حصاد مؤتمر جنيف لدعم اليمن.. أقل من 25% من إجمالي المبلغ الذي حددته الأمم المتحدة
حيروت – صنعاء
في أحدث تقرير لها، تناقش منصة خيوط ما أسفر عنه المؤتمر السادس رفيع المستوى الذي انعقد الأربعاء (16 مارس/ آذار)، من تعهدات أصدقاء اليمن، التي بلغت 1.3 مليار دولار لدعم الاستجابة الإنسانية للعام 2022.
وقالت الأمم المتحدة في موقعها الرسمي، إن 36 جهة مانحة تعهد بهذا المبلغ من إجمالي المبلغ الذي حدّدته بـ4.3 مليار دولار، لدعم وصول المساعدات الإنسانية لما يقارب 17.3 مليون شخص في اليمن.
وأضافت أن هذا التمويل سيوفر، عبر برامج منسقة بشكل جيد، التغذية لما يقرب من سبعة ملايين شخص؛ والمياه والصرف الصحي والنظافة الصحية والحماية لأكثر من 11 مليون شخص؛ والرعاية الصحية لما يقرب من 13 مليون شخص؛ والتعليم لأكثر من خمسة مليون طفل.
ومن بين أعلى التعهدات، أعلنت الولايات المتحدة تعهّدها بـ584.60 مليون دولار، والمفوضية الأوروبية بـ173.03 مليون دولار، وألمانيا 123.60 مليون دولار.
ونقل موقع الأمم المتحدة عن الأمين العام، أنطونيو غوتيريش، في المؤتمر الذي استضافته المنظمة الأممية مع السويد وسويسرا، قوله للمتعهّدين: “إن تبرعاتكم هي شريان حياة أساسي للشعب اليمني.”
وأشار الأمين العام للأمم المتحدة إلى أن عناوين الأخبار قد تكون انحسرت عن اليمن مؤخرًا، لكن المعاناة الإنسانية في البلاد لم تهدأ وطأتها، لافتًا إلى أن عشرات الآلاف من المدنيين في اليمن -منهم ما لا يقل عن 10 آلاف طفل- فارقوا الحياة، وأن الحياة بالنسبة لملايين النازحين داخليًا باتت صراعًا يوميًا من أجل البقاء، بينما تردى الاقتصاد إلى أعماق جديدة من اليأس.
وتطرّق غوتيريش إلى تأثير الحرب في أوكرانيا على الوضع الإنساني في اليمن، قائلًا إنها لن تؤدي “إلا إلى تفاقم كل ذلك مع الارتفاع الهائل في أسعار المواد الغذائية والوقود وغيرها من الضروريات”.
ومع الانعطافة الكبرى للحرب في 2015، برز نوع آخر من مؤتمرات المانحين، موجهًا نحو الإغاثة الإنسانية ومواجهة حالات الطوارئ الناجمة عن كوارث الحرب وتداعياتها على السكان، الذين فقدوا منازلهم أو مزارعهم أو مصادر دخلهم، واضطروا للنزوح باحثين عن الأمن والسلام.
وعُقِدت تلك المؤتمرات منذ عام 2015، بسبب تداعيات الحرب الكارثية على وضع الملايين من السكان؛ فهناك حوالي 20 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي، بما في ذلك ما يقرب من 17 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، ويحتاج حوالي مليوني طفل إلى العلاج من سوء التغذية الحاد، ربعهم تقريبًا مهدد بفقدان الحياة، ويبلغ عدد النازحين أكثر من 3 ملايين شخص، ولذلك أصبحت الأزمة الإنسانية باليمن، تصنف على أنها من أسوأ الأزمات في العالم.
وذكر موقع أخبار الأمم المتحدة أن اثنين من كل ثلاثة يمنيين– 20 مليون رجل وامرأة وطفل يعيشون في فقر مدقع، وأن تصاعد الأعمال العدائية يهدد بزيادة الاحتياجات الإنسانية وتقليص آفاق السلام. وقال غوتيريش: “وراء هذه الحقائق والأرقام الرهيبة يوجد بلد في حالة خراب، نسيجه الاجتماعي ممزق وآماله في المستقبل محطمة”.
وفي مؤتمر حشد الدعم لخطة الاستجابة الإنسانية في اليمن للعام 2021، ساهم المانحون بأكثر من 2.3 مليار دولار. ولفت الأمين العام للأمم المتحدة إلا أن هذا المبلغ مكّن المنظمات الإغاثية من الوصول إلى ما يقرب من 12 مليون شخص بمساعدات منقذة للحياة كل شهر طوال السنة.
ومن خلال العمل مع أكثر من 200 منظمة إنسانية – معظمها من المنظمات غير الحكومية اليمنية– تم الوصول إلى المجتمعات المحلية الضعيفة في كل مديرية من مديريات اليمن البالغ عددها 333 مديرية. وتابع غوتيريش: “وسعنا نطاق عملياتنا في مأرب بدعم إضافي من الصندوق المركزي لمواجهة الطوارئ الذي خصص بالفعل أكثر من 230 مليون دولار لليمن منذ عام 2015”.
وقال وكيل الشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، مارتن غريفيثس، في المؤتمر: هذا العام سيحتاج ما يقرب من ثلاثة أرباع سكان اليمن، على المساعدات الإنسانية والحماية من أجل البقاء على قيد الحياة.
وأضاف أن ذلك يمثل زيادة بنسبة 13% عن العام 2021، معتبرًا هذا الرقم “مفزعًا”. وقال إن العالم يحتاج إلى تعزيز العمليات الإغاثية لجعلها فعّالة وخاضعة للمساءلة قدر الإمكان.
وأشار غريفيثس إلى أن نداء هذا العام يستند إلى ثلاثة تقييمات جديدة للاحتياجات على مستوى الدولة، “مما يمنحنا قاعدة أدلة أكثر صرامة لدينا في مكان- كما نعلم جميعا- حيث يصعب جدًا جمع البيانات.”
وفي المؤتمر أعلن إجنازيو كاسيس، رئيس سويسرا ووزير الخارجية، أن بلاده ستساهم بـ15.8 مليون دولار في هذه الخطة، وأشار إلى أن فريقًا إنسانيًا سويسريًا توجه إلى اليمن قبل عدة أسابيع، وأبلغ عن مخاطر بسبب انهيار البنية التحتية الحيوية المحدودة.
وقال كاسيس: “مساهماتنا المالية ليست كافية لرفع المعاناة عن الشعب اليمني. أولًا وقبل كل شيء، ثمّة حاجة عاجلة لإنهاء هذا النزاع، يجب تحقيق وقف إطلاق النار بدون تأخير”.
وزيرة خارجية السويد، آن ليندي، خاطبت المجتمعين بدورها، قائلة إن انعقاد هذا المؤتمر يمثل فرصة للمجتمع الدولي ليظهر أن الالتزام الإنساني لا يزال ثابتًا: “لا يجب نسيان شعب اليمن في الوقت الذي يتجه فيه الكثير من اهتمام العالم حاليًا نحو صراعات وأزمات أخرى. في وقت تتزايد فيه الاحتياجات الإنسانية في اليمن، هناك حاجة إلى الدعم الدولي أكثر من أي وقت مضى ويجب أن يستمر. هذه مسؤولية مشتركة لنا جميعًا.” أضافت الوزيرة ليندي، معلنة أن بلادها سترفع مقدار التعهدات عما كان في السنة الماضية، حيث سيصل التخصيص الأولي لعام 2022، إلى أكثر من 35 مليون دولار، وأنه قد يتم تخصيص المزيد خلال وقت لاحق من العام نفسه.
وأكد المشاركون على أن الأهم من كل ذلك هو حاجة الشعب اليمني للسلام، الذي بدونه سيظل محكوم على الملايين العيش في مستويات شديدة من الفقر والجوع والمعاناة.
وكانت المفوضية الأوروبية ذكرت في موقعها الرسمي أنها خصصت مبلغ 154 مليون يورو للعام 2022، من أجل دعم السكان الأشد احتياجًا في اليمن، وذلك خلال الفعالية رفيعة المستوى لإعلان التعهدات لليمن.
وأشار بيان المفوضية إلى تعهد الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء إجمالًا بأكثر من 371 مليون يورو، معتبرة ذلك دليلًا على التزامها الثابت بمعالجة هوة التمويل الكبيرة الناتجة عن الأزمة.
إفادة آنجلينا جولي في المؤتمر
وفي المؤتمر قالت مبعوثة مفوضية شؤون اللاجئين، آنجلينا جولي، إنها التقت بقسم صغير من الملايين الأربعة النازحين بسبب النزاع، خلال زيارتها لليمن قبل حوالي 10 أيام.
وقالت واصفة ما رأته خلال الزيارة: “زرت موقع إيواء غير رسمي تعيش فيه 130 أسرة. فقط 20 منها تحصل على المساعدات الغذائية، وفقط عندما يتوفر التمويل”.
وتابعت نجمة هوليوود المعروفة بحبها للأطفال: “زرت مدرسة بديلة، كانت مكوّنة من خمس غرف صغيرة مظلمة. يجلس الأطفال على الأرض ولم يتناولوا الطعام. ولم تتناول المعلّمة الطعام. إنها متطوعة وأخبرتني بأنها تسير لمدة ساعة على الأقل يوميًا للوصول إلى ذلك المكان النائي، في محاولة منها لإعطاء الأطفال بعض الأمل في المستقبل. لأنه ليس لديهم أي شيء؛ لا طعام، لا أقلام، لا مناضد، لا كتب مدرسية. لا رواتب للمعلمة. يجلس من هم في سن 13 مع أطفال بعمر الثالثة، يسعون إلى التعلم والقراءة والكتابة، أملا في مستقبل ربما لا يرونه أبدًا.”
وفي حين أشارت إلى افتقار مراكز الإيواء لخدمات الصرف الصحي، تحدثت عن الفتيات الصغيرات اللاتي يتم تزويجهن في عمر مبكر. كما رأت أمًّا فقدت ثلاثة من أطفالها بسبب أمراض كان يمكن الوقاية منها، ولديها ولد يخضع للعلاج في المستشفى. وحتى لو توفر العلاج في المستشفى، قد لا تقدر الأسرة على تحمّل تكاليف العلاج.
وقالت جولي: “هذه هي حقيقة نداءات المساعدات التي تعاني من نقص كبير في التمويل، وسط صراع استمر لسنوات عديدة دون حلول سياسية”.