الغش في امتحانات الثانوية ينذر بقدوم جيل فاشل
تعز – عيسى محمود
يدفع محمد (اسم مستعار) طالب في الثانوية، 1500 ريال للجنة الامتحانات في مديرية شرعب الرونة بمحافظة تعز، مقابل السماح له بالغش كما يفعل زملاؤه.
بينما يقول زميله ضرار ساخرًا: “لم يعد الطالب بحاجة إلى حيلة أو طريقة ما للغش، بعد أن أصبح اليوم بطريقة شبه رسمية مقابل الدفع قبل اختبار كل مادة لرئيس اللجنة الامتحانية، حتى يتمكنوا من الغش عبر مدرس مادة الاختبار، الذي يمر على الطلبة بالدور ليجيب على الأسئلة في ورقة الامتحانات الوزارية”.
لكن الطالب عمار، وهو أحد الطلبة المتفوقين في المدرسة بين زملائه، يتحسر على ما يحدث من غش بطريقة منظمة وشبه رسمية في قاعات الاختبار. فهو يرى أن مجهوده ومثابرته في المذاكرة طوال العام يمكن الطلاب غير المجتهدين من الحصول على التفوق في نتائج الامتحانات عن طريق الغش. ويقول” أن بعض الطلاب لا يعلمون أين يضعوا الإجابة، ولأي سؤال هي، وإن أعطيت لهم، ولذا من الضروري أن يشرف عليها أستاذ متخصص حتى في الغش”.
ويرى عمار أن هذه الظاهرة تنذر بكارثة على العملية التعليمية، كون الطلاب المجتهدين يتقاعسون عن المذاكرة والاهتمام، فينشأ جيل فارغ وعيًا.
ولم يقتصر الغش في الامتحانات على مركز واحد أو مديرية واحدة أو محافظة، بل أصبح ظاهرة تفشت في أنحاء اليمن، في ظل الحرب وتدهور العملية التعليمية، ولكن يختلف في طريقة وأسلوب الغش بشكل خفي لا يلمحه المراقب في القاعة أو بتسهيل منه، ولكن دون صوت أو فوضى، وآخر بصورة مخيفة وعلنية دون ردع أو شكوى، وهذا ما يحصل حاليًا، وفق عمار ومحمد وضرار.
وعن أسباب تفشي ظاهرة الغش في الامتحانات الوزارية، ويقول التربوي حزام حميد، وكيل مدرسة الشهيد ياسين عبدالماجد بشرعب الرونة، جملة من الأسباب، وهي عدم استشعار المسؤولية من القائمين على عملية الاختبارات، ابتداء بالمديرية، وانتهاء بمن يرأسون لجان الاختبارات في المدارس، وضعف العملية التعليمية بعدم حصول الطلبة على كتب المنهج الدراسي، وتسرب كثير من االمعلمين من المدارس، والذهاب للعمل خارج المؤسسة التعليمية، إضافة إلى ضعف الأداء لكثير من العاملين، مما سبب ضعفًا لدى الطالب، وكذا الفساد المستشري في المؤسسات التعليمية، والذي أدى إلى إجبار الطلاب على دفع مبالغ مالية للقائمين على الإمتحانات مقابل عملية الغش.
ويؤكد حزام، أن ظاهرة الغش أصبحت متأصلة لدى الطالب وولي الأمر والمدرس على السواء، وكأنها حق من حقوق الطالب.
من جهته يقول التربوي سعيد دماج “إن ظاهرة الغش تخلق جيلًا فاشلًا تعليميًا ومخدوعًا، مضيفًا أن الغش من الظواهر السلبية التي انشرت في المجتمع، وهذا دليل عن الخروج عن القيم والمعايير الأخلاقية، ويؤثر سلبًا على مظاهر الحياة الاجتماعية بكاملها، ويلحق الضرر بالمجتمع وتشوه قيمه.”
معدلات مرتفعة
خلال السنوات الأربع الأخيرة، شهدت معدلات نتائج الثانوية ارتفاعًا كبيرًا، نتيجة الغش لمعظم الطلاب في اليمن، بينما تراجعت نسبة القبول في الجامعات وتجاوز اختبارات القبول في معظم التخصصات، لعدم معرفة الطلاب بأسئلة امتحانات القبول بسبب الغش في الثانوية، بحسب يوسف محمد، قائلًا: “يكشف هذا حجم الكارثة التي تحدق بمستقبل جيل بأكمله في ظل تفشي هذه الظاهرة الخطيرة”.
ويدعو محمد مكاتب التربية والتعليم إلى المراقبة، ووضع حد لهذه الظاهرة من خلال إرسال أو تكليف موظفين موثوقين يشرفون على سير عملية الامتحانات في المراكز الامتحانية.
ويشدد التربوي حزام حميد، وكيل إحدى مدارس تعز، على ضرورة تفعيل الرقابة والتفتيش على ظاهرة الغش، ورفد المدارس بالكوادر المؤهلة، إضافة إلى توفير الكتاب المدرسي للطالب من بداية العام، ثم إعطاء المعلم كامل حقوقه، ومحاسبته، بحسب المشاهد.