الأغنية اليمنية.. وإعادة تقديمها بقالب عصري
تعز – فخر العزب
بصوتها الشجي والعذب، شاركت الفنانة اليمنية، فاطمة مثنى، في ميدلي غنائي مع 4 فنانات يمنيات، لتجديد بعض أغاني الفنان اليمني الراحل محمد صالح عزاني.
وتزامن هذا العمل الفني مع عدة أعمال فردية وجماعية لفنانين يمنيين، لتجديد الأغاني القديمة، وإعادة تقديمها بقالب عصري، وهو الأمر الذي راق لذائقة الكثيرين من المتلقين. وتقول مثنى إن الفنان يلجأ لتجديد الأغاني القديمة، لإيمانه أن أغاني الفنانين السابقين كانت ذات رسالة ومحتوى مميز، وتقدم رسالة عاطفية، وترسخ مبدأ الحب في مضامينها، كما أن الفنان المجدد يعلم جيدًا أن الفن سابقًا كان مزدهرًا مقارنة بواقع الفن اليوم، بالإضافة إلى أن الفنانين كانوا يقدمون فنًا محترمًا.
آراء حول الفن الغنائي
“يؤثر تجديد الأغاني القديمة على الحياة الفنية إيجابًا، فهو يبث روح الحماس والطموح بأن يقدم الفنان ما يرتقي بذائقته وذائقة المستمعين، ويحاول أن يقدم فنًا يوازي أو يتقارب على الأقل مع ما كان يقدمه الفنانون قديمًا، إذ إن الفنانين اليوم يمتلكون مقومات ترقى بهم لتقديم فن جميل إن أرادوا تطوير أنفسهم من خلال التثقيف الفني والاجتهاد والشغل على مواهبهم بشكل أكبر، وإن أحسنوا اختيار الكلمة واللحن، فهناك أصوات جميلة تستحق أن تظهر وأن تقدم شيئًا راقيًا وجميلًا” تقول مثنى.
بينما يرى البعض أن التجديد يفتقد عددًا من العناصر الفنية اللازمة، ما جعل هذه الأعمال التجديدية تسيء للأعمال الأصلية. ويشير الناقد الفني الدكتور قائد غيلان، في حديثه، إلى أن المشكلة ليست في لماذا يلجأ الفنان إلى التجديد؟ بل لماذا لا يلجأ إلى التجديد؟ والتجديد الذي نعنيه ليس تشويه صورة النمط الموجود، بل تجاوزه والإضافة إليه، فالفنان العاجز عن التجديد عندما يجدد، إنما يخرب الموجود ويسيء إليه، فالتجديد مطلوب، ولكن ليس كل فنان مؤهلًا لذلك، فحتى الآن لم نشهد تجديدًا ناجحًا للأغاني القديمة، كل ما يحدث الآن هو تجديد في الإخراج والتصوير، أو إدخال آلات غريبة مثل آلة الأورج التي تتم إهانتها في الأعراس والاحتفالات، فتؤدى بها كل الألوان الغنائية اليمنية بطريقة كرّهتنا في الأروج مثلما كرهتنا الفِرق الرسمية السابقة بآلة الكمان.
ويقول غيلان: “للأسف، لا يوجد الفنان المتخصص الذي يمكن أن يضيف إلى الفن اليمني، باستثناء الفنان أحمد فتحي الذي أنتج مجموعة أغانٍ بالتعاون مع المرحوم أبو بكر سالم، ثم توقف، ومؤخرًا عبدالله آل سهل الذي مايزال في بداية الطريق، باقي الفنانين الجدد كلهم مقلّدون أو مشوهون لما هو موجود”.
تراجع للفن
ويشهد الفن الغنائي اليمني تراجعًا اليوم مقارنة بالفترات الماضية، نتيجة عدد من الأسباب التي منها موضوعية، وأخرى غير موضوعية، وفق مهتمين بالفن اليمني.
وترى مثنى أن أهم أسباب ذلك هو الجهل المجتمعي بالفن ودوره، وكذا عدم دعم المؤسسات الحكومية أو الخاصة للجانب الفني، وعدم إدراك قيمة الفن، وعدم وجود محتوى جيد وأفكار جيدة تحكي وتلامس الواقع، وعدم إحساس الفنان بقيمته، ورؤيته لنفسه أنه مجرد صوت لا أكثر ولا أقل.
بدوره، ينوه غيلان إلى أن تطور الغناء اليمني في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، كانت طفرات، تهيأت لها الأسباب الموضوعية والذاتية، تمامًا مثل الأدب، الآن لدينا تراجع في المستوى الفني، لكن هناك طفرة في الإبداع الأدبي. الجمهور متعطش ومستعد أن يشجع كل جديد، لهذا يصفق لكل قادم ظنًا منه أن ذلك أمل جديد، يشجع حتى الظواهر السيئة عسى أن يطلع منها شيء جميل.
مبادرات للتطوير
مؤخرًا ولدت العديد من التجارب الشبابية التي تحاول استعادة الدور الريادي للأغنية اليمنية، لكن هذه المحاولات تظل بالغالب محاولات فردية بعيدًا عن التوجه المؤسسي للجهات الرسمية.
ويمكن تطوير الغناء اليمني بتقديم محتوى جيد وفكرة جيدة، وكلمة ذات قيمة، ولحن يحكي ويشرح تلك الكلمة، حد قول مثنى، لكنها تؤكد على ضرورة دعم المؤسسات الحكومية للجانب الفني، لأنه لا يقل أهمية عن بقية جوانب الحياة، وتضيف أن أهميته تفوق غيره كونه يخاطب النفس والروح.
ويشير غيلان إلى أنه لا يمكن أن يتطور الفن إلا بتغير النظرة الاجتماعية للفن، وتغير الموقف الرسمي والمؤسس، وسينهض الفن حين يصبح مصدرًا جيدًا لمعيشة مريحة لصاحبه.
“لا يمكنك أن تبدع وأنت لا تستطيع أن تعيش على مردود ذلك الإبداع. كيف يمكن أن يكون لديك فن متطور وليس هناك مؤسسات ضخمة تتبنى ذلك الإبداع وتموله وتنشره؟”؛ يضيف غيلان.
وتوجد العديد من المبادرات التي تسعى للاهتمام بالفن الغنائي اليمني وتطويره، إذ أطلق فنانون ومثقفون ونشطاء يمنيون حملة “يوم الأغنية اليمنية”، وحددوا الأول من شهر يوليو يومًا وطنيًا للاحتفاء بالأغنية اليمنية، ليعتمد هذا اليوم من قبل وزارة الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة، بحسب موقع المشاهد.