“خط كرش” سبع سنوات من توقف الحياة!
صنعاء – عبدالرب الفتاحي
سبع سنوات منذ انقطاع خط تعز-عدن وآلاف الضحايا، يذهبون بسبب الطرق البديلة الوعرة، الخط الذي كان من أكثر الخطوط ازدحامًا، خاصة منذ تحقيق الوحدة اليمنية في سنة 1990، إذ كانت تعبره آلاف السيارات وناقلات البضائع (القواطر) بشكل يومي، أصبح اليوم خاويًا على عروشه.
في مناطق التوقف التي كان يختارها المسافرون والسائقون، لتناول وجبات الطعام ما قبل انقطاع الخط في الحرب الأخيرة منذ 2015، كانت الحياة مكتظة بالحركة والمحالّ التجارية مفتوحة الأبواب، لتقدم خدماتها في الليل والنهار، وهذا ما كانت تؤديه البوفيهات والمطاعم والسوبر ماركت ومحطات الوقود وقتها.
مضت سبع سنوات على توقف خط تعز-عدن، والذي كان يمر عبر الراهدة والشريجة وكرش والعند، ومع هذا التوقف أصبح التنقل والسفر محفوفًا بالعديد من المخاطر، فيما الطرق البديلة تعتبر من أخطر الممرات، نظرًا لوعورتها، وبالرغم من ذلك يعبرها المواطنون، نظرًا للحاجة الملحة ولتجاوزِ تعقيدات توقُّف طريق تعز-عدن.
توقف الحركة
في 9 أغسطس/ آب 2015، توقفت حركة السيارات، وبدأ الخط الأسفلتي بين عدن وتعز، يشهد حالة من التراجع من قبل السائقين نتيجة لتصاعد القتال في مناطق قريبة منه، سواء في لحج أو العند وكرش، إضافة إلى انتشار قوات الأطراف المتصارعة على جوانب الخط الأسفلتي والمناطق القريبة منه! كما أنّ زراعة الألغام في الأجزاء الشمالية منه، أدّى إلى الانقطاع النهائي لمرور المسافرين من هذا الخط الهامّ والحيوي واختيار طرق بديلة غير مؤهلة بالمطلق.
فقدَ الناس منذ اندلاع الحرب الطريقَ الأسفلتية التي كانت الشريان الوحيد، لمرور المسافرين والبضائع من وإلى تعز وعدن، ففي حين كان السفر بين المدينتين لا يستغرق كثيرًا (مدة لا تزيد عن ساعة ونصف من الجهة لتعز مرورًا بخط منطقة الشريجة)؛ بسبب مرونة الخط واختصاره للمسافات، ومروره بالمناطق السهلة والممتدة، التي كانت بمثابة ميزة استثنائية لهذا الخط، تميزه عن غيره من الطرقات، اضطُر المواطنون بعد توقفه إلى السير في طرق أخرى مثل طريق حيفان أو ظمران في القبيطة، وهي طرق غير آمنة ضيقة وجبلية وذات منحنيات خطيرة تتسبب يوميًّا بعشرات الحوادث التي يذهب ضحيتها عشرات الأرواح والكثير من الخسائر المادية، علاوة على الوقت والجهد الكبير الذي تستغرقه هذه الطرق.
مضاعفات انقطاع الخط
يرى لطف عبدالله قاسم، موظف، أن إعادة فتح طريق تعز عدن لن يكون سهلًا، بسبب الخراب الذي حدث لجسر عقان، في إحدى الغارات سنة 2015، إذ دمرت الغارة جزءًا كبيرًا منه، إضافة إلى سقوط مساحة واسعة من القطعة الأسمنتية في الأعلى وتأثر أعمدة الجسر.
ويضيف لطف في حديثه “إعادة جسر عقان هو الأهم، في سبيل استئناف نشاط الخط، باعتبار الجسر هو الرابط بين ضفتي المنطقة المعزولة، المطلة على وادي تبن وورزان، ومن دون هذا الجسر فالسفر وعبور السيارات والشحنات سيكون معرضًا لمخاطر أخرى متمثلة في السيول، نظرًا لوجود مجرى تبن وورزان الكثيفة، في أوقات سقوط الأمطار في الصيف”.
وكانت مبادرات كثيرة قد سعت لفتح الطريق الرابط بين تعز وعدن، خلال السنوات السابقة وللحاجة الملحة المرتبطة بمصالح المواطنين وقطاع الأعمال، ولكن دون جدوى.
يعتبر محمد صالح غالب، سائق في الطريق البديلة ظمران، ، أنّ “هذه الطريق صعبة ومكلفة، والمرور من خلالها يعد كارثة، إذ إن درجة النجاة بحاجة إلى مهارة وحظ كبير”.
ويضيف غالب: “طريق ظمران ليست طريق عبور مؤهلة، مجرد طريق ضيقة وليست قابلة لتدفق مئات بل آلاف السيارات والناقلات الكبيرة، وما يحدث من حوادث كارثية فيها يذهب ضحيتها عشرات المواطنين الذين لا ناقة لهم ولا جمل فيما يحدث، تتحمل مسؤوليته أطراف الصراع جميعًا”.
ربط الشطرين بالطرقات
في السبعينيات تم سفلتت الخط الرابط بين مناطق التشطير في الشريجة، والتي كانت تفصل اليمن الجنوبي سابقًا بالجمهورية العربية اليمنية في سنة 1974، حيث تم سفلتت الخط الواصل من كرش إلى الشريجة في فترة الرئيس سالم ربيع علي، حيث تم إعطاء الطرقات الواصلة بين الشطرين أهمية كبيرة، وبدأ كل شطر يضع مشاريع الطرقات الرابطة إلى الشطر الآخر ضمن أهم المشاريع في تلك الفترة.
في المقابل، بدأ الرئيس، إبراهيم الحمدي، في الشمال بالاهتمام بوضع مشاريع الطرقات التي تربط بين الشطرين، حيث تم ربط العديد من شبكات الطرق مع الشطر الجنوبي في العديد من المحافظات الحدودية، وتم تنفيذ طريق خط تعز الراهدة سنة 1976، والذي يؤدي إلى المنطقة القريبة من الحدود الجنوبية، التي لا تفصلها عن المعبر الشمالي، في مساحة قصيرة تقاس بمئة متر فقط.
في تلك الفترة، أعلن الرئيس إبراهيم الحمدي عن تدشين شبكة من الطرقات تمتد إلى اليمن الجنوبي، وكان مثل هذا التوجه السياسي ضمن محاولات النظامين البدءَ بتحقيق الوحدة اليمنية، والتقارب بشكل واضح لكن مع انتهاء حقبة الزعيمين سالمين والحمدي، فإن استكمال وتطوير تلك الطرقات ظل محدود الأثر، وظلت المناطق المتقاربة مناطق عسكرية، باستثناء النقطة الجمركية في المنطقة التي كانت تعبر من خلالها السلع والبضائع بين الشطرين.
في 1990، ومع تحقيق الوحدة اليمنية شهد خط عدن-تعز تحولًا مهمًّا، وتدفقَ مواطنو الشطرين بشكل كبير في حركة شبة مستمرة ودائمة.
بعد النشاط الذي شهده خط تعز-عدن عبر الشريجة وكرش، وبعد أن كان يمثل أحد أهم الطرق في الجمهورية اليمنية، انقطع الخط بعد مرور أربع سنوات من نشاطه إثر الصراع الذي دار في صيف 1994، واستمر انقطاعه لشهور محدودة.
بعدها عاود الخط العمل، ليقوم بوظيفة مهمة، إذ كان المواطنون، يفضلونه لتجاوز بعض التعقيدات التي تتصف به بعض الطرق الأخرى، علاوة على أنه مؤهل وآمن.
في 2015، ونتيجة للحرب الأخيرة، انقطع خط عدن تعز لأول مرة، ولفترة أطول، وأصبح مخصصًا للتنقلات العسكرية فقط، بل إن معارك حامية كانت تدور بالقرب منه، سواء في مدينة عدن أو في مدينة صبر والعند في لحج، ليتحول إلى خط محفوف بالمخاطر، حيث امتنع الكثير من العبور خلاله، أو المرور بالقرب منه.
ويرى المواطنون أن إعادة فتح الخط يحتاج لقرار وتوجهات من أطراف الصراع نفسها ،بحسب خيوط.