تأثير العقوبات الاقتصادية الغربية على أطراف الصراع بين الغرب وروسيا بقلم| صفوان باقيس
بقلم| صفوان باقيس
دوما ما يستخدم الغرب الورقة الاقتصادية كاعامل ضعط على حكومات وشعوب الدول التي تصطدم مع مصالحه الاستراتيجية، استخدمت هذه الورقة في العراق، كوبا، فنزويلا، ليبيا و إيران و القائمة تطول.
ورقة الضغط الإقتصادي هذه تكون ضمن أحد الخيرات المتاحة قبل استخدام القوة العسكرية او التلويح باستخدام القوة ،تسمى تلك السياسة بكل وقاحة بسياسة العصا و الجزرة لأنها تشبه الطرف الذي يمارس عليه الضغط بالحمار اي سياسة ترهيب وترغيب. القصة الأصلية للحمار لا تعني إستخدام العصا للضرب وإنما لمد الجزرة بها لكي تتدلى أمام الحمار ولكن المثل المذكور يتم استخدامه اليوم بمعنى العصا للضرب و الجزرة للثناء فهي نظرة احتقار و استعلاء على الشعوب الأضعف.
وضع روسيا يختلف كثيرا ولايمكن إهانتها بتلك السياسة الحمقاء فهي تمتلك عكازها الغليظ تحت ابطها وعندها من الجزر و الخيار بما يكفيها و يكفي الغرب وزيادة. فروسيا دولة كبيرة في النادي النووي وعندها صواريخ تنطلق بستة أضعاف سرعة الصوت ويمكنها الوصول لأي موقع جغرافي في الخريطة في دقائق.
صحيح روسيا تمتلك ثاني أقوى تراسانة نووية بعد الولايات المتحدة ولكن اي حرب نووية اليوم ستكون لصالح روسيا نظرا لتفوقها الصاروخي على خصمها اللدود أمريكا لذلك نستنتج انه لايمكن استخدام العصا مع روسيا فلم يتبقى لدى الغرب إلا الخيار الإقتصادي وهو سلاح ذو حدين.
ورقة الضغط الإقتصادية الغربية لن تكون فعالة لأنها لا تستطيع فرض حصار اقتصادي على الدب الروسي مثلما حصل مع العراق فالعضلات الروسية تخيفهم حتى بدون استخدام ورقة الفيتو في مجلس الأمن لعرقلة إضفاء الشرعية على حزمة العقوبات المتوقعة.
العقوبات المتوقعة ستكون عبارة عن مقاطعة وهي تضر الغرب اكثر مما تنفعه و بالتأكيد سيتشكل حلف يساند روسيا في محنتها فالعالم أصبح ناقما من سياسات أمريكا الرعناء و الأنانية في علاقتها مع شعوب و حكومات دول العالم النامي.
الاستغناء عن مصادر الطاقة الروسية سيرفع اسعار الوقود في الغرب وخصوصا أوربا وبالتالي سيرفع تكلفة الإنتاج مع انخفاض القوة الشرائية و سوف يسبب اضطراب إضافي في معدل التضخم فستلجا الحكومات لرفع سعر الفائدة لأجل ابطاء الركود و تجنب الكساد المحقق وقوعه.
فقدان مصادر الطاقة الروسية سيقابله تهافت محموم على مصادر طاقة احفورية بديلة وخصوصا الغاز القطري، غاز البحر المتوسط، الاحتياط النفطي في اليمن وهكذا، هذا الصراع سيقود إلى تنافس بين دول المعسكر الغربي وربما يعيد العالم إلى عصر صراع الإمبراطوريات مجددا.
المعسكر الغربي ليس بهذه التماسك كما يتخيل البعض، هناك صراع أوربي ينافس الحلف الانجلوساكسوني غير المعلن فإن إلغاء صفقة الغواصات الفرنسية من قبل أستراليا كان أحد ارهاصاتها كما ان هناك خلاف فرنسي بريطاني حول دور فرنسا في أفريقيا الوسطى و انتقل هذا الصراع مؤخرا إلى اليمن و القرن الافريقي.
الغرب ليس متماسك بما فيه الكفاية لكي يقاطع روسيا، أوربا الغربية ستكون من وجهة نظري اكثر المتضررين اقتصاديا من هذه المقاطعة لأنها تعتمد على الغاز الروسي رخيص التكلفة بينما يمكن لروسيا إيجاد أسواق بديلة ضمن سياسة استقطاب المحاور وتكوين معسكر مناهض للغرب.