خطاب تحريضي.. “التغطية مستمرة”
عدن – محمد المحمد
اقتربت الحرب في اليمن من عامها الثامن، وما تزال المؤسسات الإعلامية تمثل جزءًا كبيرًا من المعركة الدائرة، واتخذت معظمها موقفًا محددًا مع طرف معين، إما مؤيدة أو معارضة، ما أدى إلى ضياع صوت الصحافة المهنية، وتلاشي خطابات السلام ودعوات التعايش، وتصدرت صحافة الخطاب الموجه، ليعلو صوت العنف والتحريض.
بثت أطراف الصراع خطابًا إعلاميًّا، أسهم كثيرًا في تأجيج الصراع وإثارة النعرات المناطقية والعرقية، والمذهبية، وشجع على عملية الفرز العصبوي، ودفع المجتمع نحو المزيد من التفكك والانقسام، وتقسيم المجتمع الواحد إلى مجتمعات عدة، وحدوث المزيد من العنف.
نركز في هذا التقرير، على بث خطاب الكراهية والتحريض على الأساس المناطقي، وما العواقب والآثار الناتجة عن ذلك، وكيف ساهم الخطاب العدائي، الذي انتهجته أطراف الصراع في التحريض ضد الخصوم، في ظهور عواقب وخيمة، كإذلال شريحة معينة من المجتمع، وانعكاس العنف كممارسة مجتمعية.
لم يعلم مازن، المنحدر من أحد أرياف محافظة تعز، أنه سيكون ضحية خطاب كراهية ومطالبته بالرحيل من مدينة عدن بين الفينة والأخرى، بعد أن قضى فيها قرابة 16 عامًا.
يقول مازن الذي تنقل بالعمل في محلات بيع الملابس بمدينة عدن واستكمل فيها دراسته الجامعية، بأن “نظرات الازدراء والتخوين رافقته من قبل البعض”، وأنه “عند كل حادثة تحدث في عدن، يتلقى الكثير من ألفاظ التخوين والاتهام”، ما يدفعه هو ورفاقه من أبناء قريته “نتجنب الخروج عند وقوع أي حادثة”.
يقول الشاب الثلاثيني بأن “ثمة عبارات قاسية، تبعث على النفس، كـ “يا دحباشي روح بلادك”.
اغتيال معنوي
ما تقدمه وسائل الإعلام اليمنية في وقت الحرب والصراع يندرج إجمالًا في العمل الدعائي والاستقطاب السياسي، ولا علاقة له بالوظيفة الإعلامية، وفقًا للصحفي الدكتور عبدالله بخاش، وأن وسائل الإعلام تعمل “كميادين صراع وليست منابر تنوير وتثقيف، وينساق خطابها ضمن سياسات القوى الممولة التي تتبنى خطابها”.
يصف بخاش دور وسائل الإعلام ومنابر الخطاب الديني، ومنصات التواصل الاجتماعي أثناء الصراع بـ “الكارثي”؛ كونها تعمل على “تدمير النسيج الاجتماعي من خلال خطاب الحقد والكراهية والعنف والصور النمطية المسيئة إلى الآخر، وعمليات الاغتيال المعنوي بحق المخالفين في الرأي، وإلغاء التباين التدريجي في المجتمع، وتشجيعه على عملية الفرز الهوياتي العصبوي المناطقي الضيق لأفراده على حساب الهوية الوطنية الجامعة”.
خطاب عدائي
يلجأ كل طرف في تشويه خصومه من بقية الأطراف، ببث خطاب كراهية عدائي، فجماعة أنصار الله “الحوثيين” تصف الآخر بأنهم “دواعش ومرتزقة” يوالون أمريكا وإسرائيل، ومناطقهم بأنها “تخضع للاحتلال السعودي والإماراتي”، في المقابل تنتهج وسائل إعلام الحكومة (المعترف بها دوليًّا)، خطابًا إعلاميًّا، تصف الحوثيين بأنهم “فرس وروافض“، وأن من يسكن مناطق سيطرتهم “هاشمي”، فيما تصف المجلس الانتقالي بالجنوبي بـ “بالعملاء والانفصاليين”.
فيما يصدر المجلس الانتقالي – جنوب اليمن – المطالب بفك الارتباط، خطاب كراهية ضد أبناء المحافظات الشمالية، ويصفهم بـ “المحتلين، الدحابشة”، ويصف الحكومة المعترف بها دوليًّا، بـ “الإخوانيين”، خلافًا عن وجود مكونات تمتلك وسائل إعلامية تقوم ببث خطاب كراهية يرتكز في المقام الأول على تشويه مخالفيها أو خصومها.
استبيان
وخلص استبيان شمل 92 صحفيًّا وصحفية 65.2% ذكور، و34.8% إناث، إلى أن وسائل الإعلام تعمل على بث خطاب العنف والكراهية وتأجيج الصراع في اليمن بنسبة 96.7%، وأن الخطاب التحريضي أسهم في توسيع الفجوة بين أبناء الشمال وأبناء الجنوب، بحسب تأكيد 94.6%.
وأوضح الاستبيان، الذي أجراه مُعدّ المادة، أن 60.9% يرون أن التحريض في وسائل الإعلام بنسبة كبيرة، و33.7% منهم يؤكدون أن نسبته متوسطة، فيما 5.4% يقولون إن نسبته قليلة، مؤكدًا أن منصات التواصل الاجتماعي تأتي في مقدمة الوسائل التي تقدم معلومات مضللة تحريضية بنسبة 64.1%، تليها المواقع الإلكترونية الإخبارية بنسبة 18.5%، ومن ثم القنوات التليفزيونية بنسبة 16.3%، وتحل أخيرًا الإذاعات بنسبة 1.1%.
وتطرق الاستبيان إلى الألفاظ التحريضية المتداولة في وسائل الإعلام، التي يأتي في مقدمتها، لفظ “دحباشي” بنسبة 77.2%، ومن ثم “شمالي” بنسبة 65.2%، ويأتي ثالثًا “مرتزق” بنسبة 59.8%، ومن ثم “داعشي” بنسبة 58.7%، ويأتي في المرتبة الخامسة “جنوبي” بنسبة 52.2%، ويليه “انفصالي” بنسبة 48.9%، ومن ثم “محتل شمالي” بنسبة 47.8%، ويأتي آخرًا “زيدي” بنسبة 21.7%، فيما هناك ألفاظ “أخرى” بنسبة 5.4% تمثلت بـ: حراكي، جعاربة، فوانيس.
نسف قيم التعايش
تقوم أطراف الصراع بالتراشق الإعلامي وتبادل الاتهامات، ويمتد خطابها إلى منصات التواصل الاجتماعي، الذي لا يتورع روادها من توجيه الشتائم والسباب، وخلق موجة تحريض بالتهديد والوعيد، ونسف قيم التعايش، وتتسبب بطريقة أو بأخرى، بحمل مشاعر بغضاء بين اليمنيين عمومًا، وبين أبناء الشمال وأبناء الجنوب بشكل خاص.
سالم، المنحدر من محافظة شبوة – جنوب اليمن، ويعيش في العاصمة صنعاء منذ ولادته، هو الآخر يواجه تنمرًا من قِبل أصدقائه، يقابله بامتعاض، فيقول: “عند حدوث أي واقعة في أي مدينة في الجنوب، أتلقى الكثير من الانتقادات من قِبل أصدقائي، صحيح أنها تقال من باب المزح، إلا أنها أصبحت بشكل روتيني ترافق كل حادثة، وهو ما يحز في النفس، ولها وقعها”.
ويتابع سالم، “أي تصرفات تجاه شماليين في الجنوب، مباشرة أجد من يقول لي: “هيا كيف يا جنوبيين، لكن كثّرتوا بها”.. و”كأني وكيل عليهم”، يقولها متهكمًا.
وثمة ردود أفعال تستنكر توظيف مجريات الأحداث إعلاميًّا، وإصباغ عليها الطابع المناطقي، وهو ما جعل نادر القاضي يتعجب من الأخبار التي تحض على الكراهية في وسائل الإعلام، ويعتبرها أنها تسعى لتمزيق وتفكيك النسيج الاجتماعي.
يقول الثلاثيني المنحدر من مدينة التربة بتعز، بأنه يسكن في مدينة عدن منذ سنوات بعد أن تزوج واستقر للعمل فيها، وأنه “لم أواجه أي مضايقات، أو أي أحد من أفراد أسرتي ومتعايشين إلى حد كبير”.
ويؤكد نادر بأن “هناك قوة ترابط بين الناس في شمال وجنوب اليمن بعيدًا عن الآراء والمواقف السياسية”، فزوج أختي من أبناء عدن، ودائمًا يزور مدينتي تعز وإب للتنزه هو وعائلته دون أن يتعرض للمضايقات”.
الطابع المناطقي
تلجأ وسائل إعلامية إلى إلصاق الطابع المناطقي لكل حادثة تحدث في الشمال أو في الجنوب، وفقًا للدكتور بخاش من منطلق أن “التعامل معها من زوايا التوظيف السياسي وليس التعامل المهني بتجرد ومسؤولية، وتمكن الفاعل السياسي من اختراق الصحافة وتمرير رسائله الملغومة عبرها إلى الجمهور، مؤكدًا أن هذا “له انعكاسات خطيرة على وحدة النسيج الاجتماعي والسِّلم الأهلي في المجتمع”.
فيما يذهب الصحفي نشوان العثماني إلى أن هناك جهات إعلامية سعت إلى إلصاق الطابع المناطقي على الأحداث الحاصلة، بأن “تُصدّر قضيتها قياسًا باستهداف الطرف الآخر، أو بإبراز التفوق على الطرف الآخر”.. وإلى جانب ما تقوم به وسائل الإعلام بزج النسيج المجتمعي نحو التمزق، يقول العثماني، إن “خطابها عمل على تعقيد جهود السلام وإنهاء الحرب”.
ويخلص العثماني، وهو مدرب في الصحافة الحساسة للنزاع، إلى أن “وسائل الإعلام اليمنية عادة ما غلب عليها في فترة الحرب الاستقطاب الحاد من قِبل أطراف الصراع، والزج بها في الواجهة ضمن الحرب القائمة”، وأنها بذلك تلجأ إلى “شيطنة الآخر وتشويه دوره، والمزيد من فبركة الأحداث، أو التدخل في نقلها، أو تغطية إعلامية غير مهنية إلى جانب كونها غير حصيفة، ما جعل منها أن أدت أداء سلبيًّا في هذا الجانب”.
تزييف حقائق
خطاب الكراهية الذي انتهجته وسائل الإعلام، لا يرتكز على توظيف الأحداث وإلصاقها بالطابع المناطقي فقط، وترتفع فيه نبرة وحدة الخطاب بحسب الانتماء لجغرافية معينة، بل تسعى إلى تزييف حقائق، وفبركة أحداث واختلاق أخرى.
تناول هذا التقرير التغطية الإعلامية لحادثة مقتل عبدالملك السنباني كأكثر الحوادث إثارة للرأي العام، عن طريق الغوص في مضامين ومنهجية التغطية الصحفية التي رافقت الحادثة، لرصد مفردات التحريض فيها، والممارسات الصحفية التي طالها تشويه واختلالات، وتضفي إلى تضليل المحتوى وتقديم معلومات مغلوطة ومضللة، وقام مُعد التقرير بمطالعة وتحليل 50 مادة صحفية خاصة بحادثة مقتل عبدالملك السنباني، ما بين خبر وتقرير، وبفترات زمنية متفاوتة، وتوصّل إلى النتائج التالية:
انحصرت 88% من المواد الصحفية بالاستناد على مصادر لم تُسمّها، واكتفت بالقول مصادر (خاصة، محلية، مطلعة، ميدانية)، وجاءت كلمة “شمالي” بنسبة 46%، فيما تضمنت 40% من المواد المرصودة عناوين مثيرة للدهشة أو الاستغراب، وتخالف سياق المضمون في المادة ذاتها، وأرجعت نسبة 34% سبب الحادثة إلى إغلاق مطار صنعاء، كما أن نسبة 8% من المواد الصحفية، ادعت بأن القتيل ينتمي لجماعة الحوثي.
شحن مناطقي
التغطية الإعلامية لحادثة السنباني هي ضمن سياق الشحن المناطقي، وسياق تحويل القضايا الإنسانية إلى مهاترات، مما يفقدها قيمتها والدقة والمعلوماتية، بحسب نبيل الأسيدي، مسؤول الحقوق والحريات بنقابة الصحفيين، وأن هذا يعد “استغلالًا سيئًا للأحداث الإنسانية، وهو ما يجعل حق الضحايا أقل حظًّا، أو يفسد حقها”، حد تعبيره.
ويخلص الأسيدي إلى أن “هناك وسائل إعلام دخيلة على العمل الإعلامي، وصحفيين دخلاء على المهنة، إما بدفع من أطراف الصراع، أو بمرحلة الانفلات الحاصلة، أو بانتمائهم إلى الجهات المتصارعة، فأصبحوا إعلامًا حربيًّا”، وأن كل ذلك عمل على “تشويه الرسالة الإعلامية، وتزييف الحقائق وإثارة النعرات” وأن هذا “يُعد ضمن أجندات الصراع”.
ويؤكد الأسيدي بأن “كل طرف في الحرب يحاول تغذية أهداف معينة، ويحاول أن يرغم وسائل الإعلام على تبنّي لغة عدائية (مناطقية، جهوية، قبلية، سياسية، أو مذهبية)، من أجل كسب تعاطف الجمهور، أو لمصالح ذات بعد سياسي محلي، أو دولي”، معتبرًا أن “حالة المناطقية في الإعلام لا تختلف عن كونها إحدى تشوهات الحرب في وسائل الإعلام”.
إعلام حربي
من جانبه يقول فتحي بن لزرق، رئيس تحرير صحيفة عدن الغد، إن “الحرب في اليمن تسببت بانقسام وسائل الإعلام بين الأطراف المتصارعة”، وعلى إثر ذلك “خضعت أغلب وسائل الإعلام لتوجهات الممول وتوجهات مسؤولي الصحيفة، ووقوفها مع طرف من أطراف الصراع”.
وفي حديث خاص، يقول بن لزرق إن “وسائل الإعلام تحولت إلى ما يشبه الإعلام الحربي، وتجاوزت كافة الخطوط الحمراء فيما يخص شيطنة الأطراف الأخرى ومهاجمتها، وإذكاء الصراع”، وهو الأمر الذي “انعكس سلبًا على المجتمع”، وبوصفه أن “حالة الشيطنة امتدت إلى شيطنة المناطق التي تسيطر عليها كل الأطراف”.
كما أن المكان الذي يتعرض فيه أي مواطن لانتهاك أو ظلم أو اعتداء، هو من يحدد نوع التوجه الإعلامي لتغطيته وللتضامن معه، وفقًا للصحفي بن لزرق، ويستطرد في حديثه: “فالمواطن الذي يتعرض للإيذاء على يد جماعة الحوثي يكون مادة دسمة لوسائل الإعلام الأخرى للتضامن معه والدعوة لإنقاذه، أو دعنا نقول لرفع الضرر عنه، وعلى الجانب الآخر في المناطق المحررة حين يتعرض مواطن للأذى تصبح القضية مهمة بالنسبة لإعلام الحوثي لاستغلالها ضد الأطراف الأخرى”، مشيرًا إلى أنه “لا ينحصر الأمر في ما يخص مناطق الحوثي والشرعية، بل يصل الأمر إلى مناطق داخل إطار الشرعية نفسها، وربما داخل مناطق الحوثيين كذلك”.
أخطر خطاب
ويعتبر المدير التنفيذي لمؤسسة منصة للإعلام والدراسات التنموية، عادل عبدالمغني، أن “خطاب الكراهية على أسس جهوية ومناطقية هو أحد أخطر أنواع خطاب الكراهية على الإطلاق”، بوصفه “يؤدي إلى مزيد من التصدعات في النسيج الاجتماعي، ويفضي إلى ارتكاب أعمال عنف وجرائم قد تصل إلى القتل بالهوية”.
ويؤكد عبدالمغني أن “ما نشهده اليوم من تحريض على أسس جغرافي في اليمن هو نتاج خطير للدور السلبي الذي لعبته وسائل الإعلام اليمنية خلال السنوات الماضية، والتي تحولت إلى أدوات عسكرية تتخندق وراء الأطراف التي تتبعها أو المحسوبة عليها، لبثِّ وإشاعة خطاب الكراهية والتحريض على العنف، الأمر الذي أعاق فرص التسوية السياسية في البلد، وأطال من عمر الاقتتال”.
وأشار عبدالمغني إلى أن “الإبادة الجماعية والقتل بالهوية التي شهدتها رواندا في تسعينيات القرن الماضي بدأت بخطاب الكراهية والتحريض وانتهت بمجازر تُعد الأبشع على الإطلاق”، محذرًا بأنه “في ظل ظروف الحرب التي يعيشها اليمن، فإن خطاب الكراهية الجهوي يجد مناخًا ملائمًا للتوسع والانتشار بسبب الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وغيرها من عوامل التفكك والتصدع في المجتمع”.
حلول ومعالجات
وفي سياق البحث عن حلول ووضع حد لخطاب الكراهية، يرى العثماني أن “وسائل الإعلام والصحفيين بحاجة ماسة إلى تبنّي خطاب مغاير، إيجاد منصات ذات تفاعل جيد من قِبل مشاريع ومنظمات وصحفيين، وتصدير قصص نجاح في مسألة التعايش والدعوة للعودة إلى مشترك التسامح والقبول”، مشددًا على أن “المواطنين بحاجة إلى تثقيف، في عدم الأخذ بكل شاردة وواردة، بل التثبت من أي محتوى إعلامي، وإخضاعه للتقييم”.
من ناحيته شدد عبدالمغني على ضرورة “قرع جرس الإنذار جراء تنامي خطاب الكراهية بين الشمال والجنوب، وأن يعمل الجميع على احتواء ومعالجة هذه الظاهرة المقلقة والخطيرة قبل أن تتحول إلى ثقافة عامة ونزعات متطرفة، خاصة في ظل الاستخدام السلبي لوسائل التواصل الاجتماعي التي تساهم في سرعة انتشار هذا النوع المدمر من الخطاب”.
وأشار الأسيدي إلى أن “نقابة الصحفيين تبذل الكثير من الجهود للحد من خطاب العنف والكراهية في وسائل الإعلام”، وهي حاليًّا “تعمل بالتعاون مع الاتحاد الدولي للصحفيين، على تنفيذ ورش عمل ولقاءات وندوات في عدد من المحافظات بهدف التوعية وتصحيح مسار وسائل الإعلام”، مشددًا على أن “إمكانيات النقابة ومنظمات المجتمع المدني الأخرى قليلة جدًّا نتيجة التشوهات الكبيرة التي حلت بالإعلام”.
وكانت الأمم المتحدة قد أصدرت وثيقة في مايو 2019م، تتضمن استراتيجية وخطة عمل لمكافحة خطاب الكراهية، وهدفت إلى تعزيز جهود الأمم المتحدة في التصدي للأسباب الجذرية والعوامل المحركة لخطاب الكراهية، وتمكينها من صوغ استجابات فعالة لأثر خطاب الكراهية في المجتمعات.
وعرفت الوثيقة خطاب الكراهية بأنه “أيّ نوع من التواصل، الشفهي أو الكتابي أو السلوكي، الذي يهاجم أو يستخدم لغة ازدرائية أو تمييزية بالإشارة إلى شخص أو مجموعة على أساس الهوية، وبعبارة أخرى على أساس الدين أو الانتماء الإثني أو الجنسية أو العرق أو اللون أو الأصل أو نوع الجنس أو أحد العوامل الأخرى المحددة للهوية”.
وتضمنت الوثيقة التزامات رئيسية تقوم بها الأمم المتحدة، تمثلت أبرزها برصد خطاب الكراهية وتحليله، ومعالجة الأسباب الجذرية الكامنة وراءه والوقوف على عوامله المحركة والجهات الفاعلة فيه، إشراك ودعم ضحايا خطاب الكراهية، والعمل مع وسائل الإعلام الجديدة والتقليدية، واستخدام التكنولوجيا والتعليم كأدوات في مواجهة خطاب الكراهية والتصدي له.
على الجمهور
من ناحيته يقول بخاش إن “الجمهور عرضة لخطابات إعلامية متعارضة ومتناقضة محلية وإقليمية ودولية، ووفرة في تدفق المعلومات تقوده إلى الإرباك المعرفي في كثير من الأحيان، خصوصًا مع تعقيد القضايا وضبابيتها ومع نقص المعلومات المتعلقة بها وتجزئة الجماهير”، وهو ما يتطلب من الجمهور، بحسب بخاش، “التفاعل الإيجابي والتفكير النقدي في المضامين الإعلامية، ومعرفة كيفية التعامل مع مصادر المعلومات والتثبت منها والقدرة على تمييز أعمال التزييف والتلاعب فيها”، و”متابعة الحدث أو القضية عبر أكثر من مصدر لتحقيق رؤية أشمل وأعمق من زوايا مختلفة”. نقلاً عن موقع المشاهد.