اليمنية نص خارج المألوف بقلم| أنور العنسي
بقلم| أنور العنسي
بصرف النظر عن أي اعتبارات سياسية لا أدري لماذا إغرورقت عيناي بالدموع لحظة مشاهدة طائرة (اليمنية) تغادر مطار صنعاء، وتحلق فوق سمائها ، وكم أتمنى أن تعود بي وغيري من المهاجرين إلى ثراها ذات يوم بأمنٍ وسلام.
لطالما إستبحتُ بـ (اليمنية) آفاق الأرض ، وفتَحَت لي بأجنحتها المهيبة أبواب السماوات ، واكتشفتُ بها العالم طولاً وعرضاً ، في كل الجهات ، وشاهدت من نوافذها أماد البحر وامتدادات اليابسة وتحولات الضوء والمطر ، ووجوه البشر ، وسلالات الشجر وغير ذلك.
الناقلُ الوطني لأي بلدٍ ليس مجرد جسدٍ معدنيٍ طائر ، بل جزءٌ حميمٌ من الوطن ، ينتقل بهويته ، ورائحته ، وله في معناه الجوهري مثل جامعته الكبرى وقواته المسلحة ، وكبريات مؤسساته السيادية المهمة.
لا أتحدث هنا عن (اليمنية) كعلامةٍ تجارية ، بل عنها كرمزٍ وطني أهدر الكثير من آبائنا ، كُلٌ من موقعه ، الغالي والنفيس من أجل أن يجعلها الطائر الذي يحمل العالم إليه ويحمله إلى العالم. منذ خمسينيات القرن الماضي وحتى اندلاع الحرب المشؤومة العام 2015.
ربما تكون شهادتي عن اليمنية مجروحة بحكم علاقتي الجميلة بها كمؤسسة وبأخوتي وأخواتي من الطيارين والمضيفين والمضيفات ، لكني سأسمح لنفسي أن أذكر واقعةً مهمة عما تكون هي (الخطوط الجوية اليمنية).
ذات يوم ضاق بعض التيارات السياسية المنغلقة الأفق بكثرة عدد زورا صنعاء من أدباء وكتاب وفناني العالم الكبار بتذاكر غير مدفوعة بحجة أنهم ضيوف الدكتور (عبد العزيز المقالح ) وبأن مديونية جامعة صنعاء خلال رئاسة المقالح لها تقترب من المليار ريال يمني .. حملتُ هذا السؤال إلى رئيس مجلس إدارتها حينذاك المرحوم محمد الحيمي.
بكل بساطة أجابني الحيمي أن هذا المبلغ لا يوازي “رًبع تكاليف مديونية رئاسة الجمهورية لليمنية مقابل التذاكر الممنوحة للمسؤولين والمشائخ والعسكريين من ركاب الدرجة الأولى” أما مديونية جامعة صنعاء فهي “لا تساوي شيئاً أمام ماقدمه ضيوف جامعة المقالح لليمن خلال زياراتهم وبعدها ، أنظر إلى أثرهم على آلاف الطلاب في الجامعة والجمهور في الداخل ، وإلى ما تركوه من سمعةٍ عطرةٍ عن اليمن بعد مغادرتها في الخارج ، أليس هذا نوعاً من الاستثمار بمقاعد الدرجة السياحية الفارغة؟”.
لملمت أوراقي وانصرفت!