كسوة العيد.. لمن استطاع إليها سبيلا!
صنعاء – إسماعيل الأغبري
يطغى ارتفاع الأسعار على أسواق صنعاء ومختلف المدن اليمنية قبل حلول عيد الفطر، وهو ما يجعل الفرحة ناقصة بالعيد، مع عدم قدرة الكثير على شراء وتلبية مختلف مستلزماته؛ من ملابس جديدة، وحلويات، ومشروبات، وما دأب عليه الناس من عادات وتقاليد في مثل هذه المناسبات.
ويشكو مواطنون ومتسوقون في مدينة صنعاء من عدم القدرة على شراء ملابس جديدة لأطفالهم؛ بسبب غلاء الأسعار، والاكتفاء بما تيسر من المتطلبات الضرورية المعيشية، والتخلي عن كثيرٍ من الكماليات، والتعامل مع المناسبة وفق المقولة المشهورة المتداولة “العيد عيد العافية”.
خالد محمد (46 سنة)، وهو معلم في المدارس الحكومية، والذي فقد راتبه قبل نحو 6 سنوات، يقول ، “كانت كسوة العيد من قبل تكلفني عشرة آلاف ريال فقط للفرد الواحد، لشراء كسوة كاملة، أما الآن فسعر القطعة الواحدة لا يقل عن 10 آلاف ريال. ويتحسر خالد قائلًا: “يمضي العام وأنا أفكر بكسوة العيد لأولادي، ولا أشتري إلا ليلة العيد عندما يتوفر لي مبلغ مناسب”.
ويشكو خالد وغيره من المتسوقين من ارتفاع الأسعار بشكل مضاعف في المولات والمراكز التجارية، حتى تلك التي تعلن عن تخفيضات في مثل هذه المناسبات، تظل الأسعار مرتفعة وتفوق قدرات نسبة كبيرة من المواطنين، إذ يجد الكثير من أرباب الأسر اليمنية صعوبةً بالغة في شراء كسوة العيد لأطفالهم وأولادهم.
مشاريع منتجة
بالمقابل، يمثل شهر رمضان ومناسبة عيد الفطر فرصةً ثمينة للأسر المنتجة والمشاريع والأعمال الصغيرة والمتوسطة، ليزداد كسبها من ارتفاع إنفاق الأسر الميسورة، حيث تجد النساء هذا الشهر فرصة لزيادة منتجاتها، وتقوم بإعداد الوجبات كاللحوح والسنبوسة، والرواني والحلويات، ويكثفن عملهن ويوسعن مشارعيهن بشكل كبير في مثل هذه المناسبات.
اإبتسام (47 سنة)، نازحة من محافظة تعز (جنوب غربي اليمن)، أجبرتها الظروف أن تعمل في بيع اللحوح (نوع من الخبز)، لتعيل أسرتها المكونة من 7 أفراد، تقول إن شهر رمضان يعتبر موسمًا لبيع اللحوح بالرغم من التحديات التي يتم مواجهتها كأزمة غاز الطهو، ويتضاعف الإقبال عليها بشكل كبير عكس الأيام العادية غير شهر رمضان.
لا تستسلم الأسر المنتجة للظروف الصعبة التي تسببت بها الحرب الدائرة في اليمن، خصوصًا في موسم رمضان، حيث يقبل اليمنيون بكثافة على شراء الحلويات؛ الأمر الذي دفع بعدد كبير من الفتيات لافتتاح مشاريعهن الخاصة بإنتاجها.
هنادي (23 سنة) لم تمنعها دراستها الجامعية من افتتاح محلها الخاص ببيع الحلويات الصنعانية والمعجنات، وتقول “يتضاعف دخل المحل في رمضان مرتين وأكثر، حيث أستعد لهذا الموسم من قبل حلول شهر رمضان؛ لكي أتفادى الارتفاع الجنوني في الأسعار، الذي يرافق هذا الشهر”.
خيارات لشراء كسوة العيد
اضطرت شيماء جبارة، مالكة مشغل خاص بالخياطة في صنعاء، إلى العمل من منزلها لصعوبة تغطية تكاليف الإيجار الباهظة، والتي يتم مضاعفتها لمثل هذه الأعمال والأشغال المهنية.
وتقول جبارة “إن العمل يرتفع خلال موسم العيد، وهو ما يتم التحضير والاستعداد له مبكرًا، حيث ننتج نحو 100 قطعة من الملابس النسائية في الأسبوع الواحد مع ارتفاع العمل هذا الموسم مقارنة بالأعوام السابقة إلا هناك مشاكل أخرى تؤثر كثيرًا على إنتاجية مثل هذه المشاغل، والمتمثلة بارتفاع أسعار المواد الخام والنفقات التشغيلية والأجور، في ظل تراجع القدرة الشرائية للناس بسبب ضغوطات الحياة المعيشية”.
وتؤكد على ما تسهم به مثل هذه المشاغل في خدمة المجتمع بتوفير ملابس متنوعة بأسعار مناسبة، مقارنة بأسعار الملابس المستوردة والتي لا يكفي الأسرة الواحدة 100 ألف ريال لشراء كسوة ثلاثة أفراد، لذا تكمن هنا أهمية المنتج المحلي الذي يجب دعمه وتشجيعه”.
تحدي الظروف
تواجه الأسرة اليمنية، في ظل اقتصاد الحرب، تحديات معيشية عديدة، مع فقدان مصادر الدخل وسبل العيش وتوقف صرف رواتب الموظفين المدنيين منذ العام 2016، وهو ما دفع الكثير من الأسر للبحث عن مصادر دخل بديلة ومواجهة تكاليف هذا الشهر ومستلزمات العيد، واستدامة العمل لتوفير ما تيسر من متطلبات الاحتياجات المعيشية.
رئيس مؤسسة الإعلام المالي والاقتصادي للدراسات والاستشارات، أحمد شماخ، يطالب الدولة، بدعم هذه الأسر، وضرورة إنشاء صناديق وبنوك لتوفير الدعم لها، إضافة إلى تعاون المجتمع في اقتناء منتجاتها.
ويوضح شماخ أن الأسر تنتج أفضل الألبان والأجبان، وكذا تحويل السلع الزراعية مثل المخللات والعصائر و”العشّار”، وهو ما يجعلها تخفف من الفاتورة الاستيرادية، وبالتالي التخفيف من الاعتماد على الخارج وتوفير العملة الصعبة.
وتلعب المرأة اليمنية أدوارًا مهمة جدًّا في المساهمة الفاعلة في الاقتصاد اليمني، خصوصًا في شهر رمضان، من خلال ما تقوم به من أدوار مختلفة، وإنتاج العديد من السلع الغذائية والاستهلاكية.
يقول أحمد شجاع الدين، مدير البرنامج الوطني للأسر المنتجة وتنميته للمجتمع، إن الأسر التي تقوم ببيع منتجات غذائية مثل اللحوح والسنبوسة والحلويات، يعتمد نشاطها على مجهودها الشخصي، سواء بالبيع المباشر، أو التوزيع على البقالات.
ويؤكد أن البرنامج يحاول منذ عدة سنوات، القيامَ بدارسة ميدانية لمعرفة أثر التدريب والتأهيل على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية لخريجات مراكز التدريب، غير أنّ عدم وجود مصادر لتمويل الدراسة يقف حائلًا شدون تنفيذها، بحسب خيوط.