قرارات المجلس الرئاسي السطوة لرجالات الإمارات
صنعاء – رشيد الحداد
صنعاء | ثبّتت القرارات والإجراءات التي اتّخذها المجلس الرئاسي الجديد في مدينة عدن، غلبة التيار الموالي للإمارات عليه. فعلى مدى الأيام الماضية، عقد المجلس سلسلة اجتماعات برئاسة رئيسه رشاد العليمي، معظمها لبّت مطالب ذلك التيار.
وتمكّن أحد أعضاء المجلس، عيدروس الزبيدي، مطلع الأسبوع الجاري، من فرض مرشّح «المجلس الانتقالي الجنوبي» محمد الغيثي، كرئيس للجنة التشاور والمصالحة المكوّنة من 50 عضواً تمّت تسميتهم في الرياض، بهدف تولّي مهمّة المصالحة بين المكوّنات الموالية للتحالف السعودي – الإماراتي، وكذلك فتح خطوط تواصل مع صنعاء. وليس هذا القرار، الذي أثار سخطاً واسعاً في أوساط القوى الأخرى المشاركة في المجلس، الأوّل الذي يُحسم لصالح «الانتقالي» بتأييد أربعة أعضاء موالين للإمارات في «الرئاسي»، بل سبقه أواخر الأسبوع المنصرم، تعيين أمين عام «الانتقالي»، أحمد لملس، وزير دولة في مجلس الوزراء، إلى جانب عمله كمحافظ لعدن. وتُضاف هذه التعيينات إلى عدّة توجيهات من رئيس المجلس، رشاد العليمي، قضى بعضها بإخلاء منازل وعقارات أسرة الرئيس اليمني الأسبق، علي عبدالله صالح، في مدينة عدن، وتسليمها لمندوب الأسرة، وهو ما اعتُبر استغلالاً للسلطة لتحقيق مصالح القوى النافذة في البلاد.
وبحسب مصادر سياسية مناوئة لـ«الانتقالي»، تحدّثت إلى «الأخبار»، فإن «المجلس الرئاسي لن يستطيع القيام بمهامه بحرية في عدن، كونه يمارسها في مدينة خاضعة لسيطرة الميليشيات الموالية لأبو ظبي». وأشارت المصادر إلى أن «قرار تعيين رئيس للجنة التشاور والمصالحة، عارضه حزب الإصلاح، ولم يحضر ممثّله صخر الوجيه اجتماعات اللجنة»، مؤكدة أن «الانتقالي لا يزال حتى اليوم يمارس المعارضة في عدن على رغم عضويّته في الرئاسي». وإذ حمّلت حكومة معين عبد الملك مسؤولية التدهور الاقتصادي والمعيشي في المحافظات الجنوبية، اتّهمت «الإصلاح»، الذي يشارك في المجلس الرئاسي بعضوَين من أصل ثمانية، بـ«الوقوف وراء الانفلات الأمني الأخير وتصاعد تحركات التنظيمات الإرهابية في محافظات أبين وشبوة وحضرموت».
واعتبرت المصادر ذاتها أن «تراشق الاتهامات بين المكوّنات المشاركة في الرئاسي، ينذر بتصاعد الخلافات في إطار المجلس، وإفراغه من أيّ مهام مستقبلية، كون قراراته تتمّ بموافقة معظم الأعضاء»، مؤكدة أن «تيّار الإمارات تمكّن من الاستئثار بقرارات المجلس وتسييره، كما تشير مخرجات عدد من الاجتماعات التي عقدت خلال الأيام الماضية في عدن».
في الأثناء، يستنفر «الإصلاح» تحسُّباً لمحاولات التيار الموالي للإمارات تصعيد رئيس الأركان في القوات التابعة لـ«التحالف»، صغير بن عزيز، الذي أعلن ولاءه لـ«الرئاسي»، ليصبح وزيراً للدفاع خلَفاً لمحمد المقدشي، المحسوب على «الإصلاح»، الذي تتّهم مصادره العليمي بـ«الخضوع لشروط الزبيدي» بإعادة هيكلة وزارتَي الدفاع والداخلية في حكومة عبد الملك، و«تسليم الملفّ الأمني للميليشيات الإماراتية في مدينة عدن».
وازداد توجّس «الإصلاح» من الهيكلة عقب قيام العليمي بتعيين الزبيدي رئيساً للملفّ الخاص بتنفيذ الشقّ العسكري والأمني من «اتفاق الرياض» المتعثّر منذ أكثر من عامين، في ظلّ تلميحات إلى أن تلك المهمّة ستتمّ تحت أيّ ظرف، وهو ما عدّه مراقبون «رسائل تهديد» لقيادة المنطقة العسكرية الأولى في وادي حضرموت، وأيضاً لجماعات «الإصلاح» الموجودة في شقرة في محافظة أبين.
وفي هذا الإطار، عقد عضو «الرئاسي»، قائد ألوية «العمالقة» الجنوبية الموالية لأبو ظبي، العميد عبد الرحمن المحرمي (أبو زرعة)، اجتماعاً مع مديري الدوائر العسكرية في وزارة الدفاع في الحكومة الموالية لـ«التحالف»، وأكد أن هيكلة المؤسسة العسكرية ستتمّ بحسب «اتفاق الرياض»، وطالب التوجيه المعنوي والصحافة العسكرية بتوعية الأفراد والضباط بأهمية الاندماج وتهيئتهم نفسياً لذلك. وفي اليوم نفسه، عقد المحرمي اجتماعاً آخر مع عناصر ميليشيات «الانتقالي»، دعاهم فيه إلى رفع مستوى الجاهزية الأمنية، وتعزيز جهود تأهيل وتدريب منتسبي الأجهزة الأمنية حتى يكونوا على «قدْر كافٍ من المسؤولية لمحاربة الجريمة والإرهاب». ويرى مراقبون أن «الانتقالي»، الذي فشل منذ عام 2018 في السيطرة على وادي حضرموت، يسعى لاستغلال «الرئاسي»، بعدما أصبح مشاركاً فيه، لتمرير مخطّطه لإسقاط الوادي، والسيطرة على منابع النفط الخام في شبوة ومأرب بحسب الاخبار.