ليلة القدر في مخيلة الأطفال
عدن – عصام صبري
تُعد ليلة القدر أو ليلة الشرف من الليالي التي يحرص المسلمون في اليمن على تحريها في الأيام العشرة الأخيرة لشهر رمضان المبارك من كل عام، وقد أوضح القرآن الكريم أنها خير من ألف شهر، لأن فيها نزلت أولى آياته على النبي محمد، كما أوضحت السنة النبوية علامات مرتبطة بالطقس والأجواء المناخية تؤكد على ثبوت ليلة القدر، لكن على الرغم من وضوح المقصود في القرآن والسنة من أن استغلال ساعات الليلة المباركة هو من أجل زيادة العبادة ونيل المغفرة والأجر والثواب من الله، إلا أن هذه الليلة ارتبطت بالكثير من الأساطير والحكايات التي تروى على لسان الكثيرين، إذ يعتبرها البعض أنها ليلة خروج الكنوز والمعادن الثمينة من باطن الأرض كالذهب وما شابهه لمن هم سعيدو الحظ، فيما يعتبر البعض الآخر أنها ليلة تقسيم الأموال والمكاسب المادية.
كنوز وأموال
تقول رقية عدنان (21 عامًا) إنها كانت تنتظر ليلة القدر وهي في سن الطفولة، بفارغ الصبر، لأنها كانت تعتقد أنها في تلك الليلة ستكون جميلة، وأن شعرها سوف يكون طويلًا، وستحصل على مجوهرات من شبان كُثر سيتوافدون لمنزلهم حتى يتقدموا للزواج منها.
بينما تحكي فاطمة منصور (30 عامًا) من محافظة عدن، كيف أنها كانت تقضي ست ساعات بجوار نافذة غرفتها خلال الخمسة الأيام الأخيرة في رمضان من كل عام، لتحري ليلة القدر.
وتقول “ذات مرة كنت أتخيل أنني أسمع شخصًا يناديني بأنه يجب عليّ أن أستيقظ من النوم من أجل أن أصلي كي أحصل على ما أريده في اليوم الثاني من ليلة القدر، وبالفعل كنت أحصل على مكافأة مالية من والدي”.
“في ليلة القدر ينزل شعاع من السماء إلى الأرض، فيختار هذا الشعاع الأولاد الشجعان حتى يكونوا أقوياء، ولن يتحقق ذلك إلا عندما يخرج صغار القرية إلى الساحة بعد فجر كل يوم من الأيام العشر، وحينما يشاهدون قوس قزح قد ظهر في الصباح الباكر، فهذا يعني أن تلك الليلة كانت ليلة القدر”، تلك مخيلة الطفل عبدالله بارويس عن أحداث ليلة القدر، هو وأقرانه القاطنون في منطقة غيل باوزير بمحافظة حضرموت.
أما الطفلة رغد الغرباني (13 عامًا) من منطقة دمت بمحافظة الضالع، تقول ليلة القدر، بأنها ليلة البكاء، فيها نسمع بكاء أمي وشقيقاتي وهن يُصلين.
“ليلة أم كائن”
يتذكر الداعية الإسلامي محمد عمر باحميش، كيف كان يتخيل ليلة القدر عندما كان طفلًا، قائلًا في حديثه “كنت أتخيل أن الملائكة تنزل للمصلين والصائمين والعابدين، وتسلم علينا، وإذا لقيت شخصًا غريبًا، كنت أظنه أنه من الملائكة”.
وينتقد باحميش عدم اهتمام الكبار بتعليم أبنائهم أهمية ليلة القدر في التراث الإسلامي، وعن ذلك يرى أنه يجب على الدعاة وطلاب العلم والوالدين والمربين أن يغرسوا في الأطفال والجيل الصاعد عظمة الأيام والأشهر، وينشروا للناس فضائل القدر، ويعملوا الجلسات الإيمانية، وبهذه الطريقة بإذن لله سينغرس في النشء التعرض للنفحات الربانية.
ويرى الباحث في التراث الشعبي اليمني محمد علي عطبوش، أن ليلة القدر في القرآن والسنة، تختلف جذريًا عنها في الخيال الشعبي، قائلًا “في القرآن الكريم ليلة القدر هي مفهوم، هي مجرد وقت مبارك يستحب فيه العبادة. لكن الخيال الشعبي حولها إلى كائن عاقل ينزل من السماء إلى الشخص، ويحقق الأماني على طريقة جني علاء الدين. وفي تقديري يبدو أن لقصص ألف ليلة وليلة أثرًا في هذا الفهم بحسب المشاهد.