الوديعة المشروطة بالإقالات.. التضحية بابن عديو ضمن مطالب الموافقة عليها
حيروت – شبوة
في أحدث تقرير لها، تناولت خيوط، الخفّة التي تظهر فيها حكومة الرئيس هادي، في التعاطي مع ضغوطات التحالف السعودي الإماراتي، وكيف أنها تفقد أهم أوراقها تباعاً في سبيل إرضاء غرور “الكفيل السعودي وحليفه الإماراتي”. آخر ذلك أن: ضحى هادي أمس السبت 25 ديسمبر/ كانون الأول، بأحد أهم مسؤولي حكومته البارزين؛ محافظ شبوة- محمد صالح بن عديو، الذي صدر قرار بتعيينه مستشارًا للرئيس هادي، مقابل تعيين عوض ابن الوزير العولقي محافظًا جديدًا للمحافظة النفطية الواقعة جنوب شرقي اليمن.
ها هو هادي الذي يقيم في أحد فنادق الرياض منذ العام 2015، يطيح بأحد أهم رجالاته محمد صالح بن عديو، نزولًا عند رغبة التحالف بقيادة السعودية والإمارات، خصوصًا دولة الإمارات، والتي وضعته كخصم رئيسي مارست كل الطرق لإقالته واستخدمت كل أدواتها للضغط للتخلص من بن عديو الذي يطالبها بإخلاء أكبر منشآت اليمن الاقتصادية، ميناء بلحاف الاستراتيجي الخاص بتصدير الغاز الطبيعي المسال، والذي من المتوقع إعادة تشغيله وإتاحته للتصدير بعد تخصيص الوديعة المالية في البنك المركزي بعدن.
جاء ذلك بعد اجتماع عقده الرئيس المعترف به دوليًّا مع نائب وزير الدفاع السعودي، الأمير خالد بن سلمان، ولقاء عقده سفراء أربع دول تتحكم بملف اليمن، السعودية والإمارات والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، وهو ما يدل على المستوى الذي وصل إليه التحالف بقيادة السعودية والإمارات، والذي أصبح يساوم لإقالة محافظ أثبت حضورًا لافتًا ونجاحًا في إدارة محافظة استراتيجية مهمة محل تجاذبات عديدة، وذلك بالوديعة المالية وتكثيف عمليات القصف والذي طال صنعاء بعد ما يزيد على عام من التوقف.
وفي الوقت الذي عادت فيه السعودية لقصف صنعاء بغارات يومية مكثفة منذ منتصف الشهر الماضي نوفمبر/ تشرين الثاني، حصرت دولة الإمارات أهدافها في مشاركة السعودية بالتحالف بعد سبع سنوات من الحرب في البحر الأحمر وباب المندب، وقامت مؤخرًا بسحب القوات التي تدعمها في الساحل الغربي لليمن، لتعيد تموضعها بعيدًا عن الحديدة في المخا وحيس، إضافة إلى ميناء بلحاف في شبوة، وهو ما جعل تحقيق بقائها وعدم مطالبتها بالرحيل من بلحاف أحد اشتراطات مفاوضات دعم الحكومة المعترف بها دوليًّا، بوديعة مالية سعودية لتغطية احتياجات البنك المركزي اليمني بالعملة الصعبة.
طريق مسدود للأزمة
وصلت الأزمات الاقتصادية المتفجرة في اليمن طوال العام الحالي 2021، الذي شارف على الانتهاء خصوصًا مع انهيار العملة المحلية، إلى طريق مسدود وذهبت جميع الجهود التي استهدفت مواجهتها إلى أدراج الرياح، إذ لم تحقق أي أثر ملموس لانعدام الأدوات الفاعلة لحلها والمتمثلة بالاحتياطي من النقد الأجنبي لدى البنك المركزي في عدن.
عقب استنفاذ الوديعة السعودية السابقة التي تم وضعها في البنك المركزي في عدن نهاية العام 2018، منتصف العام 2020، والتي شابها الكثير من الاختلالات والاتهامات بتبديدها، دخلت المناطق الخاضعة تحت سيطرة الحكومة المعترف بها دوليًّا في متاهة كبيرة مع بدء مسلسل انهيار العملة المحلية وانخفاض سعر صرف الريال اليمني أمام الدولار وتجاوزه حاجز 1700 ريال للدولار الواحد، وما رافق ذلك من أزمات في الوقود وارتفاع أسعار السلع الغذائية والاستهلاكية والخدمات العامة، وخروج مسيرات احتجاجية واسعة للتنديد بهذه الأزمات والتقاعس في حلها.
تنفيذ مجموعة كبيرة من الإجراءات والقرارات من قبل الحكومة المعترف بها دوليًّا والبنك المركزي في عدن، وأهمها إيقاف وإغلاق عشرات المحال وشركات الصرافة، لم تحقق أي أثر مع إحكام الصرافين قبضتهم على سوق الصرف وفقدان مركزي عدن، لأهم أداة تمكنه من مواجهة الاضطراب الحاصل في العملة واستعادة دوره في السوق النقدية.
أثناء ذلك كان هناك مطالبات ومفاوضات بدعم اليمن بوديعة سعودية توضع في مركزي عدن، لكن الشوائب التي رافقت الوديعة السابقة كانت حاضرة في كل هذه التحركات، وهو ما جعل هذا الأمر يخضع لسياسات أخرى واشتراطات عديدة وإقالات مسؤولين، بدءًا بمجلس إدارة البنك المركزي في عدن، وهو ما كان في السادس من ديسمبر/ كانون الأول.
اجتمعت في 14 ديسمبر/ كانون الأول، الدول الأربع المتحكمة بالملف اليمني عقب قرار تغيير مجلس إدارة البنك المركزي في عدن، وهي المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية، عبر سفرائها في اليمن، وأصدرت بيانًا حول الوضع الإنساني في البلاد المثخنة بحرب طاحنة منذ سبع سنوات، حيث عبّروا عن قلقهم بشأن الوضع الإنساني الخطير الذي يواجهه الشعب اليمني، مشددين على العلاقة الوطيدة لهذا الوضع بالتصعيد العسكري المستمر، ورفض الحوثيين لوقف إطلاق النار وبالوضع الاقتصادي للبلاد، كما أكدوا أن الجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي تُعدُّ أساسية في تقليص الاحتياجات الإنسانية.
وفي هذا المجال، رحّب سفراء الدول الرباعية بتعيين محافظ للبنك المركزي اليمني، ونائب للمحافظ، وأعضاء إضافيين لمجلس الإدارة، وتكليف جهاز الرقابة والمحاسبة لمراجعة وتقييم أعمال البنك المركزي منذ بدء عمله في العاصمة المؤقتة عدن.
وورد في البيان: “نظرًا لأهمية الاقتصاد للوضع في اليمن، فقد أُخذ بعين الاعتبار أن القيادة القوية للبنك المركزي والمؤسسات المالية هي في غاية الأهمية، وفي هذا المجال، لوحظ أن تعيين هذه الكوادر المؤهلة يمثل خطوة إيجابية إلى الأمام.”
النقطة الأهم في ذلك، تأكيد هذه الدول استعدادها لتقديم دعمٍ للإجراءات الخاصة بتحقيق المزيد من الاستقرار للاقتصاد اليمني، بما في ذلك الالتزام بمواصلة تقديم الدعم الفني، وتدارُس الخيارات المتاحة لزيادة فرص اليمن في الحصول على العملات الصعبة وتسهيل التجارة.
ودعا سفراء الرباعية، الحكومة المعترف بها دوليًّا، إلى استمرار عملية الإصلاحات مؤكدين أهمية الشفافية والمسؤولية في استخدام العائدات المحلية وإدارة التمويل الخارجي.
دعم مرهون
نستشف مما يجري، إلى أي مستوى أصبح أمر الأزمات الاقتصادية وانهيار العملة اليمنية مرهونًا بدعم هذه الدول، فالسعودية ستتكفل بالوديعة، على أن تنفذها بريطانيا، وتضع الإمارات شروط تقديمها، وتراقب أمريكا عملية التنفيذ.
في هذا الخصوص، بحث محافظ البنك المركزي اليمني أحمد غالب المعبقي مع مساعد وزير المالية السعودي عبدالعزيز الرشيد، الأربعاء 22 ديسمبر/ كانون الأول 2021، أوجه التعاون والعلاقة المشتركة بين البلدين في المجالات المالية والاقتصادية.
وفي الوقت الذي أكدت فيه مصادر مطلعة أكدت لـ”خيوط”، أن الاجتماع كان في غاية الأهمية وتم فيه عرض الشروط الاقتصادية والمالية والفنية التي حددتها المملكة العربية السعودية والدول الرباعية لدعم المركزي اليمني بوديعة مالية- خرج محافظ المركزي اليمني في عدن، أحمد غالب المعبقي، ليثمن الدعم المستمر المقدم للبنك المركزي اليمني لتعزيز قدراته الفنية والرقابية، والسيطرة على أسعار الصرف واستقرار الأسعار.
واستعرض المحافظ جملة من الإصلاحات التي تنوي الحكومة اليمنية القيام بها لمعالجة الاختلالات وتعبئة الموارد ورفع كفاءة الإنفاق، إضافة إلى الإصلاحات التي ينوي البنك المركزي القيام بها في المرحلة القادمة، والتي أهمها انتهاج مبادئ الشفافية والحوكمة في جميع أعماله وأنشطته.
كما تم مناقشة أوجه الدعم المختلفة التي من شأنها تحقيق استقرار أسعار الصرف ومستوى الأسعار لتخفيف الأعباء التي يعانيها المواطنون اليمنيون، ومن جانبه أكد سعادة مساعد وزير المالية السعودي أن المملكة ستكون كما كانت دائمًا إلى جانب أشقائها في اليمن في كل المراحل وفي كافة المجالات وفي مقدمتها الجانب الاقتصادي.
الأهم في هذا الجانب، إلى إي مدى يصل مستوى هذه الاشتراطات لتقديم الوديعة، ومن هو التالي في مسلسل الإقالات لوضع الوديعة المالية في البنك المركزي اليمني بعد الإطاحة بمحافظ ومجلس إدارة مركزي عدن، ومحافظ شبوة، محمد صالح بن عديو، والذي اعتذر عن قبول قرار تعيينه مستشارًا للرئيس هادي المعترف به دوليًّا.