكومية المصرية والتي تشترط تقديم ما يثبت إقامة الطالب بالرغم من كونهم يتمتعون بنفس حقوق المصريين في المدارس، وهذا بحد ذاته يضاعف ما يواجهونه من أعباء.
الجدير بالذكر أن رئيس الوزراء المصري، الدكتور مصطفى مدبولي، قال في تصريح سابق له إنّ “مصر تستضيف أكثر من مليون يمني يلقون نفس معاملة المواطن المصري، خاصة على مستوى التعليم والرعاية الصحية”.
بحسب مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية يتراوح عدد المقيمين في مصر بين 500 ألف و700 ألف مواطن، وذلك استنادًا لبيانات السفارة اليمنية في القاهرة، وهو رقم مرشح للتزايد مقارنة بعددهم قبل اندلاع الحرب إذ كان يبلغ حوالي 70 ألفًا فقط، فيما يقدر عدد اليمنيين المسجلين كلاجئين أو طالبي لجوء مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين 9,200 فقط، نصيب مصر من طلبات اللجوء إجمالًا حوالي 250 ألف طالب لجوء ولاجئ من دول مختلفة مسجلين لدى المفوضية، ويوجد في مصر ٤ مدارس يمنية خاصة تسمح للطالب اليمني الالتحاق بها دون شرط تقديم الإقامة، لكن تكاليفها باهظة على الكثير من الأسر اليمنية. بحسب خيوط.