“الشبو” انتشار فتّاك في حضرموت.. قاتل الشباب الجديد يتوسع في اليمن
صنعاء – إكرام فرج
تزداد رقعة انتشار أخطر أنواع المواد المخدرة يومًا بعد يوم بين أوساط المجتمع في اليمن في أحدث آفة جديدة تستحوذ على اهتمام الشباب في عدد من المدن اليمنية، خصوصًا في حضرموت وعدن وتعز.
مع تعدد أنواعها برز مؤخرًا أخطر نوع، كما تصّنفه مصادر أمنية في حضرموت (جنوب شرقي اليمن)، والمعروف باسم “مخدر الشبو” أو “الكريستال ميث”، وهو أكثر أنواع المخدرات فتكًا، إذ يرجع ظهوره إلى عام 2017، وارتبطت هذه المادة بجرائم القتل والاغتصاب والانتحار.
وفق معلومات خاصة حصلت عليها “خيوط”، فإن عدد المتعاطِين لمادة “الشبو” الذين تم ضبطهم خلال الفترة الماضية في حضرموت، يصل إلى نحو 130 متعاطيًا؛ بينما سعر الجرام الواحد من “الشبو” كان قد وصل مطلع العام إلى أكثر من 100 ريال سعودي (نحو 25 ألف ريال يمني)، قبل أن يشهد مؤخرًا انخفاض سعره إلى ما يقارب 14 ألف ريال يمني.
هذا الأمر كما تؤكّد جهات خاصة بمكافحة المخدرات بالمحافظة، يكشف حقيقة أنه يتم إنتاج هذه المادة المخدرة محليًّا، عوضًا عن تهريبها من الخارج.
تسلل خطير
انتشار هذه المادة المخدرة في أوساط الشباب والمراهقين في محافظة حضرموت، الذين يحصلون عليه عن طريق علاقات خاصة مع الجهات والباعة ممن يعملون على بيعه وتوفيره كنوع من المهدئات والمكيفات.
ويتحدث الشاب (ع.م 25 سنة)، وهو مدمن للحبوب المهدئة “الشبو”، أنه يقوم بشرائها من بعض الصيدليات التي يقصدها وبدون أوراق طبية، وإنما من خلال معرفته بمالك الصيدلية نفسها، وفي حال عدم توفرها أو عدم رضا المالك بإعطائها له يذهب إلى بائعي القات الذين يقدمونها كخدمة إضافية عند البيع.
رواج هذه المادة المخدِّرة وتسللها بصورة متدرجة في المجتمع بمحافظة حضرموت، التي تعتبر نموذجًا في اليمن فيما يتعلق بزراعة وتداول نبتة شجرة “القات” واسعة الانتشار- أدّى إلى استنفار الجهات الأمنية لمكافحتها والتصدي لعملية انتشارها.
يقول العقيد عبدالله لحمدي، مدير إدارة مكافحة المخدرات بساحل حضرموت، إنّ أهم الأسباب التي تجعل الشباب يقبلون على تعاطي هذه المادة “الشبو”، هو اعتقاداتهم أنها يعطيهم طاقة جنسية إلى جانب الراحة النفسية، وغيرها من الاعتقادات الخاطئة التي يركزها بعضهم في عقولهم.
يؤكد لحمدي أنّ إدارة مكافحة المخدرات قامت بتدخلات ضبطت معها عددًا من الشباب الذين يتعاطون مادة “الشبو”، لكن -وفق حديثه- اتضح أنهم لم يصلوا إلى مرحلة الإدمان التي تظهر آثاره ومضاعفاته الخطيرة عليهم، والتي قد يتم ملاحظتها خلال فترة احتجازهم، بل هم شباب منقادون من البعض.
ما ساعد على انتشار “الشبو”، هو سهولة تحضيره في حال توفُّر معامل كيميائية، بينما تؤكد إدارة مكافحة المخدرات بساحل حضرموت أنّ لديها مؤشرات ودلائل على أنّ هناك أشخاصًا يقومون بإنتاجه محليًّا وبيعه، ولكن إلى الآن لم يتم ضبطهم على أرض الواقع، في حين أكثر من يتم ضبطهم هم المتعاطون لهذه المادة.
ويرى لحمدي أنّ هناك عصابات تنتج هذه المادة محليًّا، ويتم إدخالها عن طريق التهريب من الخارج؛ وذلك بسبب تضييق الأجهزة الأمنية بالمحافظة على منع دخول المواد المخدرة عبر المنافذ البرية والبحرية والجوية.
ويوضح أنّ بعض الشباب يُقْدِمون على شراء بعض الحبوب المخدِّرة والمهدئة، والتي تباع في بعض الصيدليات بطرق غير مشروعة، وأصبحت قِبلة للباحثين الذين يبحثون عمّا يعرف بـ”الكيف”.
منذ عام 2017، بدأت هذه الإدارة الخاصة بمكافحة المخدرات في حضرموت، بمتابعة تداول ما يعرف بـ”الشبو”، وقيام بعض ملاك الصيدليات بالترويج لبعض الأنواع من الأدوية التي لا تصرف إلا وفق وصفة طبية؛ وذلك بغرض الكسب السريع.
المخدِّر الفتّاك
عمر هذا المخدر في اليمن لا يتجاوز العشر سنوات، بينما هناك من يؤكد أنه كان يتم تداوله بمسميات أخرى أقل تأثيرًا، لكن منذ عامين بدأ الانتشار الأكبر لمخدر “الشبو” وتسلله في المجتمع اليمني في ظل بروزه بشكل واسع منذ مطلع العام الحالي، بينما تعتبر حضرموت في طليعة المحافظات اليمنية الأكثر رواجًا وتداولًا لهذه المادة المخدرة.
خلال هذه الفترة، توسعت الرقعة الجغرافية لتداول وتعاطي مخدر “الشبو” في أوساط فئة الشباب لتشمل محافظات ومدنًا عديدة، بالذات في جنوب شرقي اليمن. إلى جانب حضرموت، هناك شبوة المحافظة المجاورة لها ومن ثَمّ عدن وتعز، فيما لم ترشح معلومات كافية عن انتشاره في مدن ومناطق أخرى يعتقد أنه يتم تداوله بصورة سرية للغاية.
عبدالرحمن أحمد، وهو من سكان مدينة المكلا في محافظة حضرموت، يتحدث أنّ هناك أهمية لمكافحة هذه الآفة التي في حال تزايدها قد تتحول إلى ظاهرة يصعب السيطرة عليها، في حين يؤكّد أنها غير مرتبطة بمحافظة أو منطقة معينة، لكنها تكون لافتة في مناطق ومدن محافظة أو لم تعتَد على رواج هكذا آفات مرتبطة بالمكيفات مثل مناطق محافظة حضرموت.
يعتبر مخدر الشبو من أخطر المخدرات بصفة عامة، حيث يؤكِّد الكثير من العلماء أنّ الجرعة الأولى من هذه المادة المخدرة هي بداية الطريق إلى الموت، مما يؤكّد ضرر الشبو على جسم الإنسان وفاعليته كمخدر قوي يسيطر على أجهزة الجسم بصفة عامة ويعمل على تدميرها.
يقول مدير إدارة مكافحة المخدرات في ساحل حضرموت، إنّ “الحشيش يحتل المرتبة الأولى في حملات الضبط التي قامت بها الإدارة، وذلك من بين جميع الأصناف، تليه حبوب الكبتاجون، ومن “الشبو” الذي أثار لدينا مخاوف كبيرة من انتشاره بشكل كبير”.
يؤكّد لحمدي أنّ إدارة مكافحة المخدرات بساحل حضرموت تواجه معوقات وتحديات كثيرة؛ أهمها ضعف الإمكانيات والدعم والأسلحة للأفراد المنتسبين للإدارة، إلى جانب ضعف إمكانيات المبنى وهو عدم استيعابه لأعداد المساجين، بحيث يتم عزل المروجين بعيدًا عن المتعاطين؛ وذلك خوفًا من أن يصبح المتعاطي مروجًا، إذ يعتبر المتعاطي ضحية للمروجين. إضافة إلى ضعف الرقابة ورخص ثمن هذه الأدوية المخدرة التي يتم تعاطيها كمواد مخدرة والتي يصعب مكافحتها بالنظر إلى كون هذه الأدوية غير مشمولة بقانون المخدرات، وفي حال ضبطها تكون عقوبتها خفيفة للغاية.
تعاطٍ خطير
يعرف “الشبو” باسم علمي هو “ميثامفيتامين”؛ وهو عقار كيميائي منبّه قوي جدًّا للجهاز العصبي المركزي، كما أنه ينتمي أساسًا إلى العقارات الترفيهية، ويُستخدم على نحو أقل ضمن علاجات الخط الثاني لاضطراب نقص الانتباه.
تختلف مسمّيات هذا النوع من المخدِّرات، فهو يُعرف بـ: “الشبو”، “الآيس”، “كريستال ميث”. لكنَّ “القاتل المُحترف” هو الاسم الذي يفضله الأطباء لهذا المركب الكيميائي.
الاختصاصي في علم النفس محمود حزام، يعتبر “الشبو” أخطر المواد المخدرة المتداولة في بعض المناطق اليمنية، والتي يتسبب تعاطيها باضطراب كبير في الأجهزة العصبية عند تعاطيها، وفقدان الشعور، وتعطيل بعض الحواس، والانهيار النفسي والعصبي، الذي قد يدفع إلى ارتكاب ما لا يستطيع أحد توقعه.
تستخدم هذه المجموعة لتنشيط انتباه الإنسان وجعله أكثر نشاطًا وحيوية، كما أنه بحسب الأبحاث التي أجريت في هذا المجال، يرجع تاريخ اكتشاف الشبو إلى عام 1887، ويتم بيعه وتداوله على أنه من المنشطات الجنسية، بالإضافة إلى كونه من المنشطات الذهنية لما له من تأثير يعمل على خلق النشوة وتنشيط المزاج، بحسب معتقدات من يداوم على تعاطي تلك المادة.
فيما يؤكد أطباء ومختصون وأبحاث علمية أنّ “الشبو” يسبب الإدمان سريعًا، نظرًا لتأثيره المباشر على الجهاز العصبي المركزي، ويعتبر منشطًا من مجموعة (الأمفيتامين والفينيثيلامين) ذات التأثير العقلي. ويوصف بأنَّه من أقوى أنواع المخدّرات التي ظهرت، بحسب خيوط.