الأخبارتقارير وتحليلاتمحليات

اليمن 2021: عام الانهيارات.. وخاتمته بارقة أمل

صنعاء – مبارك اليوسفي

يودّع اليمنيون العام 2021 بخذلان جديد، فالحرب الدائرة منذ سبع سنوات لم تضع أوزارها، حيث لا تزال مستعرة على كافة المستويات، في حين كان الأمل يحذو الكثير بانتهاء المأساة التي فاقمت أوضاعهم بصورة لم يعد باستطاعتهم احتمالها.

ويعد 2021، أحد أكثر الأعوام صعوبة على اليمنيين منذ بداية الحرب الدائرة في البلاد، إذ شهد سلسلة من الأحداث الساخنة والانهيارات في الجوانب العسكرية والأمنية والسياسية والاقتصادية، بعد أن سبقه عام سيطر عليه وباء كورونا وما رافقه من تبعات عديدة صحية ومعيشية وتجارية، ليس في اليمن فقط بل في كافة دول العالم.

وبدأ العام 2021، على وقع معارك ساخنة اشتعلت مجددًا في أماكن مختلفة، ففي الوقت الذي حشدت فيه جماعة أنصار الله (الحوثيين) جنودها وتوجهت صوب محافظة مأرب وأصبحت على بعد كيلومترات من المدينة، سيطرة قوات العمالقة وحراس الجمهورية التابعة لطارق صالح وفصائل جنوبية على مناطق متفرقة في محافظة الحديدة باتجاه محافظتي تعز وإب، في المقابل فإن اشتعال هذه المعارك مجددًا فاقم من حياة الكثير من المواطنين وأدى إلى نزوح آلاف الأسر.

وعلى الصعيد الاقتصادي، فإن أسعار المواد الغذائية والمشتقات النفطية ارتفعت بشكل كبير وغير مسبوق في جميع مناطق الجمهورية، بالإضافة إلى فرض السلطات في المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة المعترف بها دوليًّا، زيادةً في أسعار الوقود، وفي الصدد ذاته، فقد زادت أسعار الوقود في المناطق التي سيطرت عليها جماعة أنصار الله (الحوثيين) بنسبة تصل إلى 150%، وفي الوقت الذي فرضت فيه الجماعة ذاتها إتاوات وجبايات جديدة، دعا الرئيس المعترف به دوليًّا إلى إلغاء كل الجبايات والإتاوات التي فرضت في المناطق الخاضعة حكومته.

أزمات متعددة

عجلة العام مرت بخطى ثقيلة وتقلبات لا مثيل لها بالنسبة لموظفي الدولة المحرومين من مرتباتهم منذ سنوات، بينما يستعد أطراف النزاع لبدء مرحلة جديدة من الحرب، والتي قد تكون أكثر دموية من السابقة، فخلافًا لكل التوقعات، تقاربت وجهات نظر الفصائل المسلحة في مناطق الحكومة المعترف بها دوليًّا.

وشهد العام 2021، وصول اتفاق الرياض بين الحكومة المعترف بها دوليًّا وشركائها في المجلس الانتقالي الجنوبي، إلى طريق مسدود. فيما عادت عمليات الاغتيالات بشكلٍ أكبر من ذي قبل في مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دوليًّا، بالأخص عدن والتي شهدت انفجارًا ضخمًا قرب المطار في 30 أكتوبر/ تشرين الأول، وسبقها محاولة اغتيال لمحافظ عدن في 10 سبتمبر/ أيلول، إلى جانب محافظات أخرى في جنوب وجنوب غربي اليمن، والتي عاشت عامًا ساخنًا مليئًا بالأحداث والتوترات والاضطرابات والأزمات الاقتصادية والصحية والسياسية.

وتوزعت الأزمات الطاحنة ما بين الكهرباء والماء ومشكلة رواتب الموظفين وهبوط العملة المحلية بشكل غير مسبوق واحتقانات سياسية وتوترات أمنية متواصلة.

وشهدت العاصمة المؤقتة للحكومة المعترف بها دوليًّا، إلى جانب محافظات أخرى في جنوب اليمن، مثل حضرموت، وبشكل متقطع من فترة لأخرى كالمهرة وسقطرى، إضافة إلى احتجاجات غاضبة في تعز جنوب غرب البلاد أكثر من مرة آخرها في سبتمبر/ أيلول الماضي، احتجاجات واسعة ضد تردي الأوضاع المعيشية وانعدام الخدمات العامة وانهيار العملة، مع تصاعد موجة السخط والغضب بشكل كبير، وهو ما أدّى إلى إقدام المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يهيمن على عدن في منتصف شهر سبتمبر/ أيلول من العام 2021، إلى الإعلان عن حالة الطوارئ في المدينة.

وتصاعدت هذه الاحتجاجات بمستويات متفاوتة للتنديد بالأزمات المعيشية والاقتصادية والخدمية المتردية بشكل كبير، والتي تم تدشينها مطلع العام الحالي بعد فترة وجيزة من عودة الحكومة الجديدة المشكلة مناصفة مع المجلس الانتقالي الجنوبي، مع تطور مسيرة احتجاجية في عدن إلى محاولة المتظاهرين اقتحام “قصر معاشيق” الذي كانت الحكومة المعترف دوليًّا تتخذه مقرًّا لها. ونتيجة لذلك غادر رئيس وأعضاء الحكومة المعترف بها دوليًّا باتجاه العاصمة السعودية الرياض في مارس/ آذار 2021، مع بقاء وزراء المجلس الانتقالي الجنوبي في عدن، التي عاد إليها مجددًا رئيس الحكومة معين عبدالملك مرة أخرى مع بعض الوزراء في 28 سبتمبر/ أيلول، إذ ترافقت عودته قادمًا من حضرموت وشبوة مع وقع معارك شرسة تدور رحاها في المناطق الجنوبية لمحافظة مأرب وتصاعد وتيرتها بشكل كبير، إلى جانب توترات واحتقانات شهدتها محافظة شبوة عقب إعلان دولة الإمارات شريكة السعودية في التحالف إخلاء معسكر العَلَم بعد مفاوضات قادتها السعودية نتيجة قيام تشكيلات عسكرية تابعة للحكومة المعترف بها دوليًّا بمحاصرة المعسكر، قبل أن تقتحمه في يوم السبت 30 أكتوبر/ تشرين الأول بعد معارك عنيفة خاضتها مع قوات عسكرية تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيًّا.

في الصدد ذاته، ارتفع معدل الجريمة في مناطق كثيرة، لا سيما محافظة إب الخاضعة لسيطرة أنصار الله (الحوثيين) ومحافظة لحج الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دوليًّا، والتي شهدت كثيرًا من حالات القتل، كان أبشعها قضية مقتل الشاب عبدالملك السنباني في نقطة عسكرية بمنطقة طور الباحة في 8 سبتمبر/ أيلول، من جانب آخر، فقد فشلت كل المبادرات التي بدأت تبرز منذ بداية العام لفتح الطرق الرئيسية بين المدن ومطار صنعاء.

اشتعال المعارك مجددًا

على الصعيد العسكري، فإن جماعة أنصار الله (الحوثيين)، عينت في بداية العام محافظًا جديدًا لمحافظة الجوف بعد السيطرة عليها، وقامت بتغيير مدراء المكاتب التنفيذية بالمحافظة بآخرين موالين لها، فيما كانت لا تزال المعارك مشتعلة على أطراف المحافظة باتجاه مأرب، وفي بداية أكتوبر/ تشرين الأول استطاعت قوات تابعة للحكومة المعترف بها دوليًّا السيطرة على معسكر الخنجر الاستراتيجي شرق مديرية خبت والشغف، لم يدُم الأمر طويلًا؛ فما هي إلا أيام حتى سيطرت جماعة أنصار الله (الحوثيين) مجددًا على المعسكر وتوجهت صوب مأرب للسيطرة عليها.

في فبراير/ شباط، صعّد أنصار الله (الحوثيين) عملياتهم العسكرية للسيطرة على مأرب، وشنت الجماعة هجومًا عسكريًّا واسعًا بمديرية صرواح والمناطق المجاورة، كما نفذت عمليات عسكرية باستخدام الطائرات المسيرة والمدافع والصواريخ على مناطق مختلفة، سقط إثرها العديد من الضحايا المدنيين.

ومع استمرار هجمات الجماعة على مأرب، أعلنت القوات الحكومية في 5 يوليو/ تموز، بَدْء عملية عسكرية تهدف إلى تحرير محافظة البيضاء من قبضة الجماعة وأطلقت عليها “النجم الثاقب”، وقد حققت انتصارات عديدة وقتها، واستطاعت السيطرة على كامل مديرية الزاهر واتجهت صوب مدينة البيضاء، وجاءت هذه العملية بشكل مفاجئ وغير متوقع للطرف الآخر حيث سيطرت القوات المشتركة على مواقع أخرى من مديرية الصومعة، وخلال تلك الفترة شهدت المحافظة معارك عنيفة لم تشهدها من قبل، حتى انقلبت الأمور، واستطاعت جماعة أنصار الله (الحوثيين) السيطرة على المحافظة ليظهر المتحدث العسكري للجماعة يحيى سريع في منتصف سبتمبر/ أيلول، بإعلان سيطرة حكومة صنعاء على آخر مواقع كانت تسيطر عليها القوات التابعة للحكومة المعترف بها دوليًّا.

وبعد سيطرة جماعة أنصار الله (الحوثيين) على ما تبقى من مديريات محافظة البيضاء، أصبحت تحاصر محافظة مأرب من ثلاثة محاور، وفي الوقت ذاته كانت قد تقدمت في جبهات صرواح التي ظلت عالقة فيها لسنوات، وفي الآن ذاته وعقب الإعلان عن سيطرة الجماعة على ما تبقى من البيضاء، كثفت الجماعة هجماتها على مديرية رحبة جنوب مأرب، وتمكنت الجماعة من السيطرة على المديرية بشكل كلي بعد قرابة 25 يومًا من الاشتباكات والمعارك المتواصلة.

ومنذ سبتمبر/ أيلول كثفت جماعة أنصار الله (الحوثيين) هجماتها بشكل أشد من السابق على مناطق مختلفة في مأرب؛ ففي تاريخ الـ6 من الشهر ذاته، فرضت الجماعة حصارًا شديدًا على مديرية العبدية، وظلت تمطر المنطقة بقذائفها وصواريخها على المنطقة، وظلت المعارك هناك حتى منتصف أكتوبر/ تشرين الأول، بعد أن هاجمت الجماعة من الاتجاه الآخر في مديرية الجوبة وسيطرت على مناطق كثيرة منها، وسقطت مديرية العبدية بعد حصار دام لأكثر من شهر.

ذهبت جماعة أنصار الله (الحوثيين) تتغنى بانتصاراتها المتتالية في العديد من الجبهات، وتقدماتها تجاه مأرب، في المقابل أصابت القوات التابعة للحكومة المعترف بها دوليًّا خيبة أمل غير مسبوقة، وذهبت بعض القيادات العسكرية إلى اتهام التحالف العربي بقيادة السعودية بعدم إسنادهم ودعمهم، واتهمت قيادات عسكرية أخرى وقوف الجنرال علي محسن الأحمر خلف عمليات الخيانات المتلاحقة والانسحابات، وفي نوفمبر/ تشرين الثاني استطاعت جماعة أنصار الله (الحوثيين) السيطرة على مديريات عسيلان وبيحان وعين في محافظة شبوة بسهولة وأصبحت قريبة من المناطق النفطية هُناك، وهي صدمة أحدثت ربكة في صفوف القوات التابعة للتحالف، ما جعلها تتبادل الاتهامات فيما بينها بالتواطؤ مع الحوثيين.

وكانت قد سيطرت قوات محسوبة على الحكومة المعترف بها دوليًّا على معسكر العَلَم في 30 أكتوبر/ تشرين الأول بعد معارك مع قوات النخبة الشبوانية بعد أن أخلت المعسكر قبل الهجوم بثلاثة أيام.

وما زاد الوضع تعقيدًا أكثر، انسحابُ القوات المشتركة من حوالي 120 كيلومترًا من مناطق سيطرتها في محافظة الحديدة، وتحديدًا في مديرتي باجل والتحيتا؛ ما جعل جماعة أنصار الله (الحوثيين) تسيطر عليها دون وقوع أي معارك؛ الأمر الذي تم اعتباره بأنه انهيار لاتفاق استكهولم الذي أوقف الحرب في الساحل الغربي في العام 2018.

علقت القوات المشتركة في مساء 11 نوفمبر/ تشرين الثاني، على هذا الانسحاب أنه إعادة تموضع لقواتها هناك ضمن خطة مدروسة من أجل الهجوم على مناطق خارج اتفاقية ستوكهولم.

وشهد العام 2021، عودة التحالف بقيادة السعودية والإمارات إلى قصف العاصمة صنعاء ومناطق أخرى كان قد توقف عن استهدافها، إذ كثفت طيران التحالف بقيادة السعودية والإمارات منذ نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني، من غاراتها على العاصمة صنعاء مع اشتداد المعارك بوتيرة عالية في مأرب منذ مطلع العام.

أفضت المعارك المشتعلة في اليمن طوال العام 2021 إلى سقوط آلاف الضحايا من الطرفين، واستحوذت جبهات مأرب على النصيب الأكبر من بين الجبهات الأخرى. وكانت قد نقلت وكالة فرانس برس عن مسؤولين في وزارة الدفاع التابعة للحكومة المعترف بها دوليًّا، سقوط قرابة 13 ألف مقاتل من القوات التابعة لها، فيما قالت إن قرابة 15 ألف مقاتل قُتلوا من جماعة أنصار (الله الحوثيين) في محيط مأرب إثر الاشتباكات والعمليات القتالية هُناك منذ يونيو/ حزيران من العام الجاري 2021.

وعلى الصعيد ذاته، قالت منظمة الأمم المتحدة، إن أعداد القتلى إثر الحرب في اليمن ارتفع هذا العام إلى ما يقارب 350 ألف مقاتل من الطرفين، ولا تزال أطراف النزاع تزج بالكثير من المقاتلين إلى الموت في جبهات مختلفة، دون وجود لأي بوادر من أجل إيقاف هذا العبث.

ومنذ بداية العام، كثفت جماعة أنصار الله (الحوثيين) من عمليات التجنيد في محافظات عدة؛ أبرزها حجة وريمة، وقامت الجماعة بإنشاء مراكز صيفية للتحشيد في عموم المحافظات الخاضعة لسيطرتها.

النازحون

وقد تسببت هذه المعارك بنزوح آلاف المواطنين من أماكنهم خوفًا من الحرب؛ ففي الـ10 من فبراير/ شباط، أدّت المعارك التي كانت مشتعلة في مديرية صرواح (غربي محافظة مأرب)، إلى استهداف مخيمٍ للنازحين في منطقة دنة والهيال، ما تسبب في نزوح 850 أسرة من تلك المخيمات إلى مناطق متفرقة، وفي مارس/ آذار سقطت قذائف هاون وصواريخ على مخيمات النازحين في الميل والخير والتواصل غربي مأرب، أدى إلى فزع النازحين هناك، ونزوح نحو 550 أسرة.

ونزح آلاف المواطنين من مناطق عدة في محافظة مأرب والبيضاء والحديدة، وتشير الإحصائيات إلى أن قرابة 40 ألف شخص نزحوا من مناطق مختلفة في محيط مأرب، وقالت منظمة الهجرة الدولية إن أكثر من 74 ألف مواطن نزحوا من مناطقهم منذ بداية العام الجاري 2021، وحتى شهر أكتوبر/ تشرين الأول، كما أوضحت المنظمة أن أغلب حالات النزوح كانت في محافظة مأرب.

حربٌ على العملة وأخرى على المواطن

شهدت اليمن في عام 2021، أزمات وأحداثًا اقتصادية متعددة، ففي 25 من يناير/ كانون الثاني قدّم فريق خبراء الأمم المتحدة تقريره السنوي إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، واستعرض التقرير مجموعة من القضايا ذات الصلة بالتطورات الاقتصادية خلال العام الماضي 2020، في اليمن.

واتهم التقرير طرفي النزاع؛ الحكومة المعترف بها دوليًّا وأنصار الله (الحوثيين)، باستغلال الموارد الاقتصادية والمالية للبلاد بشكل غير قانوني، كما اتهم البنك المركزي في عدن باختلاس 432 مليون دولار من الوديعة السعودية التي قدمتها في عام 2018.

من جهة أخرى، فإن سعر الصرف في مناطق الحكومة المعترف بها دوليًّا، سجل انخفاضًا قياسيًّا منذ بداية العام؛ فقد انخفض من 691 ريالًا لكل دولار في بداية يناير/ كانون الثاني، إلى 870 ريالًا لكل دولار في نهاية فبراير/ شباط، في المقابل حافظ في تلك الفترة سعر الدولار في مناطق نفوذ جماعة أنصار الله (الحوثيين) عند 600 ريالٍ لكل دولار، لكن هذه المناطق شهدت أزمات وقود غير مسبوقة، نتيجة -بحسب اتهامات جماعة أنصار الله (الحوثيين)- قيام الحكومة المعترف بها دوليًّا بالامتناع عن إصدار تصاريح عبور للسفن المحملة بالمشتقات النفطية الواصلة إلى ميناء الحديدة، في بداية يناير/ كانون الثاني، وهو ما أدى إلى أزمة خانقة في الوقود وارتفاع أسعاره بصورة مضاعفة في السوق السوداء.

وفي شهري مارس/ آذار وحتى مطلع أبريل/ نيسان، حدث اضطراب واهتزاز كبير في سعر صرف العملة المحلية في مناطق الحكومة المعترف بها دوليًّا، إذ قفز من 870 ريالًا للدولار الواحد إلى 913، وظل بين الصعود والهبوط في تلك الفترة إلى أن قدّمت السعودية منحة نفطية بقيمة 422 مليون دولار لليمن، وهو ما أدى إلى تراجع سعر الصرف إلى 830 للدولار، لكن هذا الاستقرار لم يدُم طويلًا؛ ففي نهاية أبريل/ نيسان انخفض إلى 900 ريال للدولار الواحد، وفي الوقت ذاته، سحب فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة التهم التي قدمها بداية العام عن أداء البنك المركزي في عدن، والتهم المقدمة لبعض التجار.

في 20 أبريل/ نيسان، أعادت شركة النفط اليمنية الخاضعة لسيطرة حكومة صنعاء، فتح محطاتها بشكل مؤقت بعد أزمة خانقة منذ بداية العام، وأقرت بيع البترول بمعدل 10 آلاف ريال لكل 20 لترًا وبفارق ألف ريال عن السوق السوداء. وكان السعر الرسمي قبل الأزمة التي حدثت في بداية العام، 5,900 ريال، وهو السعر الرسمي للشركة.

في مايو/ أيار، حددت الشركة سعرًا جديدًا للوقود بالسعر نفسه في الأسواق السوداء؛ بمعدل 11,500 لكل 20 لترًا، في الوقت ذاته برزت أزمة الوقود بقوة في المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة عدن.

واشتعلت جبهة أخرى في السياق الاقتصادي بين طرفي الحرب؛ الحكومة المعترف بها دوليًّا، وجماعة أنصار الله (الحوثيين)، من أجل السيطرة على السوق المالية والمصرفية في اليمن، بعد قيام البنك المركزي في عدن بضخّ 262 مليار ريال يمني إلى السوق من فئة 1000 ريال من الطبعة القديمة المتداولة في مناطق نفوذ حكومة صنعاء، وهي جزء من 400 مليار ريال يمني جاءت عبر ميناء المكلا في يوليو/ تموز، وذلك في محاولة منه لتوحيد التعامل بالعملة في جميع المناطق اليمنية، غير أن مركزي صنعاء كان قد أصدر تعميمًا يحذر من التعامل بهذه العمل بشكل مسبق، حدث ذلك بالتوازي مع مواصلة العملة في عدن وتجاوز سعر الصرف حاجز 1000 ريال للدولار الواحد في نهاية يوليو/ تموز.

وبعد فشلها في توحيد العملة لجأت الحكومة المعترف بها دوليًّا إلى التصعيد من جهة أخرى؛ ففي 25 يوليو/ تموز، أصدرت قرارًا بمضاعفة سعر الصرف المستخدم لتحصيل الرسوم الجمركية، من 250 إلى 500 ريال يمني لكل دولار، وفي حين اتخذت الحكومة هذا القرار من أجل زيادة إيراداتها الجمركية بشكل مضاعف وقطع أي تحصيلات جمركية على الطرف الآخر، ذهب الطرف الآخر أنصار الله (الحوثيين) يتاجرون بهذا القرار ويحشدون أكبر قدر من التجار ورأس المال للتصدي للقرار المتعلق بالريال الجمركي واستخدامها ورقة ضغط على الطرف الآخر.

وفي الفترة ذاتها، أعيد فتح ميناء المخا لأول مرة منذ بداية الحرب وقامت القوات المشتركة المدعومة من الإمارات هُناك بإعادة تأهيل الميناء وفتحه بطريقة رسمية في 30 يوليو/ تموز، لكن بدا الواقع مختلفًا عمّا كان يتمناه المواطن، إذ أعيد فتح هذا الميناء من أجل تزويد القوات العسكرية هناك بمعدات عسكرية وأسلحة مختلفة قادمة من الإمارات فقط.

في 5 أغسطس/ آب، وجّه البنك المركزي التابع للحكومة المعترف بها دوليًّا، البنوك التجارية اليمنية بنقل مقرها الرئيسي إلى عدن، وطالبها بتقديم بياناتها، مهددًا من لم يلتزم بعقوبات ضدها، وهذا القرار جاء بعد تصعيد طويل بين بنكي صنعاء وعدن من أجل الوصول إلى بيانات البنوك التجارية في اليمن منذ أكثر من عام، فيما رد مركزي صنعاء أن تصعيد بنك عدن سيضر بالعملية المصرفية في اليمن، وأنه لم يطلب أي تقارير أو بيانات من البنوك التجارية حد قوله، بينما قالت جمعية البنوك اليمنية في صنعاء أن ما يقوم به مركزي عدن مخالفٌ لقانون البنك المركزي ويتنافى مع السلطة النقدية.

ومع تزايد الحرب المالية بين البنكين، تناسى بنك عدن مهمته وظل يحارب على السيطرة المالية عند الطرف الآخر، وانشغل بهذا الشأن طوال الفترة الماضية، وهو ما أدى إلى تدهور الريال اليمني في مناطقه بشكل غير مسبوق، تبعه تراجع القوة الشرائية، وقد وصل سعر الريال في سبتمبر/ أيلول إلى حوالي 1300 ريال مقابل الدولار الواحد، ما نتج عنه زيادة كبيرة في رسوم التحويلات المالية من المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دوليًّا إلى مناطق سيطرة أنصار الله (الحوثيين) إلى أكثر من 60%، فيما ظل سعر الصرف هناك محافظًا على قيمته.

وعاد مركزي عدن إلى معالجة الأمر، وقام بتوقيف 71 شركة صرافة وتحويل في مناطقه في بداية أكتوبر/ تشرين الأول، فيما حذر البنك المواطنين من فتح حسابات أو إيداع أموالهم لدى شركات الصرافة تجنبًا لأي مخاطر قد تحدث.

وحتى بداية ديسمبر/ كانون الأول، واصل الريال اليمني تدهوره بشكل كبير حتى وصل سعر الدولار الواحد إلى 1800 ريال، وبعد توسع الاحتجاجات والمطالبة بتحسين الوضع الاقتصادي هناك، أصدر الرئيس المعترف به دوليًّا في 6 من ديسمبر/ كانون الجاري، قرارًا بتعيين أحمد غالب المعبقي محافظًا للبنك المركزي في عدن، وتعيين مجلس إدارة جديد للبنك. وما هي إلا ساعة بعد القرار الصادر حتى تراجع سعر الصرف إلى 1100 ريال مقابل الدولار.

الملفت أن أسعار المواد الغذائية ارتفعت بشكل جنوني وغير مسبوق عند الطرفين، والغريب أن الأسعار تكاد تكون متقاربة من ناحية قيمتها بالعملة الأجنبية، وهو ما يعني أن استقرار الريال في مناطق أنصار الله (الحوثيين) عبارة عن استقرار وهمي أو مفروض بالقوة على القطاع الاقتصادي والمصرفي، كما يرجح كثيرون.

على صعيد آخر، يعيش المواطن اليمني مأساة إنسانية صعبة في عموم اليمن، حيث تمارس أطراف النزاع سياسة إقصائية موجهة ضد المواطن، فقد تعمد أطراف النزاع إعاقة وصول المساعدات الإنسانية إلى كثير من المناطق.

وفي تعز، يعاني المواطنون هناك من أزمات اقتصادية متعددة، وانعدام توفير الغاز المنزلي، وهذا هو الحال نفسه في بقية المحافظات، ما جعل الكثير من المواطنين يحتجون على هذا الوضع.

الرصاص في وجه المواطن

أدّى تردّي الوضع الاقتصادي في مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دوليًّا، إلى تفاقم الوضع الإنساني بشكل كبير وغير مسبوق، ما جعل آلاف المتظاهرين يخرجون إلى الشارع مطالبين بإصلاحات اقتصادية سريعة، وأخرى مطالبة بتنحي الحكومة، كما طالب آخرون بإيقاف الحرب وطرد التحالف من اليمن.

ومنذُ بداية العام، خرجت مظاهرات احتجاجية إلى الشوارع في أكثر من محافظة، مثل عدن وتعز وحضرموت، وتصاعدت الاحتجاجات والمظاهرات منذ مارس/ آذار، فيما كان سبتمبر/ أيلول هو الأكثر احتجاجًا، فقد خرجت في هذا الشهر مظاهرات شعبية في معظم المناطق جنوب اليمن، في الوقت ذاته، كان التوتر بين قوات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيًّا والحكومة المعترف بها دوليًّا، قد وصل ذروته، ما أدى إلى تحويل الساحة في هذه المحافظات إلى معركة بين الطرفين، كان المواطن هُناك يتجرع تبعاتها.

ما بين تاريخ 14 وحتى 16 من سبتمبر/ أيلول، كانت المظاهرات والاحتجاجات في مدينة عدن قد وصلت ذروتها، وصعّد المتظاهرون هُناك احتجاجاتهم؛ الأمر الذي دفع قوات تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي إلى قمع المتظاهرين وإطلاق الرصاص الحي عليهم، ما أدى إلى سقوط ثلاثة قتلى وجرح آخرين. ومع تصعيد المتظاهرين وقطعهم للطرق الرئيسية، أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يعتبر المسيطر الفعلي على مدينة عدن، 15 من سبتمبر/ أيلول حالة الطوارئ في كافة المناطق الخاضعة لسيطرته، وانتشرت قواته في شوارع وأحياء مدن عدة، تمنع المحتجين من الخروج.

في الوقت نفسه، شهدت محافظة حضرموت مظاهرات احتجاجية للمطالبة بتحسين الخدمات والوضع الاقتصادي ووضع حد لأزمة الوقود المتفاقمة، إضافة إلى المطالبة بتنحي المحافظ فرج البحسني، الأمر الذي دفعه إلى إعلان حظر تجوال جزئي في المحافظة، وكانت قوات عسكرية قد أطلقت النار على متظاهرين في مدينة الشحر (شرقي المكلا) في مارس/ آذار، أدت إلى مقتل متظاهرٍ يبلغ من العمر 17 عامًا وجرح آخرين.

وفي 27 سبتمبر/ أيلول، خرج آلاف المتظاهرين المحتجين في مدينة تعز وكانت الأكثر حشدًا منذ بداية الاحتجاجات في المدينة مطلع العام الجاري، اعترضت قوات الأمن على المتظاهرين وقامت بإطلاق النار عليهم، ما أدى إلى مقتل شخص وجرح آخرين.

وفي الصدد ذاته، دعا مواطنون وتجار لإضراب شامل في مناطق مختلفة من المحافظات الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دوليًّا لأكثر من مرة، فيما أعلنت جمعية الصرافين عن إغلاق المحلات في تعز وعدن لأكثر من مرة في العام؛ احتجاجًا لاستمرار تدهور العملة المحلية هناك.

وفي المناطق الأخرى الخاضعة لسيطرة أنصار الله (الحوثيين)، يعيش المواطنون وضعًا مأساويًا، لكن الجماعة تتعامل مع الأمر بحزم كبير ولا يجروا المواطنين للخروج إلى الشارع، ففي مطلع شهر أغسطس/ آب خرج عشرات التجار في مدينة إب مظاهرات احتجاجية ضد قيادات تابعة للجماعة، قالوا إنها تمارس الابتزاز ضدهم.

وطالبوا بإقالة مدير عام الأوقاف بالمحافظة، بندر العسل، الذي رفع الإيجارات إلى نسبة تصل إلى 200%؛ ما أدى إلى تدخل قوات أمنية من أجل فض الاحتجاجات واعتقال قرابة 20 متظاهرًا بتهمة إثارة الشغب وإقلاق السكينة العامة والعمالة مع الحكومة المعترف بها دوليًّا.

كما اندلعت اشتباكات عنيفة نهاية فبراير/ شباط بين مواطنين في منطقة الحيمة (شرقي تعز) وبين قوات تابعة لجماعة أنصار الله (الحوثيين)، بعد أن اتهمت الجماعة أحد مشايخ المنطقة بالعمالة. استمرت المعارك هُناك حوالي أسبوع، سقط على إثرها العديد من الضحايا، وأدت هذه المعارك إلى سيطرة الحوثيين على المنطقة واعتقال قرابة 300 شخص من أبناء المنطقة، وتم الزج بهم في سجون الحوبان الخاضعة لسيطرتهم.

اغتيال الكلمة والإنسان معًا

في حادثة مروعة، قُتلت الصحفية رشا الحرازي في 9 نوفمبر/ تشرين الثاني، قبل أن تضع مولودها بلحظات في عدن، وكان قد تم زرع عبوة ناسفة على سيارة زوجها الصحفي محمود العتمي، والذي أصيب بجروح بالغة من قِبل مجهولين، ما أدى إلى انفجار السيارة أثناء توجههم إلى المستشفى. لم تكن هذه الحادثة الأولى، فقد انفجرت سيارة مفخخة أثناء مرور موكب محافظ عدن قُتل على إثرها السكرتير الصحفي للمحافظ أحمد بوصالح والمصور الصحفي طارق مصطفى.

من جهة أخرى، فقد مارست السلطات في أماكن مختلفة انتهاكات كثيرة على حرية الرأي والتعبير ضد ناشطين وصحفيين؛ إذ اعتقلت جماعة أنصار الله (الحوثيين) الصحفي يونس عبدالسلام في صنعاء مطلع أغسطس/ آب، والصحفي الرياضي ماجد ياسين في محافظة إب مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني، كما تعرض المصوِّر عبدالرحمن الغابري للاعتداء أثناء تصويره في صنعاء القديمة، كما اعتقلت قوات تابعة للمجلس الانتقالي رأفت رشاد مدير إذاعة (عدن إف أم) في 8 أكتوبر/ تشرين الأول، وقامت القوات ذاتها بمداهمة مكتب وكالة الأنباء الرسمية سبأ في عدن لأكثر من مرة خلال العام 2021.

وفي سقطرى، قامت قوات مدعومة من الإمارات العربية المتحدة باعتقال الناشط عبدالله بداهن، كما قامت قوات عسكرية باعتقال الناشطة أمة الله الحمادي في مأرب في 13 من سبتمبر/ أيلول. بدورها أصدرت المحكمة المتخصصة بصنعاء حكمًا بالسجن على الفنانة إنتصار الحمادي ورفيقاتها، تقضي بالحبس خمس سنوات بعد اعتقالهن بأشهر.

في الصدد ذاته، لا يزال 10 صحفيين محتجزين في صنعاء من قبل جماعة أنصار الله (الحوثيين)، بينهم 4 صحفيين، صدرت ضدهم أحكامٌ بالإعدام من قبل المحكمة الجزائية المتخصصة في صنعاء، وعلى الصعيد ذاته، فقد زادت تجاوزات المحكمة الجزائية المتخصصة في العام الجاري بالتعدي على مهامها واستخدامها ضد الناشطين والصحفيين والمدنيين على حدٍّ سواء، وكانت جماعة أنصار الله (الحوثيين) قد نفذت حكمًا بالإعدام على 9 متهمين، بينهم قاصر، في 18 سبتمبر/ أيلول، بعد أن أصدرت المحكمة حكمًا بالإعدام ضدهم، بتهمة اغتيال رئيس المكتب السياسي لجماعة أنصار الله (الحوثيين)، صالح الصماد.

مواطنون أمام فوهة البندقية

لا تزال الكثير من الطرق الرئيسية بين المدن مغلقة لأسباب عسكرية اتخذها أحد الأطراف، وكان قد شهد العام بعض المحاولات والمبادرات من أجل فتح بعض هذه الطرق، إلا أن كثيرًا من تلك المبادرات فشلت؛ ما جعل المواطنين يلجؤون إلى طرق فرعية أخرى شديدة الخطورة من الناحية اللوجستية، فهي غير معبدة، وهي طرق فرعية في أكثر الحالات، بالإضافة إلى هذا الخطر فإن النقاط العسكرية هناك تمارس أشكالًا كثيرة من الانتهاكات ضد العابرين، تؤدي إلى القتل أو الزج في السجون، في حالات كثيرة.

في الـ8 من سبتمبر/ أيلول، اعترضت نقطة عسكرية تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات، سيارة تقِلّ الشاب عبدالملك السنباني في مديرية طور الباحة بلحج، واحتجزته ساعات، وتم تعذيبه وقتله بطريقة وحشية في اليوم ذاته.

كان السنباني عائدًا من الولايات المتحدة الأمريكية عبر مطار عدن الدولي إلى قريته، بعد غربة استمرت هناك لسنوات، وبعد أن قتلته رصاص المجندين هناك بثلاثة أيام، نُشِر الخبر وتحول خلال لحظات إلى قضية رأي عام هزت مشاعر آلاف المواطنين وأصبحت حديث الناس في أرجاء الوطن، وبعد أن تحولت القضية إلى قضية رأي عام تجاوبت الأجهزة الأمنية مبدئيًّا مع الحادثة، وفتحت ملفًا للقضية، لم تصل لأي طريق حتى الآن، في مطلع ديسمبر/ كانون الثاني تم دفن جثة السنباني في صنعاء.

في 4 أكتوبر/ تشرين الأول، قام مسلحون في المنطقة نفسها بقتل عامل صحي لدى الصليب الأحمر الدولي، يدعى عاطف الحرازي، أثناء مروره بتلك الطريق.

وكان مسلح في منطقة الجوازعة- مديرية القبيطة، قد أطلق النار بشكل مباشر على أسرة أثناء عبورها نقطة التفتيش، ما أدى إلى مقتل 5 أشخاص، بينهم طفل وامرأة حامل، وجرح امرأة مسنة وثلاثة أشقاء، كما قامت مجموعة من المجندين المسلحين بعمليات اختطاف عديدة للكثير من الأشخاص، بينهم أشخاص يعملون لدى منظمات إنسانية، مثل الصليب الدولي وغيرها.

في 10 أغسطس/ آب، تعرضت أسرة الحرق في مدينة تعز للإبادة بطريقة شنيعة، إذ قام القيادي البارز ماجد الأعرج في القوات العسكرية التابعة للحكومة المعترف بها دوليًّا في تعز، برفقة مسلحين، بالاعتداء على أرضية تابعة لأسرة الحرق في منطقة عمد في بير باشا، حدث على إثر هذا الاعتداء اشتباك مسلح بينهم وبين أفراد من أسرة الحرق، انتهت الاشتباكات بمقتل الأعرج ومرافقيه و3 من أسرة الحرق وإصابة آخر، لم يمر الكثير من الوقت حتى هجمت مجاميع مسلحة على المنطقة وحاصرتها واعتقلت نساء وأطفالًا من الأسرة، وفجرت المنازل هناك. استمر التوتر في تلك المنطقة حوالي 3 أيام دون أي تدخل من الجهات المعنية، وفي وقتٍ آخر طالب ناشطون وأقرباء الجهات المعنية بالتدخل. ظلت القضية مهملة لأيام، ورغم تقديم بلاغات كثيرة من الأهالي إلا أن أجهزة الأمن لا تزال تتلاعب بالقضية حتى الآن.

وعلى صعيد آخر، فقد كثفت أطراف الصراع من هجماتها على المواطنين؛ ففي اليوم الأول من هذا العام أطلق الحوثيون قذيفة على صالة أعراس في الحديدة، أدت إلى مقتل 3 مدنيين وجرح آخرين، معظمهم من الأطفال، كما قصفت الجماعة في نوفمبر/ تشرين الثاني، مسجدًا في مديرية الجوبة في مأرب، ما أدى إلى مقتل 22 شخصًا وجرح آخرين.

الموت حرقًا في اليمن

في 7 مارس/ آذار، اندلع حريق كبير وتصاعد الدخان في سماء صنعاء منذرًا بكارثة لم تحدث من قبل، فقد نشب حريق في عنابر السجن التابعة لمصلحة الهجرة والجوازات، نتيجة محاولة قوات أمنية هُناك فضّ اضراب المساجين داخل العنابر.

وكان سجن الجوازات يضم حوالي 900 شخص من المهاجرين الأفارقة، معظمهم من الجنسية الإثيوبية، في عنابر متفرقة، وبعد إطلاق قنابل صوتية عليهم في إحدى العنابر من أجل إجبارهم على فك إضرابهم عن الطعام، اشتعلت نيران كثيفة، عجز الجميع عن إخمادها، وخلفت عددًا من القتلى والجرحى.

وحسب المعلومات، فإن العنبر الذي نشب به الحريق كان يتواجد به حوالي 350 شخصًا، لم يعرف أحد كم الضحايا، إلا أن جماعة أنصار الله (الحوثيين) أعلنت في وقتٍ لاحق تشييع جثمان 44 شخصًا، فيما تبقى مئات الجرحى في المستشفيات، وقامت بترحيل الكثير منهم إلى مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دوليًّا بعد هذه الحادثة.

كورونا.. موت آخر

لا يزال وباء كورونا يقتل آلاف اليمنيين دون وجود أي إجراءات احترازية لمكافحته من قبل السلطات الصحية في البلاد. بحسب بيانات وزارة الصحة في عدن، فقد وصل إجمالي أعداد المصابين حتى منتصف ديسمبر/ كانون الأول، قرابة 10 آلاف مصاب، تُوفي منهم حوالي 20 شخصًا وحوالي 6 آلاف شخص تماثل للشفاء، وفي مناطق سيطرة جماعة أنصار الله (الحوثيين) لم تكشف السلطات عن وجود أي حالات رغم أن هناك آلاف المصابين، وسط تحذيرات متكررة من قبل المنظمات المتخصصة في هذا المجال.

ومن جهة أخرى، فقد وصلت إلى اليمن حوالي خمس دفع لعلاج كورونا خلال العام 2021، تصل إلى حوالي مليون ونصف جرعة، ولم تخرج من مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دوليًّا.

وقد شهدت اليمن موجتين للوباء خلال العام، توفي على إثرها العديد من المواطنين في مناطق مختلفة، منهم الدكتور سيف العسلي وزير المالية السابق، الذي تُوفي في منتصف أبريل/نيسان، وهو أبرز شخصية سياسية خسرها الوطن خلال العام.

وفقدت اليمن أهم شخصية رياضية في اليمن، إذ غيب الموت الكابتن سامي نعاش مدرب المنتخبات الوطنية في 16 مايو/ أيار، إثر إصابته بكورونا بعد أن أصيب بالوباء، وانتقل على إثره إلى مركز العزل الصحي في البريقة محافظة عدن.

العَمْرَانِيّ.. خسارة العام

في 12 يوليو/ تموز، صحا اليمنيون على خبر وفاة الشيخ العلامة محمد بن إسماعيل العمراني، وحل حزنٌ كبير عمّ صنعاء وامتد إلى أرجاء الوطن. خرجت صنعاء في جنازة مهيبة لم تشهدها صنعاء طوال سنوات عديدة.

استطاع العمراني طوال حياته أن يكسب محبة الشعب اليمني كاملًا، وقد عُرف باعتداله وفطرته الدينية التي جمعت بين كل الطوائف والمذاهب، في وقت كان يعاني اليمن من التمزق والتشدد الديني المتراكم منذ سنوات.

مفاوضات السلام.. إلى أين؟

في 15 يونيو/ حزيران، ظهر المبعوث الأممي مارتن غريفيث ليعلن عن فشل مساعي السلام في اليمن في إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن، وأن الأطراف اليمنية ترفض التفاوض على أي خطة للسلام وإيقاف الحرب في البلاد، بينما -كما ورد في إحاطته- يصرّ الحوثيون على اتفاقية منفصلة حول الموانئ والمطار كشرط مسبق لمحادثات وقف إطلاق النار والعملية السياسية، في حين تصر الحكومة اليمنية على تطبيق كافة الإجراءات كحزمة واحدة، بما فيها بدء وقف إطلاق النار.

في 6 أغسطس/ آب، أعلنت الأمم المتحدة عن تولي السويدي هانس غروندبيرغ مبعوثًا خَلَفًا لغريفيث، وفي إحاطته الأولى في 10 سبتمبر/ أيلول، قال إنه يعتزم الاستماع إلى أكبر عدد ممكن من الرجال والنساء اليمنيين، مؤكدًا أن الطريق الذي سيتم اتباعه ينبغي أن يسترشد بتطلعات الشعب اليمني، وكان قد صرح في وقتٍ سابق عن عدم وجود مساعي سلامٍ حقيقة في اليمن طوال السنوات السابقة، ضاربًا بجهود السابقين عرض الحائط.

وكانت قد تغيرت جهود السلام الدولية فجأة في بداية العام، من أجل الضغط على جميع الأطراف السياسية لفرض السلام، إلا أن المعارك الأخيرة في مأرب غيرت الصورة تمامًا، فبعد حوالي أشهر من تقرب المبعوث الأمريكي تيم ليندركينج لجماعة أنصار الله (الحوثيين)، يهاجمهم بشكل غير مسبوق ويتهمهم بعرقلة مساعي السلام في اليمن، ومنذ تعيين ليندركينج في 4 فبراير/ شباط عقب إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن وقف الدعم العسكري للسعودية، فيما تشير وسائل إعلام أن إدارة بايدن عادت لدعمها العسكري منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني.

ومن جانب آخر، فقد نجحت وساطة قبلية في 29 سبتمبر/ أيلول بتبادل نحو 206 أسرى في تعز من الطرفين، وكان مِن بين مَن عمل على هذه العملية، القيادي في حزب الإصلاح ضياء الحق الأهدل ومشايخ قبليين آخرين، ولم يمر أقل من شهر حتى تم اغتيال الأهدل في 23 أكتوبر/ تشرين الثاني وسط مدينة تعز بظروف غامضة.

الرياضة.. الفرحُ المتبقي لليمنيين

ختام العام 2021، كان على غير العادة؛ إذ لم تنَم اليمن بأكملها ليلة 13 من ديسمبر/ كانون الأول، فقد احتفى الجميع وبطرق عدة ومغايرة لأي احتفال آخر، وكانت المرة الأولى التي يتفق فيها اليمنيون بجميع أطيافهم وانتماءاتهم، في مناسبة واحدة بعد تتويج منتخب اليمن للناشئين ببطولة غرب آسيا تحت 17 سنة.

هتف الجميع بصوت واحد، رافعين أعلام الوطن عاليًا. خرج الجميع إلى الشوارع عقب فوز المنتخب اليمني للناشئين في المباراة النهائية التي هزم فيها المنتخب السعودية بضربات الترجيح، وتعد أول بطولة إقليمية تسجل باسم المنتخب اليمني.

كما شهد العام 2021، أحداثًا رياضية عديدة كانت متوقفة منذ بداية الحرب الدائرة في البلاد قبل حوالي سبع سنوات، إذ أقيم الدوري اليمني منتصف سبتمبر/ أيلول، وحصل نادي فحمان أبين على أول بطولة للدوري، كأول نادٍ ريفي يحصد هذا اللقب في اليمن، بحسب خيوط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى