الاحتفاء باليوم العالمي للاجئ.. حان وقت السلام في اليمن
مايا أميراتونغا
أي شخص كان، أينما كان وفي أي زمان، له الحق في التماس الأمان؛ كما ينص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
هذا هو نداؤنا في اليوم العالمي للاجئ (20 يونيو)، وهو يوم لتكريم شجاعة وصمود ومساهمات ملايين الأشخاص حول العالم الذين أجبروا على الفرار من ديارهم بسبب العنف أو الحرب أو الاضطهاد، وكذلك لتقدير سخاء المجتمعات المضيفة. في اليمن أيضًا، إنه يوم نتذكر فيه ذلك، وبأننا جنبًا إلى جنب مع السلطات والمجتمعات المضيفة المحلية والمجتمع الدولي، يمكننا مساعدة النازحين في اليمن على إعادة بناء حياتهم والحصول على مستقبل أفضل.
لقد سجلنا مؤخرًا علامة فارقة قاتمة: فقد تجاوز عدد الأشخاص الذين أجبروا على الفرار من الصراع والحرب والاضطهاد وانتهاكات حقوق الإنسان أكثر من 100 مليون شخص على مستوى العالم لأول مرة على الإطلاق. هذا يعني أن واحدًا من كل 78 شخصًا على وجه الأرض قد أُجبر على الفرار. ومع تصاعد حالات اللاجئين الجديدة واشتعال الأوضاع القائمة أو بقائها دون حل، العالم أصبح بحاجة ماسة ومتزايدة لإيجاد حلول للنزوح، في حين أن موارد المانحين توزعت على نطاق واسع أكثر من أي وقت مضى.
في ظل الأزمات والأولويات المتنافسة، من المهم جدًّا ألا ينسى المجتمعُ الدولي اليمنَ. بعد سبع سنوات من الصراع، اضطر أكثر من 4.3 مليون شخص يمني إلى الفرار من ديارهم للعثور على الأمان في أماكن أخرى داخل بلدهم. ويجب ألا ننسى أيضًا اليمنيين الذين فروا إلى الخارج.
الأرقام كبيرة وغير مقبولة. وخلف كل إحصائية بشر وعائلات تعاني. أتساءل عن الطريق الذي يسير فيه العالم -واليمن- ماذا يحمل المستقبل للنازحين؟ ما هي الفرص التي ستتاح لهم لتحقيق إمكاناتهم؟ وآفاق الحلول، بما في ذلك العودة الآمنة والطوعية والكريمة إلى ديارهم لاستعادة حياتهم؟
كان أول لقاء لي مع العائلات النازحة اليمنية في مارس من هذا العام، بصفتي الممثلة الجديدة لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، رافقت المبعوثة الخاصة للمفوضية، أنجلينا جولي، في زيارة للمساهمة في لفت انتباه المجتمع الدولي إلى الآثار الكارثية للنزاع الذي دام سبع سنوات ومساعدة المدنيين في البلد. لقد عقدت العزم عند زيارتها لتسليط الضوء على الاحتياجات الإنسانية المتزايدة في اليمن والمساعدة في حشد الدعم العاجل للاستجابة الإنسانية ودعوة الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية إلى الالتزام بإنهاء الصراع.
تحدثنا مع العائلات النازحة واللاجئين في صنعاء وعدن ولحج. زرنا بعض المواقع التي تعيش فيها العائلات النازحة في مآوٍ واهية، بدون دخل ولا طعام على الإطلاق، على بعد أميال من المياه والصرف الصحي، بدون مراحيض ولا مغاسل. ومعظم المناطق محرومة من المدارس، وغالبية الأطفال أميون ويفتقرون إلى فرص الحصول على التعليم. كان الناس يعانون، وبالكاد بإمكانهم البقاء بمساعدة إنسانية من المفوضية وشركائنا.
التقيت فيروز، أم يمنية نازحة وأرملة، أُجبرت على مغادرة منزلها في الحديدة للعيش في موقع استضافة للنازحين (السلام) في ضواحي صنعاء. عندما سألتها عن وضعها، أخبرتنا أنه ليس لديها دخل على الإطلاق، وقالت: “أنا أعيش بمساعدة من الجيران؛ أحصل على خبز من منزل وشاي من منزل آخر. كل ما أريده هو مصدر دخل أنفقه على أطفالي الخمسة، لأنني لا يمكن أن أذهب وأتوسل في الشوارع”.
إن المعاناة الشديدة التي يمر بها آلاف اليمنيين بشكل يومي تجعل الهدنة الحالية أكثر أهمية من أي وقت مضى. إنها فرصة لكسر حلقة العنف المدمرة التي انتزعت أرواحًا لا حصر لها في اليمن، وهي فرصة للتحرك نحو مستقبل سلمي. إن تمديد الهدنة لتصبح حالة من السلام والاستقرار الأكثر ديمومة سيسمح للعائلات المتفرقة على الخطوط الأمامية بلم شملها وإيجاد حلول لمحنة النزوح، وعودة الأطفال إلى المدرسة، وعودة المدنيين إلى العمل والوصول إلى المستشفيات، واستئناف التجارة الأساسية.
وأحد أهدافي بصفتي ممثلة لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في اليمن هو مواصلة مساعدة الأسر اليمنية النازحة واللاجئين على إعادة بناء حياتهم بكرامة. يشمل دعمنا المساعدات النقدية وخدمات المأوى وتنسيق مواقع الاستضافة ومجموعة كبيرة من خدمات الحماية، مثل المساعدة القانونية والدعم النفسي والاجتماعي في مراكزنا المجتمعية في جميع أنحاء اليمن.
وعلى الرغم من معاناة المجتمعات اليمنية، فإنها تستضيف بسخاء عشرات الآلاف من اللاجئين من البلدان الأخرى المتضررة من الحرب. وقد اضطلع اليمن بالمسؤوليات القانونية الدولية بانضمامه إلى اتفاقية عام 1951 وبروتوكول عام 1967 المتعلقين بوضع اللاجئين، بدعم من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والمجتمع الدولي. ومع ذلك، قبل اتفاقية اللاجئين بوقت طويل، يمكن العثور على مبادئ حماية اللاجئين في الإسلام.
في اليمن، أدركت أن المسلمين يتقبلون أشخاصًا من مختلف الأعراق والقوميات، حيث تعكس الأفكار الإسلامية للجوء وحماية اللاجئين شمولية هذا الدين. يتحدث القرآن الكريم عن قضية طالبي اللجوء واللاجئين: «وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ» [سورة التوبة:٦].
وبالإضافة إلى ذلك، يضمن مبدأ «الأمان» الإسلامي الهام سلامة ملتمسي اللجوء، ويقتضي من السكان المضيفين تيسير العودة الطوعية للاجئين إلى أماكنهم الأصلية عندما تصبح مناطقهم آمنة.
تقع مسؤولية مساعدة اللاجئين والنازحين على عاتقنا جميعًا- المجتمعات اليمنية والسلطات والمجتمع الدولي. اليوم العالمي للاجئ، يجب أن يكون بمثابة تذكير مهم لصانعي القرار والمجتمع الدولي بضرورة بذل المزيد من الجهد لمنع وحل النزاعات والأزمات، ودعم ضحايا الحرب والنزوح من أجل مستقبل أفضل، ليس فقط في اليمن، ولكن أيضًا في جميع أنحاء العالم.
حان وقت السلام. ومن أجل مستقبل أفضل، بحسب خيوط.
* ممثل مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مايا أميراتونغا، في واحدة من المدن والقرى العديدة المدمرة حول اليمن حيث يتوق المشردون إلى العودة إلى ديارهم بأمان وكرامة.